فيما تتوالى الشهادات والاعترافات عن مرحلة ما قبل حكم بشار الأسد، خرج الدكتور مفلح الزعبي، نجل رئيس الوزراء السوري الأسبق محمود الزعبي، ليكشف النقاب عن حقائق خطيرة تتعلق بجرائم ارتكبها بشار الأسد قبل أن يتولى السلطة رسميًا في سوريا.
وهذه الكشوفات تأتي بعد شهر من سقوط نظام بشار الأسد وهروبه إلى روسيا، لتضيء على واحدة من أحلك فترات سوريا، حيث تشير المعلومات إلى أن بشار لم يكتفِ بالجرائم التي ارتكبها كرئيس، بل بدأ ممارساته المشبوهة حتى قبل اعتلائه منصب الرئاسة.
التلاعب بصحة حافظ الأسد.. البداية من الداخل
من بين أخطر الجرائم التي كشفها الدكتور مفلح، تورط بشار الأسد في التلاعب بصحة والده حافظ الأسد خلال سنواته الأخيرة. وأوضح أن حافظ، الذي كان يعاني من مرض عصبي وأعراض الزهايمر بين عامي 1998 و1999، اضطر لتناول أدوية خاصة لتحسين توازنه النفسي والعقلي.
غير أن بشار، وفقًا لشهادات الدكتور مفلح، تدخل عمدًا في مواعيد الأدوية وطريقة إعطائها، مما أدى إلى تسريع تدهور حالة والده الصحية.
أخبار تهمك
هذا التدخل لم يكن عشوائيًا، بل هدفه الأساسي كان إضعاف حافظ الأسد والسيطرة على قراراته، خاصة في ظل الأحاديث التي تدور عن دوره المؤثر في إدارة شؤون البلاد في تلك الفترة الحرجة.
مكالمة تكشف التدهور العقلي
من بين اللحظات التي توضح حجم التدهور الذي أصاب حافظ الأسد، ذكر الدكتور مفلح مكالمة هاتفية جرت بين والده محمود الزعبي وحافظ الأسد، والتي سمعها عن طريق الصدفة.
وفي تلك المكالمة، ظهر حافظ في حالة ضعف عقلي واضحة، حيث نسي هوية المتحدث معه وسأله: “من أنت؟” ليجيبه الزعبي: “أنا محمود، رئيس وزرائك!”
هذه الحادثة تؤكد أن التدهور الصحي لحافظ الأسد كان متسارعًا، ويثير الشكوك حول دور بشار في هذا التدهور، خاصة وأنه بدأ في تلك الفترة بالتدخل المباشر في التعيينات والقرارات الحكومية، وهي الصلاحيات التي كانت من اختصاص والده.
الصراع مع الزعبي.. تصفية الخصوم
لم تتوقف تدخلات بشار عند والده فقط، بل امتدت لتشمل تصفية خصومه السياسيين، وأبرزهم محمود الزعبي، رئيس الوزراء الأسبق.
ووفقًا للدكتور مفلح، فإن الصراع بين والده وبشار كان يتمحور حول صفقات النفط والتعيينات الحكومية، حيث كان الزعبي يقف حجر عثرة أمام محاولات بشار لإحكام سيطرته على مفاصل الدولة.
هذا الصراع بلغ ذروته عندما تلقى الزعبي تحذيرًا مباشرًا من ضابط كبير في النظام، الذي نصحه بمغادرة سوريا فورًا، قائلاً: “بشار الأسد يخطط للتخلص منك!” لكن الزعبي رفض الرحيل، ليتم عزله من منصبه لاحقًا، وتجري تصفيته في منزله بضواحي دمشق في مايو 2000، في حادثة أعلن النظام أنها “انتحار”، لكنها أثارت الشكوك حينها، ورجح السوريون أنها عملية اغتيال.
شهر حاسم بين مقتل الزعبي ووفاة الأسد الأب
ما يثير الانتباه أن مقتل الزعبي جاء قبل شهر واحد فقط من وفاة حافظ الأسد في يونيو 2000.
وهذا التسلسل الزمني يطرح تساؤلات عن مدى تورط بشار في ترتيب هذه الأحداث لضمان سيطرته الكاملة على الحكم، خاصة وأن وفاة والده جاءت بعد فترة قصيرة من تصفية أبرز خصومه السياسيين.
التلاعب بصفقات النفط والكذب على الجميع
من بين الجرائم الأخرى التي كشفها الدكتور مفلح، تورط بشار الأسد في التلاعب بصفقات النفط لمنحها لأفراد مقربين منه، وتضليل والده في تفاصيل هذه الصفقات. ووصف بشار بأنه شخص “يكذب حتى على أبيه”، مما جعله شخصية يصعب التعامل معها حتى داخل أروقة النظام.
مرحلة ما قبل الحكم.. صورة بشار الحقيقية
الشهادات التي أدلى بها الدكتور مفلح ترسم صورة قاتمة عن بشار الأسد، الذي لم يقتصر على ارتكاب الجرائم خلال فترة حكمه التي استمرت لأكثر من عقدين،
بل بدأ ممارساته المشبوهة حتى قبل وصوله إلى السلطة. هذا السجل المظلم يعكس طموحه المطلق للسيطرة، والذي لم يتردد في تحقيقه حتى على حساب والده وعائلته.
ما بعد سقوط النظام.. الحقيقة تظهر للسطح
مع سقوط نظام بشار الأسد وهروبه في ديسمبر الماضي، بدأ سيل من المعلومات بالظهور، كاشفًا جرائم وانتهاكات ارتكبتها عائلة الأسد على مدى العقود الماضية.
وهذه المعلومات تقدم صورة أوضح عن طبيعة النظام الذي حكم سوريا، وتفتح الباب أمام المزيد من التساؤلات عن مستقبل البلاد بعد طي صفحة حكم الأسد.
هذه الشهادات، التي تأتي بعد مرور أكثر من عقدين على الجرائم التي كشف عنها الدكتور مفلح، تعكس حجم المأساة التي عاشتها سوريا في ظل حكم عائلة الأسد، وتدعو إلى مراجعة شاملة للمرحلة التي سبقت وأعقبت وصول بشار إلى الحكم.
0 تعليق