جاءت بيانات الوظائف الأميركية أقوى من المتوقع، مما يعزز احتمالية تثبيت بنك الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة في اجتماعه الأول لهذا العام في يناير، أو في المستقبل القريب.
وقال رئيس استراتيجية أسعار الفائدة الأميركية في «RBC Capital Markets»، بليك جوين، إن خفض الفائدة في يناير كان شبه مستبعد بالفعل قبل هذا التقرير. ونتطلع إلى تقرير مارس قبل الاجتماع الثاني لـ «الاحتياطي الفدرالي» لعام 2025.
وأضافت ليزلي فالكونيو، من إدارة الثروات العالمية في «UBS»: «لم يعد السؤال هو ما إذا كان (الاحتياطي الفدرالي) سيتوقف عن خفض الفائدة»، وفق ما نقله موقعYahoo Finance واطلعت عليه «العربية Business».
وتابعت: «من المستبعد جدًا أن يقوموا بخفض الفائدة في مارس، إلا إذا حدث انهيار حقيقي في تقرير التضخم الأسبوع المقبل».
وتوقع مسح أجرته وكالة بلومبرغ تباطؤ التضخم الأساسي في الولايات المتحدة الأميركية خلال ديسمبر 2024، مما يعزز التوقعات بأن بنك الاحتياطي الفدرالي سيخفف من وتيرة خفض الفائدة بشكل أكبر.
ووفق الاستطلاع، فمن المتوقع أن يرتفع مؤشر أسعار المستهلكين الأساسي، الذي يستثني الغذاء والطاقة، بـ 0.2 بالمئة على أساس شهري في ديسمبر، وذلك بعد 4 أشهر متتالية من الارتفاع بنسبة 0.3 بالمئة.
كما يُتوقع أن يسجل التضخم الأساسي ارتفاعاً بـ 3.3 بالمئة على أساس سنوي، وهي نفس النسبة التي تم تسجيلها خلال الأشهر الثلاثة السابقة لديسمبر.
كان مسؤولو «الاحتياطي الفدرالي» قلقين بالفعل من مؤشرات على استمرار التضخم المستعصي، مشيرين إلى ذلك كسبب للتحرك بحذر هذا العام، إلى جانب توقعات بأن السياسات التجارية والهجرة للإدارة الجديدة بقيادة ترامب قد تضيف ضغوطًا تصاعدية على الأسعار.
ويشار إلى أن الأدلة الجديدة على قوة الاقتصاد ستجعل من الصعب على «الاحتياطي الفدرالي» تبرير أي تيسير إضافي بالسياسة النقدية في المستقبل القريب.
وأظهرت البيانات الصادرة عن مكتب إحصاءات العمل، يوم الجمعة، أن الاقتصاد الأميركي أضاف 256 ألف وظيفة جديدة في ديسمبر، وهو أكثر بكثير من التوقعات البالغة 165 ألفا، وأعلى من 212 ألفا سجلت في نوفمبر.
وانخفض معدل البطالة إلى 4.1 بالمئة مقارنة بـ 4.2 بالمئة في نوفمبر، وسجل شهر ديسمبر أعلى زيادة شهرية في الوظائف منذ مارس 2023.
قبل تقرير الوظائف الصادر يوم الجمعة، كانت الأسواق تتحسب لفرصة بنسبة 5 بالمئة فقط لخفض الفائدة في اجتماع «الفدرالي» الشهر الجاري، وفقًا لأداة «FedWatch» الصادرة عن «CME».
وانخفضت تلك الفرص بشكل أكبر بعد التقرير، كما انخفضت احتمالات خفض الفائدة في اجتماع مارس إلى 25 بالمئة.
وقال العديد من مسؤولي «الاحتياطي الفدرالي» في الأيام التي سبقت هذا التقرير إنهم أصبحوا أكثر حذرًا بشأن أي تخفيضات مستقبلية لأسعار الفائدة.
وقالت عضوة مجلس محافظي «الاحتياطي الفدرالي»، ميشيل بومان، يوم الخميس، إنها كانت قد دعمت خيار التوقف عن خفض أسعار الفائدة الشهر الماضي، مشيرة إلى كل من التضخم وقوة الاقتصاد الأميركي، ودعمت التخفيض الأخير الشهر الماضي، لكونه «الخطوة الأخيرة» في إعادة ضبط السياسة للبنك المركزي.
وقال رئيس «الاحتياطي الفدرالي» في «كانساس سيتي»، جيف شميت، وهو عضو يتمتع بحق التصويت هذا العام، يوم الخميس: «أعتقد أننا قريبون من النقطة التي لا يحتاج فيها الاقتصاد إلى تقييد أو دعم، وينبغي أن تكون السياسة محايدة».
وأضاف شميت أنه يؤيد تعديل أسعار الفائدة «بشكل تدريجي»، مشيرًا إلى أن قوة الاقتصاد تسمح للاحتياطي الفدرالي بالتحلي بالصبر.
وفي الوقت نفسه، دعت رئيسة «الاحتياطي الفدرالي» في بوسطن، سوزان كولينز، وهي عضوة أخرى تتمتع بحق التصويت هذا العام، إلى اتباع نهج تدريجي.
واتفق جميع مسؤولي «الاحتياطي الفدرالي» تقريبًا في اجتماع الشهر الماضي على أن المخاطر الصعودية للتضخم زادت جزئيًا بسبب التأثيرات المحتملة للتغيرات المتوقعة في السياسات التجارية والهجرة، وفقًا لمحضر الاجتماع الصادر يوم الأربعاء.
وفي ديسمبر، خفض مسؤولو «الاحتياطي الفدرالي» تقديراتهم لخفض أسعار الفائدة في 2025 من 4 مرات إلى مرتين فقط، بسبب مخاوف التضخم المرتفعة.
وسيولي مسؤولو البنك المركزي اهتمامًا كبيرًا ببيانات التضخم الجديدة أثناء استعدادهم للاجتماع المقبل في 28 - 29 يناير، بعد تنصيب ترامب رئيسًا في 20 منه.
يُذكر أن مسؤولي بنك الاحتياطي الفدرالي أفادوا في ديسمبر بأنهم يعتزمون خفض سعر الفائدة مرتين فقط عام 2025، وهو موقف أكثر حذراً مقارنة بتوقعاتهم في سبتمبر الماضي.
ويتوقع المستهلكون الأميركيون ارتفاع التضخم على مدار الأشهر الاثني عشر المقبلة وما بعدها، وهو ما يعكس على الأرجح المخاوف من أن الرسوم الجمركية واسعة النطاق على الواردات التي تعهدت بها إدارة الرئيس ترامب القادمة قد ترفع الأسعار، وفقاً لوكالة رويترز.
وأظهر مسح جامعة ميشيغان أن توقعات التضخم السنوية للمستهلكين قفزت إلى 3.3 بالمئة في يناير، وهو أعلى مستوى منذ مايو، من 2.8 بالمئة في ديسمبر.
ووفق تقرير أسواق النقد الأسبوعي الصادر عن بنك الكويت الوطني، سلّط محضر اجتماع مجلس «الاحتياطي الفدرالي»، الذي عُقد في ديسمبر، الضوء على المخاوف المتعلقة بالتضخم وحالة عدم اليقين المحيطة بسياسات التجارة والهجرة المحتملة للرئيس ترامب.
وفي إطار هذا الاجتماع، خفضت اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة سعر الفائدة القياسي إلى نطاق 4.25 بالمئة - 4.5 بالمئة، مع الإشارة إلى تبنّي وتيرة أبطأ للتخفيضات المستقبلية. وقد أدى هذا التوجه إلى تقليص توقعات خفض سعر الفائدة لعام 2025 إلى 2 من أصل 4 تخفيضات محتملة.
وفي ظل وصول معدل التضخم الأساسي إلى 2.4 بالمئة في نوفمبر، مدفوعاً بالإنفاق الاستهلاكي القوي واستقرار سوق العمل، شدد صانعو السياسة على اتّباع نهج حذر يعتمد على البيانات، كما توقعوا أن يعود التضخم تدريجياً إلى المستوى المستهدف البالغ 2 بالمئة بحلول عام 2027، مشيرين إلى استمرار المخاطر على المدى القريب والحاجة إلى مراقبة الأوضاع عن كثب قبل إدخال المزيد من التغييرات على السياسات الاقتصادية.
