تقرير اقتصادي: آفاق قاتمة في أسواق النفط... والكويت في سبات عميق

الكويت 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

صدرت الأسبوع الماضي مجموعة من الأخبار والتحليلات القاتمة تحمل اتجاهات سوداوية بشأن مستقبل سوق النفط العالمي خلال العامين الحالي والمقبل، بما ينذر بآثار سلبية تجاه عوامل السوق الأساسية كالعرض والطلب وبالتالي الأسعار، ما يترتب عليها من تأثيرات سلبية على ميزانيات منتجي النفط في دول مجلس التعاون الخليجي، وتحديداً الكويت الأعلى إقليمياً وعالمياً في الاعتماد على النفط مقارنة بصافي الإيرادات.

اتفاق المنتجين والمستهلكين والمحللين على انخفاض الأسعار وسط تراجع الطلب ومخاوف الركود

ففي وقت خفّضت وكالة الطاقة الدولية، التي تمثل المستهلكين، توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط هذا العام إلى 730 ألف برميل يومياً من 1.03 مليون برميل يومياً، وإلى 690 ألف برميل يومياً العام المقبل مع تفاقم توترات الحرب التجارية ومخاوف الركود، نسجت منظمة «أوبك» التي تمثل المنتجين على المنوال نفسه بخفضها لتوقعات الطلب من 1.4 مليون برميل يومياً إلى 1.3 مليون برميل للعامين الحالي والمقبل، فيما خفّضت وزارة الاقتصاد في روسيا، التي تمثل أكبر منتج مستقل للنفط خارج منظمة «أوبك» توقعاتها لمتوسط سعر خام برنت لعام 2025 بنحو 17 بالمئة عن توقعاتها في شهر سبتمبر ليصل إلى 68 دولاراً للبرميل، انخفاضاً من 81.7 دولاراً للبرميل عن الافتراض السابق في سبتمبر العام الماضي.

ولم تقتصر التوقعات القاتمة على مستهلكي النفط ومصدريه، إنما تطابقت الرؤى السلبية تجاه مستقبل السوق مع توقعات المحللين، إذ خفّض بنك «يو.بي.إس» السويسري توقعاته لسعر خام برنت بمقدار 12 دولاراً للبرميل ليصل إلى 68 دولاراً للبرميل، مشيراً إلى أنه في حال تصاعدت الحرب التجارية، فإن سيناريو المخاطر السلبي أي ركود اقتصادي أميركي أكبر وهبوط حاد في الصين قد يشهد تداول خام برنت بأسعار بين 40 و60 دولاراً للبرميل خلال الأشهر المقبلة، كذلك خفّض بنك بي.إن.بي باريبا الفرنسي متوسط توقعاته لسعر النفط لهذا العام والعام المقبل من 65 دولاراً إلى 58 دولاراً للبرميل.

في السياق ذاته، خفض بنك «جي بي مورغان» توقعاته لأسعار النفط لعامَي 2025 و2026، مُرجعاً ذلك إلى زيادة الإنتاج من تحالف «أوبك +» وتراجع وتيرة الطلب العالمي.

ما يمكن أن يوصف بسياسات المعالجة الحكومية لم يفلح في السنوات المريحة حتى ينجح في الأوضاع الضاغطة

وعدّل البنك توقعاته لسعر خام برنت في عام 2025 إلى 66 دولاراً للبرميل، بدلاً من 73 دولاراً، فيما خفَّض تقديراته لعام 2026 إلى 58 دولاراً، مقابل 61 دولاراً سابقاً.

أما بالنسبة خام غرب تكساس الوسيط «WTI» فتراجعت التقديرات إلى 62 دولاراً للبرميل عام 2025، مقارنة بـ 69 دولاراً سابقاً، وإلى 53 دولاراً عام 2026 بدلاً من 57 دولاراً أما بنك «غولدمان ساكس» فقد خفّض هو الآخر توقعاته لأسعار خامَي برنت وغرب تكساس لعامَي 2025 و2026 بسبب توقعات بزيادة في إمدادات «أوبك +»، إضافة إلى مخاطر تصاعد التوترات التجارية العالمية، التي قد تؤدي إلى دخول الاقتصاد العالمي في حالة ركود، ما يضغط على مستويات الطلب.

كما كانت توقعات صندوق النقد الدولي أكثر قتامة وتشاؤماً ليس تجاه سوق النفط وحده الذي توقع تراجع أسعاره بـ 15.5 في المئة هذا العام، إنما أيضاً بقراءاته تجاه معدلات النمو الاقتصادي العالمي ودوله الكبرى، إذ خفّض الصندوق توقعات النمو العالمي 0.5% لعام 2025 لتصبح 2.8%، كذلك خفضها 0.3% لعام 2026 لتصل إلى 3% وكشف الصندوق عن توقعاته لنمو الاقتصاد الأميركي خلال عام 2025، بالخفض بنسبة 0.9% لتبلغ 1.8% والاقتصاد الصيني 0.6% لتصبح 4%، ومنطقة اليورو بنحو 0.2% لتسجل 0.8% وللشرق الأوسط ووسط آسيا من 3.6% إلى 3%.

ويعاني سوق النفط مجموعة عوامل ضاغطة تؤثر سلباً على العرض والطلب، إضافة إلى إلغاء أو تراجع علاوة المخاطر الجيوسياسية على الأسعار، فبينما تشتعل آفاق حرب ترامب التجارية ضاغطة على النمو الاقتصادي العالمي فالطلب على الطاقة، ترفع مجموعة «أوبك بلس» إنتاجها النفطي ليزيد المعروض في السوق بالتوازي مع تقدم المحادثات الأميركية - الإيرانية ومفاوضات وقف الحرب الروسية - الأوكرانية، أي جعل الاحتقان الجيوسياسي في أدنى درجاته، فضلاً عن تصاعد احتمالات رفع العقوبات الأميركية عن صادرات النفط لروسيا وإيران، ناهيك عن ترقب الأسواق لمدى التزام الدول التي خرقت اتفاقيات «أوبك بلس» بشأن حصص الإنتاج، وأبرزها كازاخستان والعراق، مع الأخذ بعين الاعتبار احتمالية أن تكرر بعض الدول المنتجة سياساتها التي أعقبت هبوط النفط في نهاية عام 2014 عندما أطلقت حرباً للأسعار لتحفاظ على حصتها ضد شركات النفط الصخري الأميركي، التي تحظى بدعم قوي من الرئيس ترامب، الذي يسعى إلى سعر برميل نفط رخيص يرضي شركاته الصخرية وليس بالضرورة الدول المنتجة، ويرضي أيضاً المستهلكين.

السياسات الحكومية غائبة عن استيعاب ما يحدث في العالم من تحولات وتقلبات

ولعل الحديث عن مبالغة الكويت في الاعتماد على عوائد النفط من حيث الإيرادات العامة والناتج المحلي الإجمالي، بالتالي تأثرها بأي آفاق قاتمة لأسعاره أو أوضاعه وما يترتب على ذلك من أزمات في السيولة والخدمات والاقتصاد، وحتى ضعف جودة ما يمكن أن يوصف بسياسات المعالجة التي لم تفلح في السنوات المريحة حتى تنجح في الأوضاع الضاغطة، ليس جديداً ولا حتى مفيداً، فالسياسات الحكومية «عمك أصمخ» أي إنها في سبات عميق وغائبة عن وعي ما يحدث في العالم من تحولات وتقلبات وهي ما يتطلب القيام بجهد مضاعف لإحداث إصلاح جوهري في الإدارة العامة يجعل أولوياته القصوى إصلاح الاقتصاد واختلالاته.

أخبار ذات صلة

0 تعليق