شهدت منظومة الثانوية العامة في مصر تغييرات جوهرية على مر العصور، حيث بدأت أولى الخطوات المنظمة عام 1952 بصدور القانون رقم 211، الذي حدد مدة الدراسة الثانوية بثلاث سنوات مقسمة إلى مرحلتين: الإعدادية والثانوية، مع تخصص الطالب خلال المرحلة الثانوية. وفي عام 1981، صدر القانون رقم 139 الذي اشترط الحصول على شهادة إتمام التعليم الأساسي للالتحاق بالثانوية العامة، مع دراسة عامة في الصف الأول الثانوي، ثم اختيار التخصص بدءًا من الصف الثاني.
في عهد الدكتور أحمد فتحي سرور، جرت محاولات لفصل القسمين الأدبي والعلمي، مع إعداد خطة لتحويل الثانوية العامة إلى مرحلة مؤهلة لسوق العمل، لكنها لم تنفذ بسبب التغيير الوزاري. عام 1988، أعيدت الثانوية العامة إلى نظام العام الواحد، حيث كانت الدراسة العامة في الصفين الأول والثاني، مع التخصص في الصف الثالث. ومع تولي الدكتور حسين كامل بهاء الدين وزارة التعليم عام 1991، عاد نظام العامين، لكن ظهرت معه ظاهرة الدروس الخصوصية ونظام تحسين المجموع، الذي سمح للطلاب بإعادة الامتحان لتحسين درجاتهم، ما تسبب في ظهور مجاميع تتجاوز 100%. هذا النظام أُلغي عام 1997 بقرار من رئيس الوزراء كمال الجنزوري بعد جدل واسع.
في مطلع الألفية، أصبح تطوير الثانوية العامة أولوية، وشهد عام 2008 انعقاد المؤتمر القومي لتطوير التعليم برئاسة الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، الذي أوصى بجعل الثانوية شهادة منتهية تعتمد على اختبارات قدرات لدخول الجامعات. في 2011، أعاد مجلس الشعب المنحل صياغة نظام الثانوية العامة ليصبح عامًا واحدًا فقط، كجزء من مشروع قدمته جماعة الإخوان، وبدأ تنفيذه بالكامل في 2015.
في عهد الدكتور محمود أبو النصر، ظهرت رؤى جديدة لتطوير الثانوية العامة، تضمنت تخصيص مواد تمثل 40% من المجموع الكلي لتأهيل الطلاب للتخصصات الجامعية، مع إطلاق مشروع التابلت التعليمي وخط إنتاج محلي له. إلا أن تلك المشاريع توقفت بسبب التغييرات السياسية المستمرة بعد ثورة 30 يونيو 2013.
عند تولي الدكتور طارق شوقي الوزارة، جرى تطبيق نظام جديد للثانوية العامة يعتمد على التقييم الإلكتروني والتابلت، بهدف تقليل ظاهرة الغش وتحقيق تقييم أكثر عدالة. واجه هذا النظام تحديات كبيرة، أبرزها ضعف البنية التحتية التكنولوجية وصعوبات التنفيذ.
مع تولي الدكتور رضا حجازي وزارة التربية والتعليم، ركز على تحسين نظام الثانوية العامة ومعالجة مشكلات البنية التحتية التي واجهها النظام الإلكتروني. كما عمل على تطوير سياسات التعليم بالتعاون مع المجتمع، مع الحفاظ على العدالة التعليمية وتقديم فرص متعددة للطلاب لتحسين مستواهم الأكاديمي.
ثانوية عبد اللطيف
ومنذ أن جاء محمد عبد اللطيف، لتولي وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، في 3 يوليو عام 2024، وأحدث ثورة في التعليم المصري وبخاصة في منظومة الثانوية العامة، حيث قرر فجأة إعادة هيكلة الثانوية العامة، طبقًا للمعايير العالمية؛ لإتاحة الفرصة للمعلم لتقديم عملية تعليمية جيدة داخل الفصل، بعدد ساعات معتمدة للمواد الأساسية، ويكون لديه الفرصة والوقت لتدريس المحتوى، وكذلك تنمية مهارات الطلاب، والانتهاء من المنهج فى الوقت المخصص.
وقرر عبد اللطيف، تقليل عدد المواد الدراسية، لطلاب الصف الأول الثانوى من 10 إلى 6 مواد، وشملت المواد الجديدة( اللغة العربية واللغة الإنجليزية ومادة التاريخ والرياضيات والعلوم المتكاملة والفلسفة والمنطق، حيث أن العلوم المتكاملة تشمل ضم مادتى الكيمياء والفيزياء في مادة واحدة)..حيث كان الوضع السابق يدرس الطلاب (32) مقررا في ثلاث سنوات، أما الوضع الحالى فيتم دراسة (6) مقررات دراسية فقط داخل المجموع فى كل من الصفين الأول والثاني الثانوى، والدراسة بالصف الثالث الثانوي (الشهادة الثانوية العامة) (5) مواد داخل المجموع، وزيادة المدة التدريسية لكل مادة لتصل إلى المعدلات العالمية.
