"الحريفة 2" خلطة سينمائية من نبض الشارع الرياضي

الوفد 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

   فيلم "الحريفة 2"، الذي حمل عنوان "الريمونتادا"، هو الجزء الثاني من سلسلة تسرد قصة طموح فريق من الشباب الذين يلاحقون حلمهم في عالم كرة القدم ، يُعتبر هذا العمل السينمائي مزيجًا متقنًا من الدراما الرياضية والعناصر الاجتماعية التي تمس الحياة اليومية للمصريين ، مع تقديمه أداءًا مميزًا من فريق العمل ونجاحًا تجاريًا لافتًا، جاء الفيلم ليضيف طبقة جماهيرية جديدة في السينما المصرية، لكونه مفعم بالحركة والدراما والأجواء الرياضية، الفيلم بطولة نور النبوي،احمد غزى،نور إيهاب، محمد عبد الرحمن، خالد الذهبي، أحمد بحر"كزبرة"،سليم الترك،ريما مصطفى،نورين ابو سعدة،دونا إمام،يوسف عمر.ديكور أحمد جمال،هندسة الصوت عمرو عصام، إنتاج طارق الجناينى، تأليف إياد صالح ،وإخراج كريم سعد.

331.jpg

دقة الحبكة الرياضية 

أحد العناصر البارزة في "الحريفة 2" هو السيناريو الذي كتبه إياد صالح ، يقدم هذا السيناريو رؤية متكاملة للشباب الطامح في تحقيق النجاح رغم التحديات التي تواجههم ويعكس الفيلم الصراع الذي يعيشه فريق كرة القدم داخل الجامعة وفي الملاعب الرياضية، بالإضافة إلى التوترات التي تنشأ نتيجة للبيئة الاجتماعية التي خرج منها كل فرد منهم ، تجسد قصة الفيلم تحديات فريق "الحريفة" بعد فوزهم بالبطولة وتكملة مشوارهم في الجامعة، حيث يواجهون تحديات اجتماعية جديدة وظهور أعضاء جدد بالفريق ، تم طرح الصراع الداخلي لكل شخصية بشكل يجذب الجمهور ، فجاء الحوار واقعيًا يعكس لسان الشارع المصري، مع تقديم خطابات مليئة بالروح الشبابية والعاطفية ، لذلك تُظهر الحوارات ارتباط الشخصيات ببعضها البعض، وتلقي الضوء على تطور العلاقات بين اللاعبين ، وأيضاً يعالج الفيلم العديد من القضايا مثل تحدي البيئة الاجتماعية، أهمية الفريق والعمل الجماعي، والطموح الذي يتحدى الحدود ،هذه الرسائل تتناغم مع المعاناة التي يواجهها الجيل الحالي في تحقيق أحلامه ، هذا الجيل الذى يبحث عن إنتصارات تعينه على الإستمرار حتى وإن كانت مجرد مشاهد فى فيلم سينمائي.

336.jfif

عدسة تكشف الحلم والمعاناة

تعدّ تقنية التصوير واحدة من أبرز عناصر الفيلم، حيث نجح مدير التصوير" محمد مختار "في نقل الواقع الرياضي والاجتماعي بشكل دقيق ومؤثر. فمن خلال الكادرات العريضة والزوايا الدقيقة، استطاع تصوير اللحظات الرياضية والإنسانية بطريقة تلامس قلب المشاهد ، وفى المشاهد التي تدور في الملاعب تم استخدام الكادرات الواسعة لتسليط الضوء على التحديات التي يواجهها الفريق داخل الملعب ،كما عكست هذه اللقطات الصراع العاطفي والتكتيكي بين اللاعبين، ما جعل الجمهور يشعر كأنه جزء من المباراة ، وعلى الجانب الآخر، تم تصوير المشاهد التي تجسد الحياة اليومية في الأحياء الشعبية والجامعة باستخدام الإضاءة الطبيعية والضوء الخافت، مما أضاف لمسة واقعية أظهرت التوترات الاجتماعية التي يواجهها الشباب في مسيرتهم الحياتية ، واستخدم المخرج بشكل دقيق اللقطات القريبة لإظهار الانفعالات العميقة للشخصيات، مما ساعد في بناء ارتباط قوي بين الجمهور والأبطال.

 

 أداء تغمره الواقعية 

نجح فريق التمثيل في تقديم شخصيات متعددة الأبعاد تجمع بين القوة والضعف ، الأداء المتناغم بين الممثلين الشباب والكبار أضاف بعدًا إنسانيًا للفيلم وأعطى مصداقية وواقعية أكثر للشخصيات ، أدى "نور النبوي" دور القائد بشكل عاطفي مع التركيز على تطور شخصيته التي تتأرجح بين التحدي والإحباط ، وكان ل"نور إيهاب " حضور لافت في الفيلم، حيث قدمت دورًا مؤثراً يمزج بين القوة الهادئة والعاطفة الصادقة ،أما "أحمد غزي" الذى جسد شخصية شابًا طموحًا يحاول إثبات نفسه في عالم مملوء بالتحديات.كان أداءه دقيقًا ويعكس الصراع الداخلي لهذه الشخصية التى يفترض أن تكون عامل أساسي فى نشر الحماس الجمعى لباقى الفريق ،وكانت لفتة جيدة أضافت للفيلم الإستعانة بضيوف شرف مثل آسر ياسين وأحمد فهمي اللذان لعبا دورين كوميديين أضافا نكهة مميزة للفيلم ، بينما كان مايكل أوين بظهوره الرياضي مصدر طاقة إيجابية للجمهور.

 

موسيقى تنبض بالحماس والإنكسار 

من أبرز عناصر الفيلم كان استخدام الموسيقى التصويرية التي أضافت أبعادًا درامية تخص عالم الرياضة تحديداً فتناغمت الألحان مع الأحداث بشكلٍ دقيق، مما ساعد في تعزيز التجربة السينمائية ، خاصة أن هذا النوع من الأفلام السينمائية الذى يغوص فى عالم كرة القدم يتطلب موسيقى حماسية بشكل مؤثر ، وأيضا موسيقى تضع الجمهور داخل الفيلم فى لحظات الإنكسار ، فكان إختيار صناع الفيلم لهذا المزيج من الموسيقى الإلكترونية والإيقاعات الشعبية يعكس بشكل متقن أجواء الإثارة التي تمر بها المباريات ، فلعبت دورًا هامًا في إضفاء الوتيرة السريعة على الأحداث، خاصة في المشاهد الحركية.

 

إضاءة تعكس الصراع

الإضاءة كانت عنصرًا مهمًا في خلق أجواء مشحونة بالمشاعر فى الفيلم ، فعلى سبيل المثال تم تصوير المباريات تحت أضواء ساطعة تعكس زخم المنافسة في هذه اللحظات الحاسمة ، بينما استخدم المخرج الإضاءة الخافتة في مشاهد الحياة اليومية لتعكس التوترات التي يعيشها الشباب في صراعهم الاجتماعي ،أما فى الجامعة فكانت الإضاءة دافئة، مما أضاف بعدًا من التفاؤل في هذه المشاهد.

رؤية إخراجية تناسب جمهور كرة القدم 

المخرج "كريم سعد" يعرف "سر الخلطة" فقدم فيلمًا متكاملًا على مستوى الإخراج متضمنا ما يحبه جمهور كرة القدم خاصة لحظات الإنتصار العظيمة بعد إحباطات أو هزائم ، وأيضاً اللحظات العاطفية فى الأمور الحياتية المعتادة ونجح فى إدارة هذه الخلطة بحرفية عالية، لأنه جعل كل عنصر في الفيلم يساهم في تعزيز السرد الدرامي من خلال أعين الجمهور الرياضي ، واستطاع أيضاً أن يدير الممثلين بدقة ، حيث جعلهم يقدمون أداءً جماعيًا متماسكًا مع الحفاظ على التفرد في كل شخصية ، ومن مميزات الإخراج فى الفيلم أن المخرج إستطاع الحفاظ على الإيقاع السردي بين مشاهد الحركة والمشاهد الدرامية، وهى نقطة هامة جداً نفتقدها فى أفلام كثيرة، وتكمن أهميتها  في الحفاظ على التشويق والتفاعل مع الجمهور.

 

إيرادات الفيلم

حقق الفيلم نجاحًا تجاريًا كبيرًا، حيث تجاوزت إيراداته في دور العرض المصرية 86 مليونًا و439 ألف جنيه مصري حتى 24 ديسمبر 2024، مما يعكس الاستجابة الإيجابية من الجمهور ، كما تألق الفيلم في السينمات السعودية، حيث تجاوزت إيراداته 800 ألف ريال سعودي في أسبوعه الثاني، ما يعادل حوالي 11 مليون جنيه مصري، مما يشير إلى جماهيريته الواسعة في منطقة الشرق الأوسط،  هذا النجاح التجاري جاء نتيجة لحب الجمهور للفيلم، وتأثره بالعناصر الاجتماعية التي يحملها، جنبًا إلى جنب مع القيم الرياضية والتشويق.

 

تجربة سينمائية ملهمة

"الحريفة 2" هو أكثر من مجرد فيلم رياضي، إنه فيلم يلامس قلوب الشباب ويعكس تحدياتهم وأحلامهم ، مع تقديمه قصة مؤثرة وأداءًا مميزًا، بالإضافة إلى نجاحه التجاري، يثبت الفيلم مكانته البارزة في السينما المصرية المعاصرة ،وإيراداته التى إقتربت من ١٠٠ مليون جنيه تشير إلى أن الجمهور وجد في هذه التجربة السينمائية ما يعكس واقعه وطموحاته ، فهل سيكون "الحريفة 2" بداية لظهور أفلام رياضية أخرى ؟.. لننتظر ونرى.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق