حوافز الشركات وقانون الضريبة على مجموعة الكيانات المتعددة الجنسيات

الكويت 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

صدر أخيراً قانون الضريبة على مجموعة الكيانات متعددة الجنسيات رقم 2024/157 لفرض الضريبة على بعض الشركات الكويتية والأجنبية الكبرى التي تتجاوز إيراداتها 240 مليون دينار والتي تعمل في أكثر من دولة، بحيث تُفرض ضريبة بمعدل فعلي يساوي 15 في المئة. وعلى الرغم من أن إقرار هذا القانون يمثل خطوة في الاتجاه الصحيح لسببين: الأول أن إقرار القانون جاء متوافقًا مع التوجه الدولي لمعالجة الثغرات في القانون الضريبي الدولي التي تسمح للشركات العالمية بتجنب الضريبة والحد من التنافس الضريبي بين الدول، والثاني أن هذا القانون من المتوقع أن يحقق إيرادات عامة إضافية تُقدّر بمبلغ 250 مليون دينار سنويًا، وفقًا لتوقعات وزارة المالية الرسمية. ولولا إقرار هذا القانون، لكانت هذه الحصيلة ستكون من نصيب دول أخرى، وذلك وفقًا لاتفاق الحد الأدنى العالمي للضريبة الذي تم توضيح أحكامه في دراسة سابقة نُشرت في جريدة «الجريدة».

ومع التأكيد على ما سبق، إلا أن ذلك لا يعني أن القانون قد خلا من المثالب. وأركّز في هذه الدراسة على خلو القانون من الحوافز الضريبية. الحقيقة أن الحوافز الضريبية تُعد من العناصر المهمة التي تدرسها الشركات العالمية جيدًا قبل اتخاذ قرار ممارسة النشاط والاستثمار في دولة ما، بل وتزداد أهمية الحوافز الضريبية في الأسواق المشتركة والتجمعات الإقليمية. وبمراجعة القوانين والأنظمة الصادرة من دول الخليج العربية، يتبيّن أن غالبية الدول كانت تتنافس فيما بينها على تقديم الحوافز الضريبية في الفترة ما بين بداية التسعينيات حتى عام 2016 تقريبًا.

وبالرجوع إلى قانون الضريبة على مجموعة الكيانات متعددة الجنسيات، فمن الملاحظ أن القانون قد خلا من جميع أنواع الحوافز الضريبية. وإضافةً إلى ذلك، تنص المادة 12 من القانون على: «ولا تسري أي إعفاءات ضريبية على هذه الضريبة»، وهو ما يُفهم منه أنه رغم النص على إعفاءات ضريبية في عدد من القوانين - كقانون تشجيع الاستثمار المباشر رقم 2013/116، وقانون الشراكة بين القطاع العام والخاص رقم 2014/116، والقانون التنظيم الصناعي الموحد لدول مجلس التعاون الخليجي رقم 23/2014 - إلا أن هذه الإعفاءات لا تسري على الضريبة المقررة وفقًا لأحكام قانون الضريبة على مجموعة الكيانات متعددة الجنسيات رقم 2024/157.

وإن كنتُ أتفهم سبب النص المشار إليه أعلاه بخصوص الإعفاء من الضريبة كليًا أو جزئيًا – والذي سأشرحه لاحقًا في هذه المقالة – إلا أنني لا أعلم يقينًا سبب عدم ذكر أنواع أخرى من الحوافز الضريبية. وقد يرجع ذلك إلى الفهم غير الدقيق لقواعد اتفاق الحد الأدنى العالمي للضريبة الذي تم الاتفاق عليه تحت مظلة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. فوفقًا للقواعد، يجب أن تُفرض ضريبة بمعدل فعلي يساوي 15 في المئة على الكيانات المحددة بقواعد اتفاق الحد الأدنى العالمي للضريبة. ويؤثر على حساب المعدل الفعلي وعاء الضريبة والحوافز الضريبية الممنوحة. لذا، تؤثر الحوافز الضريبية على حساب المعدل الفعلي كقاعدة عامة. وفي حال كانت الحوافز الممنوحة تؤدي إلى خفض معدل الضريبة عن المعدل الفعلي المشار إليه، فسيؤدي ذلك إلى إمكانية تدخل دول أخرى وفرض ضريبة بالقدر الذي يرفع الضريبة إلى الحد الأدنى المتفق عليه.

اتفاق الحد الأدنى العالمي للضريبة تم تصميمه لمواجهة احتمالية تراجع إحدى الدول عن تطبيقه دون المساس - بشكل مباشر على الأقل - بسيادة الدولة. فعدم فرض الضريبة أو فرض ضريبة بمعدل أقل من المتفق عليه يُفسح المجال للدول الأخرى لفرض الضريبة بالقدر الذي يرفعها إلى المعدل المتفق عليه. لذلك، تحرص الدول على فرض الضريبة بشكل يتوافق مع قواعد حساب المعدل الفعلي، وبما لا يترك مجالًا للدول الأخرى لفرض ضريبة على أي جزء من الدخل لم يتم فرض ضريبة عليه.

وبالرجوع إلى الحوافز الضريبية، فقد سبق أن أثير موضوع الحوافز الضريبية - والتي تشمل في مفهومها الإعفاء الكلي أو الجزئي من الضريبة، وخفض معدلات الضريبة، ومنح دعوم نقدية مباشرة، والائتمانات الضريبية، وغيرها من أنواع الحوافز - وما إذا كانت جميع الحوافز الضريبية تتعارض مع قواعد الحد الأدنى العالمي للضريبة. وبعبارة أخرى، أثير السؤال التالي: هل جميع الحوافز الضريبية غير مسموح بها وفقًا لاتفاق الحد الأدنى العالمي للضريبة؟

الإجابة المختصرة: لا. فوفقًا للنشرات التفسيرية التي أصدرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بخصوص تطبيق قواعد اتفاق الحد الأدنى العالمي للضريبة، لن تتأثر فاعلية جميع أنواع الحوافز الضريبية بذات القدر بالحد الأدنى العالمي للضريبة. فالأثر يعتمد على تقليل الحوافز لمعدل الضريبة الفعلي المتفق عليه. فبعض الحوافز تعمل، وبشكل أساسي، على تخفيض الضريبة الواجب دفعها بشكل دائم من الضريبة المستحقة، مثل الإعفاءات الضريبية الكلية والجزئية وخفض المعدلات الضريبية. هذا النوع من الحوافز هو الأكثر تأثرًا بقواعد الاتفاق لأنه يعمل على خفض معدل الضريبة الفعلي، لذا لا أنصح بتطبيق هذا النوع من الحوافز.

أما الأنواع الأخرى التي لا تعمل على خفض الضريبة الواجب دفعها بشكل دائم، فهي لا تزال مسموحة. وهذا يعني أنه لا تزال هناك سعة لمنح بعض أنواع الحوافز الضريبية. لذا، أقترح دراسة أنواع الحوافز الضريبية المسموح بها وفقًا لقواعد اتفاق الحد الأدنى العالمي للضريبة، واختيار ما يتناسب مع السياسة الضريبية في الكويت، مع الأخذ في الاعتبار التنافس بين دول المنطقة على استقطاب الشركات الكبرى، ودراسة العوائد الإيجابية التي ستعود على الدولة مقابل منح الحوافز الضريبية.

* د. سارة خالد السلطان

عضو هيئة تدريس بكلية الحقوق بجامعة الكويت، متخصصة في القوانين الضريبية والمالية

أخبار ذات صلة

0 تعليق