وارتكزت إعادة الهيكلة لمنظومة الثانوية العامة التي طبقت لأول مرة العام الدراسي الجاري 2024/2025، علي إعادة صياغة وتوزيع المحتوى المعرفي تهدف في نظامها الجديد إلى التأكيد على الهوية الوطنية من خلال تأصيل دراسة تاريخ مصر، وتضمين الموضوعات القومية بالمناهج، إضافة إلى التأكيد على إكساب الطلاب المهارات اللازمة لسوق العمل، مع التأكيد والتركيز على دراسة لغة أجنبية واحدة وأساسية وزيادة عدد الحصص المقررة لها للعمل على إتقانها، وقبل كل ذلك استعادة الدور التربوي للمدرسة.
* البكالوريا المصرية
نسف منظومة الثانوية العامة برمتها، في عهد وزير التعليم الحالي، حيث اعلن محمد عبد اللطيف، سعي الوزارة لتطبيق نظام شهادة البكالوريا المصرية "بديل الثانوية العامة"، والمقرر تطبيقه العام الدراسي القادم 2025/2026 م، علي الطلاب الذين يدخلون الصف الأول الثانوى العام المقبل.
أعلن محمد عبداللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، عن نظام جديد للثانوية العامة تحت اسم "البكالوريا المصرية"، ومن المقرر تطبيقه على طلاب الصف الأول الثانوي اعتبارًا من العام الدراسي المقبل. يعتمد النظام الجديد على تقسيم الدراسة إلى مرحلتين؛ الأولى هي المرحلة التمهيدية وتشمل الصف الأول الثانوي، والثانية هي المرحلة الرئيسية التي تشمل الصفين الثاني والثالث الثانوي.
في المرحلة التمهيدية، يدرس الطالب جميع المواد الأساسية، مثل التربية الدينية، اللغة العربية، التاريخ، الرياضيات، العلوم المتكاملة، الفلسفة والمنطق، واللغة الأجنبية الأولى، بالإضافة إلى مواد خارج المجموع مثل اللغة الأجنبية الثانية والبرمجة وعلوم الحاسب.
أما المرحلة الرئيسية، التي تبدأ في الصف الثاني الثانوي، فسيتم خلالها دراسة المواد الأساسية لجميع الطلاب، وهي اللغة العربية، التاريخ، واللغة الأجنبية الأولى، إلى جانب المواد التخصصية التي يختارها الطالب وفقًا لتوجهه المستقبلي. الخيارات المتاحة تشمل تخصص الطب وعلوم الحياة (الرياضيات/ الفيزياء)، تخصص الهندسة وعلوم الحاسب (الكيمياء/ البرمجة)، تخصص الأعمال (محاسبة/ إدارة أعمال)، وتخصص الآداب والفنون (علم النفس/ لغة أجنبية ثانية). يدرس الطالب في هذه المرحلة أربع مواد فقط؛ ثلاث مواد أساسية بالإضافة إلى مادة التخصص.
في الصف الثالث الثانوي، يدرس الطلاب مادة أساسية واحدة وهي التربية الدينية، بالإضافة إلى مواد التخصص التي تختلف حسب اختيار الطالب. على سبيل المثال، يدرس طلاب تخصص الطب وعلوم الحياة الأحياء والكيمياء بمستوى رفيع، بينما يدرس طلاب الهندسة وعلوم الحاسب الرياضيات والفيزياء بمستوى رفيع. طلاب تخصص الأعمال يدرسون الاقتصاد بمستوى رفيع إلى جانب الرياضيات، في حين يدرس طلاب الآداب والفنون الجغرافيا بمستوى رفيع مع الإحصاء.
نظام الامتحانات يتيح للطلاب فرصتين للامتحان في الصف الثاني الثانوي؛ الأولى تُعقد في شهر مايو بشكل مجاني، والثانية للتحسين تُعقد في شهر يوليو، مع دفع رسوم 500 جنيه عن كل مادة يتم تحسينها. أما امتحانات الصف الثالث الثانوي، فتُجرى في شهري يونيو وأغسطس بنفس النظام.
المجموع النهائي للطالب يُحسب بجمع درجاته في المواد السبع التي يدرسها خلال المرحلة الرئيسية، بإجمالي 100 درجة. ويُسمح للطلاب باستكمال الدراسة في المرحلتين الرئيسيتين (الصفين الثاني والثالث الثانوي) خلال مدة أقصاها أربع سنوات، بخلاف السنة التمهيدية في الصف الأول الثانوي.
النظام الجديد يهدف إلى تعزيز مرونة التعليم، وتمكين الطلاب من التخصص في مجالات محددة تناسب اهتماماتهم وقدراتهم، مما يساهم في إعدادهم بشكل أفضل لسوق العمل أو الدراسة الجامعية.
0 تعليق