قطاع الخدمات
وقد سجل قطاع الخدمات الأميركي نمواً بوتيرة متسارعة في ديسمبر الماضي، إذ ارتفع مؤشر مديري المشتريات غير التصنيعي الصادر عن معهد إدارة التوريدات إلى 54.1 مقابل 52.1 في نوفمبر، متجاوزاً توقعات الاقتصاديين التي رجحت تسجيله 53.3. وفي إشارة إلى تصاعد الضغوط التضخمية، قفز مؤشر الأسعار المدفوعة للمدخلات إلى 64.4 نقطة، وصولاً إلى أعلى مستوياته المسجلة منذ فبراير 2023. وتتسق هذه التطورات مع توقعات «الاحتياطي الفدرالي» بخفض أسعار الفائدة هذا العام، مع استمرار الإقرار بمرونة الاقتصاد والضغوط التضخمية.
كما أشار استطلاع معهد ادارة التوريدات إلى زيادة الطلبات الجديدة والنشاط التجاري، مما يعكس قوة الطلب في السوق. وعلى خلفية هذه المؤشرات الاقتصادية، سجلت عائدات سندات الخزانة الأميركية ارتفاعاً ملحوظاً، إذ وصلت عائدات السندات لأجل 10 سنوات إلى أعلى مستوياتها المسجلة في 8 أشهر، في تأكيد على قوة الاقتصاد الأميركي. كذلك، ارتفع الدولار مقابل العملات الرئيسية الأخرى.
الوظائف الشاغرة
ارتفعت فرص العمل في نوفمبر 2024 بمقدار 259 ألف وظيفة، لتصل إلى 8.1 ملايين فرصة عمل متجاوزة توقعات السوق البالغة 7.7 ملايين ومتخطية الرقم المنقح لشهر أكتوبر البالغ 7.84 ملايين فرصة عمل.
وتركزت المكاسب في قطاعات الخدمات المهنية والتجارية (+273 ألفا)، والتمويل والتأمين (+105 آلاف)، وخدمات التعليم الخاص (+38 ألفا)، بينما شهد قطاع المعلومات انخفاضاً حاداً (-89 ألفا).
أما على المستوى الإقليمي، تصدرت مناطق الجنوب (+194 ألفا)، والشمال الشرقي (+49 ألفا)، والغرب (+32 ألفا) في خلق فرص العمل، في حين سجل الغرب الأوسط تراجعاً بسيطاً (-16 ألفا).
في المقابل، استقرت معدلات التوظيف وإنهاء الخدمة عند 5.3 ملايين و5.1 ملايين، على التوالي، بينما انخفض معدل استقالة الموظفين بمقدار 218 ألفا، ليصل إلى 3.1 ملايين، وبلغت معدلات تسريح الموظفين 1.8 مليون.
تقرير الوظائف غير الزراعية
ظل سوق العمل الأميركي قوياً في ديسمبر، إذ ارتفعت الوظائف غير الزراعية بمقدار 256.000، متجاوزة التوقعات البالغة 150.000 ومتوسط النمو الشهري لعام 2024 البالغ 186.000. وانخفض معدل البطالة إلى 4.1 بالمئة، متفوقاً على التوقعات البالغة 4.2 بالمئة، ليسجل بذلك 7 أشهر من الاستقرار ضمن نطاق 4.1 بالمئة -4.2 بالمئة. من جهة أخرى، حافظ معدل المشاركة في القوى العاملة على مستواه عند 62.5 بالمئة بما يتسق مع المستويات المسجلة منذ أواخر عام 2023. وعلى صعيد الأجور، ارتفع النمو الشهري بنسبة 0.3 بالمئة، بما ينسجم مع التوقعات، في حين شهد النمو السنوي للأجور تراجعاً هامشياً إلى 3.9 بالمئة مقابل 4.0 بالمئة الشهر السابق.
وأنهى مؤشر الدولار تداولات الأسبوع مغلقاً عند مستوى 109.64.
0 تعليق