كيف حرك «خليجي 26» 9 قطاعات اقتصادية مختلفة؟

الكويت 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في الوقت الذي تحركت 9 قطاعات تجارية واقتصادية بنسب متفاوتة من نقطة إشغال متوسطة، إلا أنّ بين القطاعات 8 خاملة بنسبة أقل من 20 بالمئة على مدار العام، وتعاني ارتفاع الأكلاف.

ولعل نجاح «خليجي 26» ليس فقط فرصة لتعزيز مكانة الكويت كوجهة رياضية دولية في استضافة كأس آسيا 2031، لكنّه فرصة لاستضافة معسكرات تدريب آسيوية أو دولية على مدار العام، وكذلك نقطة تحوّل لاستضافة المؤتمرات الدولية المتخصصة في القضايا الاقتصادية التي يمكن أن تستفيد من الكويت من زوايا كثيرة، من خلال مشاركة كبريات البنوك الاستثمارية والمصرفية حول العالم، والتي تكون فرصة لنقاشات وتبادل أفكار وخبرات واستعراض فرص متبادلة، فصناعة الأحداث والمؤتمرات والفعاليات تتخطى تأثيراتها الحدود والحواجز الضيقة للفعالية.

ومن شأن هذه الاستضافة أيضاً تحفيز قطاع الأعمال بمختلف قطاعاته وتخصصاته، بما يضمن حدا أدنى من التشغيل، ويحفز ويعزز روح ريادة الأعمال من شركات صغيرة ومتوسطة تخطو نحو تحقيق معدلات نمو جيدة تساعدها على الاستدامة كخطوة أساسية، ثم النمو والتوسع، ثم استيعاب عمالة وطنية عبر خلق بعض الفرص، ويترتب على ما سبق زيادة في النمو الاقتصادي عموماً.

تجربة بطولة كأس الخليج، برغم محدودية عدد المشاركين التي تمثلت في 8 دول، فإن الآثار والتبعات المعنوية ونجاح الخطط التنظيمية فاقت المكاسب الاقتصادية التي تحققت أيضاً، لكن في المقابل من وجهة نظر استثمارية وتجارية، كانت البطولة بمنزلة اختبار ضغط للقدرة على الاستيعاب والخروج بنتائج إيجابية، وفي ذات الوقت الكفاءة في تلبية كل المتطلبات وتوفير الاحتياجات والمستلزمات لأعداد كبيرة تدفقت على السوق المحلي فوق الطاقة الطبيعية، والتي تزامنت في موسم التشغيل للدراسة والأعمال بالطاقة القصوى، أي خارج نطاق فترات الصيف والإجازات.

ووفقا لقائمة المستفيدين على الصعيد الاقتصادي والتجاري الذين استفادوا من الحدث الرياضي الأبرز، حسب مصادر رصدت تفاصيل الحدث، فإن القائمة تضم القطاعات التالية: الطيران، الفنادق والعقار الاستثماري، المطاعم والأغذية، الاتصالات، النقل، الأسواق التجارية ومبيعات التجزئة، البنوك، الإعلام والإعلان، الصحة، وتحت هذه القطاعات قطاعات أخرى مزودة لها بالمواد الخام، وبالتالي السلسلة مطولة وموسعة، والآثار تمتد في شرايين مختلفة بجسم الاقتصاد.

ولعل من أهم مكاسب النشاط الاقتصادي لأكثر من قطاع في الوقت ذاته، النمو الجماعي المتوازي لعدد من القطاعات بشكل متوازن، مما يحقق نشاطا عاما في مختلف الأنشطة، دون نشاط لقطاع وركود لآخر، فتختل كفة التوازن نتيجة تشغيل قطاعات بالطاقة القصوى، مع خمول وتأثر أخرى، علماً بأن خروج أي مشروع مهما كان محدودا او متوسطا يمثل خسارة كبيرة لأكثر من جهة، ومنها قطاع العقار والبنوك وفرص عمل وعوائد ورسوم للدولة.

وقد أخذ التنافس الاقتصادي والتجاري منحى مغايرا في العقد الأخير، حيث بات هناك ما يسمّى بالوجهات المتخصصة، وهو ما يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار، حيث باتت هناك وجهات متخصصة في الترفيه والفندقة، وجهات رياضية، وجهات تذهب إليها من أجل مطاعمها أو أنواع غذائية محددة، حيث لم يعد عامل الطقس هو المحدد الأساسي والرئيسي، وكثير من دول المنطقة نجحت في التحول رغم الأجواء المتشابهة.

والتخصص السياحي والتجاري والاقتصادي، عموماً، يجب أن يكون مبنيا على المميزات التي تتفرد وتتمتع بها مقومات الدولة، والكويت من الدول التي تجمع في آن واحد مميزات كثيرة وعديدة، ويمكن أن تنجح فيها بنتائج قياسية على مستويات مختلفة، على أن تعتبر تلك التوجهات أحد خيارات تنويع مصادر الدخل كي تكون النتائج مضمونة الأثر وفق خطة مدروسة وهادفة.

وقد شدد رواد الأعمال التجارية والاقتصادية وقيادات القطاع الخاص، في تصريحات متفرقة لـ«الجريدة»، على ضرورة أن تستمر المبادرات، وأن يكون هناك تنافس على تنظيم الفعاليات، وهو ما يتطلب وضع رؤية للمرحلة المقبلة يشترك فيها القطاع الخاص للمساهمة في التنفيذ، وللاطلاع من جهة أخرى على توجهات واستعدادات ونوايا الدولة من أجل الاستمرار في تعزيز البنية التحتية للمرافق، ووضع الخطط بالتزامن مع رؤية الدولة، لا سيما أن مرافق القطاع الخاص هي التي استوعبت ضيوف وزوار الكويت خلال بطولة كأس الخليج.

وفي السياق ذاته، تم تأكيد أن صناعة الأحداث والفعاليات يجب أن تحظى بالرعاية والاهتمام، لأنها تحرّك قطاعات عديدة في آن واحد، حيث إن بعض القطاعات، لا سيما في القطاع السياحي والضيافة عموماً، عانت ركودا حادا منذ أزمة كورونا، بينما خلال فترة بطولة كأس الخليج ارتفعت فيها نسب الإشغال إلى أكثر من 100 بالمئة، في حين أنها على مدار العام لا تتخطى 30 بالمئة تقريباً في أفضل الأوضاع وفي ذروة النشاط.

الأساسيات بالنسبة للكويت قائمة، ويمكن البناء عليها ورصيد النجاحات كبير، ولكن ينقصها في السنوات السابقة المبادرات ودخول معترك التنافسية والإرادة الجادة في هذا الاقتصاد، وصناعة الفرص والفعاليات، وهو ما تمتد آثاره في بعض الفعاليات إلى ما هو أبعد من الأثر الاقتصادي فقط، ليشمل الأثر السياسي والاجتماعي، لكونه يعزز صورة البلد المضيف كوجهة سياحية وثقافية، والأهم من هذا أنها تسهم في خلق فرص وظيفية، سواء بشكل مؤقت أو دائم في مجالات مختلفة، كالتنظيم والضيافة والأمن الخاص.

ووفقاً للتقديرات، فقد استقطبت بطولة كأس الخليج أكثر من 100 ألف مشجع وسائح وزائر من الخارج، ترتب عليها انتعاش فندقي غير مسبوق في تاريخ القطاع، حيث ارتفعت على أثره حركة السحوبات المالية عبر «كي نت» بنسبة بلغت 18 بالمئة تقريباً، وفي محصلة نهائية، يمكن تأكيد أن أثر البطولة لم يقتصر على الجانب الرياضي، بل امتد إلى إنعاش قطاعات متعددة مختلفة داخل الاقتصاد الكويتي، مما يبرز ويبرهن على أهمية الفعاليات الكبرى في تحفيز النمو المحلي، ووفق تقديرات متباينة، حققت الكويت عوائد اقتصادية تتجاوز 150 مليون دولار تقريباً.

أخبار ذات صلة

0 تعليق