علق عدد من السياسيين الفلسطينيين على دور مصر والدعم المستمر من قبل القاهرة في التوصل لاتفاق لوقف الحرب وتبادل الأسرى والمحتجزين، بجانب دورها في دعم الشعب الفلسطيني إنسانيا من خلال إرسال المساعدات واستقبال الجرحى والمصابين منذ بداية الحرب على قطاع غزة.
من جانبه، قال الدكتور جهاد أبو لحية أستاذ القانون والنظم السياسية، إن هذه ليست المرة الأولى التي تتولى فيها مصر قيادة جهود الوساطة بين الفصائل الفلسطينية والاحتلال الإسرائيلي، فقد كانت مصر حاضرة في معظم جولات الصراع مع الاحتلال، وسعت من خلال وساطتها إلى تقريب وجهات النظر بهدف التوصل إلى اتفاق يحقق الهدوء والاستقرار.
وأضاف أبو لحية في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن في هذه الحرب المدمرة، بذلت مصر، بالتعاون مع الأشقاء في قطر، جهودًا كبيرة لتقريب وجهات النظر، متحملةً ضغوطًا هائلة لا يمكن لغيرهما تحملها، في محاولة لإبعادهما عن الوساطة، ومع ذلك، أظهرت الدولتان صبرًا وثباتًا، مدفوعتين برغبتهما الصادقة في التوصل إلى اتفاق يساهم في وقف الحرب وإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الدمار الذي أصاب غزة وأفنى الأخضر واليابس.
وتابع: "من المهم التأكيد على أن مصر كانت ولا تزال محل ثقة الشعب الفلسطيني، فهي دائمًا تمثل السند والعون لنا، والقاهرة قادرة على لعب أدوار كبرى تليق بمكانتها لتعزيز حقوق الشعب الفلسطيني ودعم قضيته العادلة".
اختتم أبو لحية تصريحاته قائلا: "الشكر واجب لمصر وشعبها الشقيق على كل ما قدموه من دعم ومساندة خلال هذه الحرب المأساوية".
ملكة مصر كانت ولا تزال عنصر أساسي في أي جهود
من جانبه، قال الدكتور جهاد ملكة الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، بالتأكيد، إن مصر كانت ولا تزال عنصر أساسي في أي جهود للتوصل إلى تفاهمات أو مفاوضات بشأن غزة، سواء في فترات الهدوء أو التصعيد، ويُمكننا القول إن مصر لعبت دورا محوريا في الوصول إلى ما آلت إليه مفاوضات التهدئة وإيقاف حرب الإبادة على غزة حتى الآن، وهو دور يتسم بالاستمرارية والتوازن.
وأضاف ملكة في تصريحات خاصة لـ"الدستور": "على الرغم من التحديات التي شهدتها المنطقة، فإن مصر كانت ولا تزال الوسيط الرئيسي بين مختلف الأطراف، لأن غزة هي جارة لمصر ولها حدود مشتركة معها، ومصر تعتبر قطاع غزة امتداد لأمنها القومي، مما يجعلها الطرف الأقرب للحدث والأكثر تأثيرا في المنطقة، بالإضافة إلى أن مصر لديها تاريخ طويل في الوساطة في النزاعات الإقليمية والدولية، وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، بدءا من اتفاقات كامب ديفيد وصولا إلى اتفاقات التهدئة بين إسرائيل وحماس منذ انقلاب العام 2007 عندما استولت حركة حماس على قطاع غزة وخاضت الحركة أكثر من أربع جولات من القتال مع إسرائيل(2008، 2012، 2014، 2021) وغيرها من التصعيدات وكانت مصر هي الوسيط، والدور المصري لم يكن يقتصر على دور الوساطة فقط، بل تعمل أيضا على ممارسة الضغوطات على الأطراف المعنية لضمان تنفيذ التهدئة وعدم العودة للتصعيد، وقد نجحت في التهدئة ووقف الاعتداءات الإسرائيلية في جميع هذه الجولات ولا شك أنها ستنجح في هذه المرة أيضا".
وأوضح ملكة أنه في إطار مفاوضات غزة، تقدم مصر مبادرات متعددة، سواء كانت إنسانية أو سياسية، تهدف إلى تسوية الأوضاع في غزة، فعلى الجانب الإنساني كانت داعما رئيسيا لها في ملفات الإعمار وإدخال المساعدات الإنسانية، حيث تسعى إلى تخفيف حدة الأزمات الاقتصادية والمعيشية التي يعاني منها سكان غزة.
وأما الجانب السياسي، قال ملكة إن مصر لعبت دورا في مصالحة الفصائل الفلسطينية، لا سيما بين حماس وفتح، حيث شهدت عدة محاولات للمصالحة برعاية مصرية بهدف توحيد الصف الفلسطيني في مواجهة التحديات، وكان آخرها المبادرة المصرية لتشكيل لجنة إدارة مدنية لتولى مسؤولية غزة بعد انتهاء الحرب وهي مازالت تعمل على هذا الموضوع.
واختتم ملكة تصريحاته قائلا: "مصر كانت كلمة السر في الوصول إلى ما آلت إليه مفاوضات التهدئة، حيث لعبت دورا رئيسيا في إيقاف التصعيد وتسوية الأزمات، سواء على المستوى الإنساني أو السياسي. وعلى الرغم من التحديات والمصاعب التي واجهتها، فإن دور مصر الوسيط يبقى لا غنى عنه لتحقيق الاستقرار المؤقت، وإن كان الوصول إلى حل شامل ومستدام يتطلب إرادة سياسية من جميع الأطراف المعنية".
0 تعليق