«الرقيم» تبرز أثر الخط العربي في تعزيز حوار الحضارات

العربية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نظمت مسابقة قطر الدولية للخط العربي «الرقيم»، التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، أمس بالنادي الدبلوماسي، ندوة أثر الخط العربي في تعزيز حوار الحضارات والثقافات، بمشاركة عدد من الخبراء والمختصين، ومسؤولي المسابقة.
تناولت الندوة أثر الخط العربي في تعزيز حوار الحضارات والثقافات، وتحدث فيها كل من السيد عبيدة البنكي خطاط مصحف قطر والمحكم الدولي في مسابقات الخط عن تاريخ الخط العربي ومدارسه وكتابة المصحف عبره، والسيد أحمد فارس الخبير والخطاط المعروف عن الخط العربي أداة للحوار بين الحضارات، واختتمت بحديث الشيخ والخطاط عبد السلام البسيوني عن الخط العربي في العمارة.
وخلص المتحدثون إلى عراقة فن الخط العربي، وأصالته، وأنه رافق الحضارة العربية قبل الإسلام، وأن انطلاقته الحقيقية كانت مع نزول القرآن الكريم، الذي انتقل باللغة العربية، والخط العربي معا إلى أفق أرحب، ومدى أوسع، وقد تنوعت مدارس الخط العربي من الحجاز، فالكوفة، فبغداد، ثم بلاد فارس، وتركيا الحالية، والتي أبدع أبناؤها في القرون الأخيرة في كتابة المصاحف، وإدماج الخط العربي في العمارة الإسلامية.
وأوضحوا أن الخط العربي أصبح فنا حضاريا سمح بتطوير اللغات الإسلامية، حيث أصبح الحرف العربي حرفا متداولا في العالم الإسلامي لكتابة العديد من اللغات، والاندماج مع زخارفها، وفنونها البصرية المحلية، كما نجح الحرف العربي بحكم قداسة القرآن الكريم في الوصول للعالمية، أما عن اندماج الحرف العربي في العمارة الإسلامية فقد بدأ مبكرا منذ العهد الراشدي، وتطور تدريجيا، ليصبح الخط العربي جزءا من المساجد، والاسبلة، ليضيف لها ملامح معمارية فارقة منحتها هويتها الإسلامية الثقافية المميزة.
وقال الدكتور صالح بن علي الأخن المري مدير مركز الشيخ عبد الله بن زيد آل محمود الثقافي الإسلامي بوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ورئيس اللجنة المنظمة للمسابقة: يسرني اليوم حضوركم للتعرف على صفحة من صفحات حضارتنا العريقة تفتح نافذة للتلاقي، والتحاور، والتفاعل مع الأمم المختلفة، وهي زاوية الخط العربي الذي دخل في لغات شعوب الإسلام، وفنونها البصرية على اختلاف ثقافاتها، وهو يستحق التفاتنا نحوه، ليكون طريقا، وجسرا للعمل المشترك لنشر الخير بين الإنسانية.
وقال الدكتور صالح المري في تصريحات صحفية على هامش الندوة: مسابقة الرقيم في نسختها الأولى، ويقام على هامشها وخلالها مجموعة من الفعاليات المصاحبة، فهناك ندوات ومسابقات مدرسية ومقاطع مرئية تعرف بهذا الفن والارث الحضاري، وندوة اليوم واحدة من هذه الفعاليات، التي تستهدف إيجاد زخم وتعريف لدى المهتمين، وحتى الجمهور، وخاصةً الناشئة على الاهتمام بهذا الأمر، وهذه الأعمال في مجموعها تؤدي إلى هذا الهدف.
وأضاف: حجم المشاركة في النسخة الأولى من الرقيم مطمئن ومشجع، ونحن راضون عن حجم المشاركة في هذه النسخة، لتتزاحم مع اخواتها من كبرى المسابقات الدولية.
وأكد د. المري تنظيم مجموعة من البرامج المعززة والمصاحبة لهذه المسابقة، ومن بينها مسابقة المدارس، والتي اثمرت عن حجم مشاركة كبيرة من الطلاب والطالبات في المرحلتين الإعدادية والثانوية، وثمة اهتمام كبير على مستوى الطلاب.
وأشار إلى أن الشراكة مع وزارة الخارجية في اللجنة القطرية لتحالف الحضارات، موضحاً أن الندوة تأتي ضمن الشراكة بين اللجنة والمسابقة، لأنها تحقق أهداف الجهتين، وأن الخط من أهم الأدوات التي تساعد على التواصل وحوار الحضارات، وأن من هذا المنطلق كانت الرغبة في تحقيق الأهداف المشتركة.
ولفت إلى أن الندوة تناولت عددا من المحاور، من بينها الخط العربي وأنواعه ومدارسه في كتابة المصحف، وعرضت لبعض النماذج، إضافة إلى التعريف بالخط العربي ومساهمته في التعارف بين الثقافات، واستخدام الخط العربي في العمارة، وعرضت لمساجد من أكتر من ألف سنة كان الخط العربي حاضراً بها.
وتطرق عبيدة البنكي إلى مراحل كتابة القرآن الكريم، مبتدئاً حديثه بما كان عليه حال الكتابة قبل الإسلام، وأن عددا قليلا من أبناء الجزيرة العربية كانوا يجيدون الكتابة، وتطور الأمر في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم ما كان من جمع القرآن في عهد الخلفاء الراشدين، رضوان الله عليهم أجمعين.
وأشار إلى أنه لم ينقض عهد الرسول صلى الله عليه وسلم إلا والقرآن الكريم مكتوب كله، وتم جمعه بعد ذلك، موضحاً التطور في الخط العربي الذي صاحب كتابة المصحف الشريف في مختلف العصور، وصولاً إلى عصرنا الحالي، وأبرز من عملوا على كتابة كتاب الله طوال هذه القرون والخطوط العربية التي استخدمت في ذلك.

