وجهة نظر: الصندوق السيادي والحساب الختامي لدولة الكويت... الواقع والآمال

الكويت 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نشرت الصحف الكويتية بتاريخ 7 الجاري الخبر الآتي:

«أكدت وكالة فيتش الدولية التصنيف الائتماني السيادي لدولة الكويت عند -AA مع نظرة مستقبلية مستقرة. وأوضحت أن نقاط القوة الائتمانية لدولة الكويت تتمثل في وضعها المالي القوي والاحتياطيات الخارجية، مشيرة إلى أن تسارع جهود الإصلاحات في تطور إيجابي».

وهذه أخبار سارة تؤكد المستوى العالي من الجدارة الائتمانية لدولة الكويت. وما يزيد في أهمية هذا التصنيف هو إشارته إلى أن الإصلاحات التي تنفذها دولة الكويت تُعد خطوة إيجابية نحو تعزيز استقرارها المالي والاقتصادي، مما يسهم في الحفاظ على تصنيفها الائتماني القوي في المستقبل.

ونظرا إلى أن الصندوق السيادي لدولة الكويت من أكبر الصناديق السيادية في العالم، واعتبارا لأهمية حجم إيراداته، يرى الكثير من الملاحظين أن أداء هذا الصندوق يؤثر بشكل معنوي على قدرة الكويت على الاستمرار في تحقيق التوازن المالي، حتى في فترات تراجع أسعار النفط.

لكن السؤال المهم الذي يُطرح بشكل دوري، وخاصة مع صدور كل تصنيف ائتماني جديد، هو هل يجب إدراج أو إضافة الإيرادات الصافية من الصندوق السيادي لدولة الكويت إلى الحساب الختامي للدولة؟

ومع اختلاف الآراء ووجهات النظر، حيث يرى العديد من الملاحظين أن إضافة الإيرادات الصافية من الصندوق السيادي إلى الحساب الختامي للدولة، إضافة إلى كونه يتناغم مع مبدأ الشفافية المالية، هو من العوامل الداعمة لتعزيز التصنيف الائتماني للكويت، فإننا نرى أنه من الخطأ إدراج الإيرادات من الصندوق السيادي في الحساب الختامي للدولة، وذلك للأسباب التالية:

أولا- أن طبيعة الصندوق السيادي، ممثلاً بالهيئة العامة للاستثمار، هو مؤسسة مالية مستقلة تدير أصول الدولة بهدف تحقيق عوائد طويلة الأجل، أما أصول الصندوق السيادي هي ملك للدولة، لكنها تُدار بشكل منفصل عن الميزانية العامة للدولة، ويتم إضافة الأرباح الى رأس المال المستثمر في كل عام، (حيث فاقت قيمة الصندوق أكثر من تريليون دولار عام 2025). وبالتالي، فهو يُدار بشكل مستقل لتحقيق أهداف استراتيجية مالية بعيدة المدى لا ترتبط بالضرورة بالحساب الختامي للدولة.

ثانيا- أن الحساب الختامي للدولة يعكس الإيرادات والمصروفات الحكومية خلال سنة مالية محددة، وتشمل الإيرادات الحكومية والإيرادات النفطية وغير النفطية، والرسوم، والضرائب. وبالتالي، فهو بمنزلة مرآة تعكس الوضع المالي خلال السنة المالية.

في المقابل، تعتبر الإيرادات من الصندوق السيادي عوائد استثمارية، ولا تعتبر إيرادات حكومية مباشرة.

وعلى هذا الأساس، فإن اختلاف طبيعة الإيرادات الحكومية المباشرة عن طبيعة العوائد الاستثمارية، مثل تلك الناتجة عن الصندوق السيادي، يُعد من المبررات الرئيسية لعدم إدراج هذه العوائد في الحساب الختامي للدولة.

ولذلك، فإن الأثر على الحساب الختامي إذا تمّت إضافة الإيرادات الصافية من الصندوق السيادي إلى الحساب الختامي، قد يؤدي ذلك إلى تضخيم الإيرادات الحكومية بشكل مصطنع، وبالتالي قد يؤدي أيضًا إلى عدم وضوح الصورة الحقيقية للإيرادات والمصروفات الحكومية، مما قد يؤدي إلى تقييمات غير دقيقة للأداء المالي للدولة ومدى فعالية السياسة المالية للدولة.

وفي الوقت الراهن، يتم تخصيص جزء من إيرادات الصندوق السيادي للأجيال القادمة، ويتم استثمار الجزء الآخر في أصول متنوعة، ولا يتم إضافة الإيرادات الصافية من الصندوق السيادي إلى الحساب الختامي للدولة.

وخلال السنوات الخمس الماضية، شهدت أصول الصندوق السيادي الكويتي نموًا ملحوظًا، مدفوعًا بأداء قوي للأسواق المالية العالمية. وقد كان لهذا النمو أثر إيجابي على الاقتصاد الكويتي، حيث ساهم في زيادة الاحتياطيات المالية للدولة، وتعزيز الاستقرار المالي، إضافة الى توفير مصدر دخل إضافي للدولة في المستقبل.

ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن أداء الصندوق السيادي يتأثر بتقلبات الأسواق المالية العالمية، مما قد يؤدي إلى تقلّبات في قيمة أصول الصندوق. وعليه من الضروري المحافظة على سياسات التحوط للحفاظ على أصول مالية جيدة لمواجهة المخاطر المالية في المستقبل القريب.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق