«الوطني»: الرسوم الجمركية تربك الأسواق العالمية

الكويت 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

رفع الرئيس الأميركي دونالد ترامب حدة إجراءاته التجارية الأميركية عبر فرض أعلى رسوم جمركية على الواردات منذ قرن، في خطوة تهدف إلى تغيير النظام التجاري العالمي.

وحسب تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، أثار هذا التحرك قلق المستثمرين، الذين يخشون أن تتسبب هذه الإجراءات في إبطاء نمو الاقتصاد الأميركي وتؤدي إلى اندلاع حرب تجارية وإرباك الأسواق العالمية.

والأربعاء الماضي، أصدر ترامب أمراً بفرض ضريبة بنسبة 10% على كل الواردات، مع فرض رسوم أعلى على 60 دولة، بما في ذلك الصين، والاتحاد الأوروبي، واليابان وفيتنام، مبرراً ذلك بأن هذه الدول تبيع لأميركا أكثر مما تشتري منها. وتواجه الصين الآن رسوماً جمركية تزيد على 50% على العديد من المنتجات. وفي حدث عقد في البيت الأبيض، صرح ترامب بأن الموظفين الأميركيين «تخلفوا» بينما ازدهرت دول أخرى «على حسابنا»، وأضاف قائلاً «الآن حان دورنا للازدهار». وتمثل هذه الخطوة تصعيداً لحرب ترامب التجارية، مما قد يؤدي إلى ردود فعل من دول أخرى.

ويرى أن الرسوم على الواردات تمثل وسيلة لتعزيز قوة الولايات المتحدة، وإعادة وظائف المصانع إليها، والضغط على الدول الأخرى، مع رفضه الفكرة التقليدية التي تدعو إلى تقليص القيود التجارية بين الدول. في المقابل، يحذر الخبراء من أن هذه السياسة قد تؤدي إلى زيادة الأسعار، وتباطؤ النمو، وربما التسبب في ركود اقتصادي.

من جانب آخر، ارتفع تضخم المأوى – أحد أبرز محركات التضخم – بنسبة 0.3% في شهر فبراير. وتأتي هذه البيانات في وقت حرج، وسط تصاعد المخاوف من أن التعريفات الجمركية من ترامب قد تؤدي إلى إعادة إشعال التضخم، مما قد يعقد جهود الاحتياطي الفدرالي للوصول إلى مستوى 2% المستهدف. وكان الاحتياطي الفدرالي قد خفض سعر الفائدة بمقدار 1% في 2024، قبل أن يقرر التوقف مؤقتاً هذا العام، في ظل مخاوفه المتعلقة بالتداعيات الناجمة عن التعريفات الجمركية. وبينما ينظر إلى التعريفات الجمركية في العادة كصدمات مؤقتة، يحذر اقتصاديون من أن نهج ترامب التجاري المتشدد، والتهديدات العالمية المتبادلة باتخاذ إجراءات انتقامية، قد يفضيان إلى ضغوط تضخمية طويلة الأمد، مما قد يقوض الافتراضات السابقة.

وقد ساهم إعلان الرئيس ترامب عن رسوم جمركية شاملة، والإعداد لتطبيق رسوم مضادة فيما أسماه «يوم التحرير»، في تراجع ثقة كل من قطاع الأعمال والمستهلكين. وبات خبراء الاقتصاد يرون أن احتمالات الركود الاقتصادي تتزايد، مدفوعة بارتفاع الأسعار واضطرابات سلاسل التوريد. ويحذر العديد من أن هذه العوامل، إلى جانب تجميد التوظيف وخطط تقليص عدد موظفي الحكومة الفدرالية بأعداد هائلة، قد يؤدي إلى تباطؤ نمو الوظائف وزيادة معدلات تسريح الموظفين خلال الأشهر المقبلة.

التعليق على أداء الاسواق

وشهد مؤشر الدولار الأميركي، خلال الأسبوعين الماضيين، تقلبات ملحوظة على خلفية التطورات الجيوسياسية والتغيرات الحادة التي طرأت على معنويات المستثمرين. ففي 3 أبريل، قفز اليورو أمام الدولار إلى مستوى 1.1145، أي بزيادة تجاوزت 300 نقطة مقارنة بافتتاحه الأسبوعي، مدفوعاً بردة فعل الأسواق تجاه إعلان ترامب فرض رسوم جمركية متبادلة على الواردات، بما يشمل دول الاتحاد الأوروبي. وردت بعض الدول، وعلى رأسها الصين، بإجراءات انتقامية تضمنت فرض تعريفات جمركية بنسبة 34% على الواردات الأميركية، مما أثار مخاوف من احتمالية تباطؤ الاقتصاد العالمي، وأدى إلى موجة بيع واسعة للدولار، الذي تراجع إلى مستوى 102.893. كما طالت موجة التراجع مؤشرات الأسهم الأميركية، إذ انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 إلى 5,074.08 نقطة، مقابل 5,680.00 نقطة في وقت سابق من الأسبوع، بينما هبط مؤشرا ناسداك وداو جونز بنسبة -5.82% و-5.50%، على التوالي. وعلى الرغم من صدور تقرير قوي لسوق العمل الأميركي، فإن الأسواق باتت تسعر احتمالية خفض سعر الفائدة خلال اجتماع مجلس الاحتياطي الفدرالي في مايو المقبل بنسبة 50%.

أوروبا

أكدت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، أهمية اليقظة المستمرة في مواجهة التضخم، رغم التحديات المتزايدة المرتبطة بالسياسات التجارية الأميركية في ظل إدارة ترامب. وفي حديثها إلى إذاعة «فرانس إنتر» في 31 مارس، وصفت لاغارد معركة استقرار الأسعار بأنها «صراع يومي»، مشيرة إلى أن المركزي الأوروبي يقترب من المستوى المستهدف البالغ 2%، ولكن لابد من مواصلة جهوده لتحقيق هذا الهدف.

وأضافت: «نحن قريبون من المكان الذي يجب أن نكون فيه، لكن علينا الاستمرار في هذا الجهود». وعلى الرغم من أن المركزي الأوروبي قد خفض أسعار الفائدة 6 مرات منذ يونيو الماضي، فإن النقاشات الداخلية لاتزال قائمة قبيل الاجتماع المزمع انعقاده في 17 أبريل، فيما يعزى إلى حد ما إلى المخاطر العالمية المرتبطة بالرسوم التجارية التي تم إعلانها من الرئيس. وأقرت لاغارد بوجود تباين في الآراء بين صانعي السياسات، إذ يدعو البعض إلى تسريع وتيرة خفض سعر الفائدة، بينما يفضل آخرون تبني الحذر لتقييم المخاطر. وفيما تتوقع لاغارد تحسن بيانات التضخم لمنطقة اليورو هامشياً في شهر مارس، حثت على الصبر، مشيرة إلى أهمية تحليل البيانات بشكل موضوعي دون الانجرار وراء التوقعات المبالغ فيها. وقالت: «دعونا نحلل البيانات كما تأتي، دون التنبؤ، ويجب أن يظل تركيزنا على استقرار الأسعار، إنها بوصلتنا».

كما انتقدت لاغارد الإجراءات التجارية للرئيس ترامب، محذرة من أن التعريفات الجمركية المقررة على قطاعات مثل السيارات ستضر بالاقتصاد العالمي، مؤكدة أن «الحروب التجارية لا تترك أي فائزين، ولا حتى الولايات المتحدة». وفي ذات الوقت، وصفت لاغارد الاضطرابات الاقتصادية كفرصة لأوروبا لتأكيد استقلالها في مجالات مثل الطاقة والتمويل والقطاعات الاستراتيجية، قائلة: «نحن على بعد يومين من تحول جيوسياسي كبير مدفوع بقرارات الولايات المتحدة. يجب على أوروبا اغتنام هذه اللحظة لتحديد مستقبلها»، واصفة إياها «باللحظة الوجودية» التي تتيح لأوروبا تعزيز اعتمادها على نفسها وتأمين سيادتها الاقتصادية