خدمات كتاب الله
وقال أحمد فارس: منذ دخل الخط في خدمة كتاب الله منتقلا من كونه كتابة وظيفية تدوينية الى فن يتحلى فيه جمال الإسلام، فكأنما أسبغ الدين جمالاً على جمال العربية واسبغت العربية جمالها على الصورة المرئية منها وهو فن الخط، فكان فن الخط هو الغذاء الذي تتشربه روح المسلم وتتشكل به هويته في هذا المنحى.
وأضاف: كما كان الدين الاسلامي رابطا بين حضارات عظيمة قديمة من الصين والهند شرقا الى بلاد الاندلس غرباً، فقد كان تذوق جمال الخط موحدًا لأبناء هذه الحضارات، فترى احد ائمة الخط وهو قاضي عسكر مصطفى عزت معاتبًا تلميذه على كتابة له دون مستواه وبعد تعلل تلميذه بتعليلات شتى، قال له استاذه ان فن الخط هو نور عين الاسلام فلا تحرم العين من نورها.
وأضاف فارس: كانت الملوك من غير العرب يتبادلون المصاحف الفنية كهدايا قيمة، وكان بايسنغر حفيد تيمور لنك خطاطًا ويُنسب له مصحف شهير، اما الان فقد خسر الفن الاسلامي اسهامات بلاد كثيرة مثل الهند والجمهوريات الاسلامية في وسط اسيا وغرب أوروبا، وبقي فقط فن الخط حيًا لحسن الحظ في ايران وتركيا.

وعاء القرآن
وقال الشيخ عبد السلام البسيوني: الخط العربي أبو الفنون الإسلامية، تأتي أهميته من أنه كان وعاء حفظ القرآن والسنة وعلوم الإسلام، وجاءت الفنون الأخرى خادمة له، ومبرزة لجمالياته، والتنوع في أشكاله وأنواعه ثم الزخرفة والتذهيب والإبرو، وظهرت تجلياته في المصاحف وكتاب السنة وتراث الإسلام العلمي، ثم في المفردات اليومية في التراث المادي كالآنية والأسلحة والخشبيات والنحاسيات والثياب وغيرها.
ونوه بأن العمارة كانت من أبرز تجليات الخط العربي على المساجد، وفي المدارس والأسبلة والتكايا والقصور وبيوت الأغنياء، مشيراً إلى عدد من أوجه استخدام الخط العربي في المساجد وعلى الأسلحة وعلى زي الحرب الخاص ببعض الملوك، وكذلك انتشار الخط العربي في الكثير من الأقطار حول العالم.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق