منذ سنوات، يواصل فيروس "نورو" (Norovirus) انتشاره بسرعة ليصبح أحد أكثر الفيروسات المسببة للإصابات في الجهاز الهضمي، مُتسببًا في مشاكل صحية حادة للأفراد حول العالم، يعتبر هذا الفيروس سببًا رئيسيًا للإسهال والقيء الحاد، خاصة في فترات الشتاء، ما يُفسر تسميته بـ “فيروس القيء الشتوي”، ورغم أن أغلب الحالات لا تتسم بالخطورة الشديدة، إلا أن سرعة انتشاره وأعراضه المزعجة تجعله من الفيروسات التي تثير قلق المؤسسات الصحية على مستوى العالم.
فما هو هذا الفيروس؟ وكيف ينتشر؟ وما هي طرق الوقاية منه؟
ما هو فيروس "نورو"؟
حسب تعريف المؤسسة الوطنية للأمراض المعدية المملكة المتحدة فإن فيروس "نورو" هو فيروس شائع ومعدٍ للغاية ويسبب التهابًا في المعدة والأمعاء، وهي حالة تعرف باسم التهاب المعدة والأمعاء، ويمكن العدوى بفيروس النوروفيروس من شخص مصاب، أو طعام أو ماء ملوث، أو عن طريق لمس الأسطح الملوثة.
ويُعد النوروفيروس أحد أكثر أسباب التسمم الغذائي المعدي انتشارًا، ويصيب هذا الفيروس الأشخاص عبر الطعام أو الماء الملوث، أو عن طريق الاتصال المباشر مع شخص مريض أو أسطح ملوثة، وعُرف هذا الفيروس في المقام الأول بنزلاته المعوية الشديدة، والتي تشمل أعراضًا كالقيء والإسهال المائي، وتشنجات وآلام في البطن.
أعراض فيروس "نورو"
العدوى بفيروس "نورو" تبدأ عادة بعد فترة تتراوح بين 12 إلى 48 ساعة من التعرض للفيروس، وتبدأ الأعراض بالظهور بشكل مفاجئ، وتشمل هذه الأعراض:
- القيء الحاد والمتكرر.
- الإسهال المائي.
- آلام شديدة في البطن.
- الغثيان.
- في بعض الحالات، قد تظهر أعراض أخرى مثل الحمى الخفيفة، الصداع، وآلام الجسم.
هذه الأعراض قد تستمر عادة من 24 إلى 72 ساعة، ورغم أنها لا تشكل تهديدًا مباشرًا للحياة في الغالب، إلا أنها تُسبب تعبًا شديدًا وتعرض الشخص لخطر الجفاف، خصوصًا في الفئات الضعيفة مثل الأطفال الصغار وكبار السن.
وتشير بيانات مركز السيطرة على الأمراض بالمملكة المتحدة أنه قد تشكل سلالة جديدة من فيروس النوروفيروس الآن غالبية حالات تفشي المرض في جميع أنحاء المملكة، وفقًا لبيانات من مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، أن ظهور السلالة الجديدة قد انتشرت في جميع أنحاء البلاد وعلى متن السفن السياحية، يقدم تفسيرا محتملا للموجة الحادة من العدوى الناجمة عن جرثومة المعدة في الشهر الماضي.
وقد أثبتت عينات من المرضى في ما يقرب من 7 من كل 10 حالات تفشي لفيروس نوروفيروس أنها إيجابية بالنسبة للسلالة الجديدة حتى الآن هذا الموسم، وفقًا لبيانات من شبكة من مختبرات الصحة العامة تسمى CaliciNet.
التأثير العالمي لفيروس "نورو"
تزداد حالات الإصابة بفيروس "نورو" بشكل ملحوظ خلال فصول الشتاء، ويعود السبب في ذلك إلى تزايد الاختلاط بين الأفراد في الأماكن المغلقة.
في المملكة المتحدة، شهدت السنوات الأخيرة زيادة بنسبة 40% في حالات الإصابة بالفيروس مقارنة بالأعوام السابقة، مما دفع السلطات الصحية إلى تحذير المواطنين بضرورة اتباع إجراءات الوقاية بحذر شديد، كما أكدت دراسة أُجريت في مركز الصحة العامة البريطاني أن الفيروس مسؤول عن 7000 حالة من حالات التسمم الغذائي سنويًا في البلاد فقط.
وفي الولايات المتحدة، يؤثر الفيروس سنويًا على ملايين الأشخاص، حيث تتراوح تقديرات الإصابات بين 19 و21 مليون شخص، وعلى الرغم من أن الفيروس عادةً ما يتسبب في أعراض مؤقتة، إلا أن العبء الصحي والاقتصادي الناجم عن غياب الأشخاص عن العمل والمدارس يُعتبر كبيرًا.
الفئات الأكثر عرضة للإصابة
تؤكد الدراسات أن الأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، بالإضافة إلى كبار السن والأطفال، هم الأكثر عرضة لخطر الإصابة بمضاعفات خطيرة جراء فيروس "نورو". في الحالات النادرة، قد يؤدي الفيروس إلى إصابة الأفراد بالجفاف الحاد، الذي قد يتطلب علاجًا في المستشفى. لذلك، من الضروري أن يكون هناك اهتمام خاص بالمرضى في هذه الفئات، خاصة في حالة ارتفاع معدلات القيء والإسهال.
طرق الوقاية من فيروس "نورو"
على الرغم من أن الفيروس شديد العدوى ويصعب تجنبه تمامًا، إلا أن هناك العديد من الإجراءات الوقائية التي يمكن اتباعها للحد من انتشاره:
- غسل اليدين بشكل مستمر: يُعد غسل اليدين بالماء والصابون هو الوسيلة الأكثر فاعلية لمنع انتقال العدوى، إذ يجب على الأشخاص غسل أيديهم جيدًا بعد استخدام الحمام أو التعامل مع الأطعمة.
- تنظيف الأسطح بشكل منتظم: يجب تطهير الأسطح بشكل دوري، خاصة في المنازل والمطاعم، حيث يمكن أن يبقى الفيروس على الأسطح لعدة أيام.
- الابتعاد عن الأشخاص المصابين: يُنصح بتجنب الاختلاط مع الأشخاص الذين يعانون من أعراض الفيروس، والابتعاد عن الأماكن المزدحمة مثل المدارس أو دور الرعاية الصحية أثناء فترات التفشي.
- تجنب تناول الأطعمة الملوثة: من الأفضل تجنب تناول الأطعمة النيئة مثل المحار، والتأكد من تنظيف الفواكه والخضروات جيدًا قبل تناولها.
- الإبلاغ عن حالات العدوى: في المؤسسات مثل دور رعاية المسنين أو المدارس، يجب الإبلاغ عن أي حالة مشتبه بها بشكل فوري لتجنب تفشي المرض.
وعلى الرغم من أن فيروس "نورو" ليس غالبًا مميتًا، إلا أنه يُسبب أضرارًا صحية كبيرة بسبب تأثيراته الحادة وسرعة انتشاره، وبينما تظل الوقاية من العدوى هي الحل الأمثل لمكافحة هذا الفيروس، فإن الوعي العام حول طرق الوقاية والتعامل مع الفيروس يشكل الخطوة الأولى للحد من انتشاره، ومع مرور الوقت، وتزايد حالات الإصابة، يبدو أن الجهود الجماعية تتطلب تعاونًا دوليًا لمكافحة هذه العدوى التي لا تميز بين الشخصيات أو الأماكن.
0 تعليق