وفرضت الصين تعريفات انتقامية بنسبة 34% على جميع الواردات الأميركية، رداً على الإجراءات التجارية الأخيرة لترامب وتصاعد المخاوف من اندلاع حرب تجارية عالمية. وتدخل هذه الخطوة حيز التنفيذ في 10 أبريل، أي بعد يوم واحد من بدء سريان التعريفات الجمركية الأميركية «المتبادلة». وتسببت هذه الخطوة في تراجع أسواق الأسهم العالمية، إذ انخفض مؤشر ستاندرد أند بورز 500 بنسبة 3.3%، فيما تراجع مؤشر ستوكس 600 الأوروبي بنسبة 4.4% يوم الجمعة. وعلى الرغم من التوترات الاقتصادية، لم يتردد ترامب في الرد على هذه الإجراءات عبر منصة تروث سوشيال (Truth Social)، وقال: «لقد لعبت الصين بشكل خاطئ. لقد أصيبوا بالذعر، وهو الشيء الوحيد الذي لا يستطيعون تحمله!» وتتناسب التعريفات الصينية الجديدة مع الزيادة الأخيرة التي فرضتها الولايات المتحدة، والتي رفعت متوسط الرسوم الجمركية على السلع الصينية إلى مستوى تاريخي غير مسبوق، متجاوزة تهديدات حملة ترامب. وأدانت بكين تصرفات الولايات المتحدة ووصفتها بأنها «تنمر أحادي الجانب»، بينما قيدت أيضاً صادرات المعادن النادرة وبدأت تحقيقات في عمليات دوبونت في الصين.

ويشير المحللون إلى أن التعريفات الانتقامية التي تفرضها الصين الآن تبلغ في المتوسط 50% على الواردات الأميركية، مما يمثل «تصعيدا كبيراً» للصراع.

وأصر ترامب على موقفه، وتمسك بأن سياساته «لن تتغير أبدا»، وحث المستثمرين على الاستفادة من اللحظة: «هذا وقت رائع للثراء والثراء أكثر من أي وقت مضى!». إلا أن الخبراء حذروا من أن الإجراءات الانتقامية تهدد بزعزعة استقرار معايير التجارة العالمية، إذ تتهم بكين الولايات المتحدة بانتهاك القواعد الدولية والإضرار بالمصالح الاقتصادية للصين. ومع تراجع الأسواق، لا يظهر أي من الجانبين علامات على التراجع، مما يعمق حالة عدم اليقين للشركات والمستثمرين في كل أنحاء العالم.

أغنى 3 أشخاص في العالم يخسرون ثروة طائلة

مع إعلان الرئيس دونالد ترامب الرسوم الجمركية «المتبادلة» وحدوث صدمة في وول ستريت، خسر أغنى أغنياء العالم مليارات الدولارات من صافي ثرواتهم بين عشية وضحاها.

وأثار هذا الإعلان انهياراً حاداً في سوق الأسهم: إذ انخفض كلٌّ من مؤشر داو جونز الصناعي، ومؤشر ستاندرد آند بورز 500، ومؤشر ناسداك المركب بأكثر من 5 في المئة يوم الجمعة، بعد خسائر مماثلة يوم الخميس.

وبشكل جماعي، أدى الانخفاض الذي استمر يومين إلى محو 30.9 مليار دولار من صافي ثروة إيلون ماسك، و23.49 مليار دولار لجيف بيزوس، و27.34 مليار دولار لمارك زوكربيرغ - أغنى ثلاثة أشخاص في العالم، بهذا الترتيب - وفقاً لمؤشر بلومبرغ للمليارديرات.

وقد عانى أغنى 500 شخص في العالم من أكبر خسارة في يومين سجلها المؤشر على الإطلاق، وفقاً لـ «بلومبرغ».

الاتحاد الأوروبي يسعى للرد بشكل موحّد

ستسعى دول الاتحاد الأوروبي إلى الرد بشكل موحد في الأيام المقبلة على الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، ومن المرجح أن تتفق على مجموعة أولى من التدابير المضادة التي تستهدف واردات أميركية تصل قيمتها إلى 28 مليار دولار.

وتعني هذه الخطوة انضمام الاتحاد الأوروبي إلى الصين وكندا في فرض رسوم جمركية مضادة على الولايات المتحدة في تصعيد سريع لما يخشى البعض أن يتحول إلى حرب تجارية عالمية، مما يجعل السلع أكثر تكلفة بالنسبة لمليارات المستهلكين ويزج بالاقتصادات في أنحاء العالم إلى الركود.

ويواجه الاتحاد الذي يضم 27 دولة رسوماً جمركية بنسبة 25 بالمئة على واردات الصلب والألمنيوم والسيارات، ورسوماً «مضادة» بنسبة 20 بالمئة اعتباراً من الأربعاء على جميع السلع الأخرى تقريباً.

وتشمل الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب نحو 70 بالمئة من صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة، التي بلغت قيمتها الإجمالية 532 مليار يورو (585 مليار دولار) العام الماضي، مع احتمالية فرض رسوم جمركية على النحاس والأدوية وأشباه الموصلات والأخشاب.

وستقترح المفوضية الأوروبية، التي تنسق السياسة التجارية للاتحاد الأوروبي، على الأعضاء مساء غد الاثنين قائمة من المنتجات الأميركية التي سيتم فرض رسوم جمركية إضافية عليها رداً على الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب على الصلب والألمنيوم بدلاً من الرسوم المضادة الأوسع نطاقاً.

«جي بي مورغان» يتوقع انكماش الاقتصاد الأميركي 0.3%

توقّع بنك جي بي مورغان أن يشهد الاقتصاد الأميركي ركوداً هذا العام، نتيجة التأثير السلبي للرسوم الجمركية الجديدة، التي فرضتها إدارة الرئيس دونالد ترامب، وأدت إلى تراجع الأسواق المالية بشكل حاد وخسارة تريليونات الدولارات من القيمة السوقية.

وأشار البنك إلى أن الناتج المحلي الإجمالي قد ينكمش بنسبة 0.3%، بعد أن كانت التوقعات السابقة تشير إلى نمو بنسبة 1.3%، كما رجّح ارتفاع معدل البطالة إلى 5.3% بنهاية 2025 ، مع تباطؤ في وتيرة التوظيف.

وفي الوقت نفسه، توقعت بنوك أخرى مثل «باركليز»، و«سيتي بنك»، و«يو بي إس» تراجعاً حاداً في النمو، ما يعكس المخاوف من تداعيات الرسوم الجديدة على الاقتصاد الأميركي.

ورفع بنك الاستثمار جي بي مورغان احتمالات حدوث ركود في الولايات المتحدة والعالم إلى 60%، وسارعت شركات وساطة إلى مراجعة نماذج توقعاتها في الوقت الذي تهدد فيه التعريفات الجمركية بتقويض ثقة الشركات وإبطاء النمو العالمي.

شركات أميركية وفيتنامية تطلب تأجيل رسوم هانوي

طلبت شركات أميركية وفيتنامية من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تأجيل فرض رسوم جمركية تبلغ 46 بالمئة على السلع الفيتنامية، قائلة إن الضريبة ستضر بها وبالعلاقات التجارية الثنائية.

وعبرت غرفة التجارة والصناعة الفيتنامية وغرفة التجارة الأميركية في هانوي في رسالة لوزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك، تحمل تاريخ السبت، عن قلقهما إزاء الرسوم الجمركية، التي من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ يوم الأربعاء، بوصفها «مرتفعة بشكل صادم».

وصرحت غرفة التجارة الأميركية وغرفة التجارة الفيتنامية في بيان بأن «خفض الرسوم الجمركية على المنتجات الواردة إلى فيتنام، وعلى المنتجات التي تصل إلى المستهلك الأميركي، هو ما سيفيد الشركات والاقتصاد والمستهلكين في الولايات المتحدة».

وأضاف البيان «الرسوم الجمركية المرتفعة لن تُفيد».

وحققت الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا، وهي مركز تصنيع إقليمي رئيسي للكثير من الشركات الغربية، فائضاً تجارياً تجاوز 123 مليار دولار مع الولايات المتحدة أكبر وجهة لصادراتها العام الماضي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق