تخوض فرق الإطفاء الأمريكية سباقا مع الزمن للسيطرة على ستة حرائق غابات متزامنة انتشرت في مختلف أنحاء مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا منذ أسبوع، فيما استمرت الحرائق في الاتساع وقد تزداد ضراوة خلال الساعات المقبلة مع العودة المتوقعة للرياح القوية.
وفيما تشارك الطائرات والمروحيات في مكافحة النيران ومحاولات منع انتشارها وامتدادها لمناطق جديدة، أصدرت خدمة الطقس الوطنية الأمريكية تحذيرات من رياح قوية، خلال الأيام الثلاثة المقبلة، تتراوح سرعتها ما بين ثمانين ومائة وعشرة كيلو مترات في الساعة، خاصة في المناطق الجبلية.. فيما توقع مسؤولون محليون أن تبلغ قوة الرياح ذروتها يوم غد الثلاثاء، وقالوا إن التحذيرات من اندلاع حرائق خطيرة ستظل سارية في مقاطعتي لوس أنجلوس وفينتورا حتى يوم الأربعاء.
وحذر مسؤولون في كاليفورنيا من أن الرياح القوية التي ستهب في الأيام المقبلة تهدد بتوسيع نطاق الدمار في المدينة، فيما ارتفعت حصيلة القتلى جراء الحرائق التي التهمت مساحات شاسعة من مقاطعة لوس أنجلوس إلى 24 شخصا، وستة عشر مفقودا، وحولت النيران أحياء بأكملها في ثاني كبرى المدن الأمريكية إلى رماد وأنقاض مشتعلة وسوت منازل لأثرياء ومشاهير وأناس عاديين بالأرض في مشهد كارثي، كما دمرت أكثر من 12 ألف منشأة وهو عدد يشمل الأبنية وكذلك السيارات، فيما قدرت شركة أكيو ويذر الخاصة الأضرار والخسائر الاقتصادية بما تتراوح بين 135 و150 مليار دولار.
ولا تزال ثلاثة حرائق غابات مشتعلة في مقاطعة لوس أنجلوس، حيث ظل أكثر من 150 ألف شخص تحت تحذير الإخلاء، وقام بعض رجال الإطفاء الجوي باستخراج المياه من المحيط الهادئ وإسقاط المياه والمواد المثبطة للهب، بينما قامت فرق الإطفاء البرية باستخدام الأدوات اليدوية والخراطيم لمنع النيران من الوصول إلى منطقة برينتوود الراقية وغيرها من المناطق المأهولة بالسكان في لوس أنجلوس.
وفي السياق، حذرت إدارة الإطفاء هناك من أن خطر الحريق لا يزال مرتفعا، بسبب الرياح القوية، والهواء الجاف، والنباتات الجافة، وقال روبرت لونا، قائد شرطة مقاطعة لوس أنجلوس، إن الحرائق لم تنته بعد، لكنها أقرب إلى الانتهاء.
بدوره، قال جافين نيوسوم حاكم ولاية كاليفورنيا، إن الحرائق ستكون أسوأ كارثة طبيعية في تاريخ الولايات المتحدة من حيث التكاليف المرتبطة بها ومن حيث الحجم والنطاق، مشيرا إلى أن رجال إطفاء من المكسيك وصلوا إلى لوس أنجلوس للانضمام إلى أكثر من 14 ألفا من العاملين في مكافحة الحرائق.. مضيفا أنه يريد إطلاق "خطة مارشال" لإعادة بناء كاليفورنيا، وأمر حاكم الولاية التي تضم أكبر عدد من السكان في الولايات المتحدة بإجراء تحقيق في إدارة المياه في مقاطعة لوس أنجلوس بعد ظهور تقارير تفيد بأن خزانا مهما كان معطلا عندما اندلعت الحرائق، وهو ما أدى إلى انخفاض ضغط المياه في بعض صنابير الطوارئ قبل أن تجف.
وفيما يواصل مسعفون يستعينون بكلاب مدربة، تفقد الأنقاض بحثا عن الضحايا، قالت ديان كريسويل مديرة الوكالة الاتحادية لإدارة الطوارئ إن قوات الجيش الأمريكي على أهبة الاستعداد للانتشار من أجل احتواء حرائق الغابات.
وفي ظل عمليات النهب التي تكثر في المناطق المنكوبة أو التي أخليت من سكانها، فرضت السلطات حظر تجول صارما يسري بين الساعة السادسة مساء والسادسة صباحا، في منطقتي باسيفيك باليسايدس وألتادينا الأكثر تضررا، فيما انطلقت الكثير من الدعوات للتضامن والتطوع والمساعدة إضافة لحملات التبرع بالأموال والملابس والاحتياجات الأساسية لصالح آلاف العائلات المتضررة التي باتت بلا مأوى، بينما بدأ عدد كبير من السكان هناك يشكك في فاعلية إدارة السلطات للأزمة خصوصا أن فرق الإطفاء وجدت نفسها أحيانا أمام خزانات مياه فارغة أو تعاني ضغط مياه منخفضا.
وقد جاء بصيص من الأمل مع الأخبار التي تفيد بالسيطرة على بعض الحرائق بنسب متفاوتة، وقال مسؤولون هناك إن هذا من شأنه إتاحة الفرصة لمزيد من رجال الإطفاء البالغ عددهم 14 ألفا وغيرهم من الموظفين، من ولايات متعددة بالإضافة إلى المكسيك وكندا ، للتركيز على حرائق باليساديس وإيتون الأكثر شدة وفتكا.
يذكر أن الرياح التي تهب حاليا على كاليفورنيا معروفة باسم "سانتا آنا" وهي مألوفة في فصلي الخريف والشتاء، لكنها بلغت خلال الأسبوع الماضي شدة غير مسبوقة منذ العام 2011، مع وصول سرعتها أحيانا إلى 160 كيلومترا في الساعة، وهي تحمل الجمر بسرعة في الأجواء على مسافة كيلومترات، وليس من الواضح حتى الآن سبب اندلاع الحرائق، التي تغدت على رياح سانتا آنا، وهي رياح قوية ودافئة وموسمية تتدفق من الصحراء عبر الجبال باتجاه ساحل كاليفورنيا.
وعادة ما يكون شهر يناير أحد أكثر أشهر لوس أنجلوس رطوبة، لذا فإن الحرائق الكبرى نادرة لكن أزمة المناخ تغير سلوك الحرائق من خلال دفع درجات الحرارة والتقلبات الأكثر تطرفا، من الظروف الرطبة إلى الجافة، وهذه الرياح ليست غير عادية في هذا الوقت من العام، لكنها كانت قوية بشكل استثنائي ووصلت بينما تعاني لوس أنجلوس من الجفاف، فقد كانت بداية موسم الأمطار الأكثر جفافا في لوس أنجلوس لأكثر من 80 عاما، ما أدى إلى جفاف المناظر الطبيعية التي بها الكثير من النباتات بعد شتاء ممطر بشكل استثنائي في العام الماضي، وقد أتاح هذا الوضع ظروفا مواتية لاندلاع الحرائق بشكل أسرع وأكثر انتشارا.
0 تعليق