حوارات
يُعيِّرُ الانسان فردا آخر عندما ينتقص منه، أو يقلّل من شأنه، أو حين ينسب إليه كذباً صفة سلبية، بهدف تشويه سمعته.
ويصدف غالباً أن تكون صفة التعيير في من يُعيِّرُ، أو كما ينسب لقس بن ساعدة قوله: "من عيّرك شَيْئا فَفِيهِ مثله".
ومن علامات ودلائل وأسباب أنّ من يعيّر الفرد بشيء معيّن يكون فيه مثله، نذكر منها ما يلي:
-العلامات والدلائل: يظهر على المُعيِّرُ، لا سيما من يغتاب الآخرين، إشارات معينة تكاد تفضحه، كقول الشاعر العربي "كادَ المُريبُ بِأَن يَقولَ خُذوني"، وحيث يفضحه اللّحظ (النظر بمؤخِر العين)، فأعين مثل هذا النفر السيّئ تنطق بما تجبن به ألسنتهم.
وربما ستجد القادح في شخصيات الناس يتلّون وفق الظرف الذي يجد نفسه فيه، بهدف إخفاء تشويهه المتعمّد لسمعة ضحاياه، وربّما تجده يتودّد بشكل مفرط لضحاياه في الحياة العامة لإزالة الشكّ من نفوسهم، ويشتمهم ويعيّرهم من وراء ظهورهم.
ويعاني من يعيّر الناس بأشياء هي فيه من عقد نقص شديدة التعقيد، إمّا أنها رسخت في نفسه في فترة الطفولة، أو لصقت بشخصيته بعد بلوغه.
-الأسباب: يسعى من يمارس التعيير الى تعويض شعوره بالنقص، وخصوصا تجاه أفراد يتميّزون عنه في شخصياتهم الإيجابية والمحبوبة، فهو ينتقم منهم على مستوى الوهم عن طريق إسقاط خصاله السيّئة، ورذائله الاجتماعية عليهم، ربما بسبب تعرّضه لتربية أسريّة سيّئة استمر فيها الوالدان المضطربان، نفسياً وأخلاقياً في توجيه نقد لاذع وقبيح تجاه أبنائهم، وتنقّصوا من قدرهم أمام أقربائهم أو أصدقائهم، حتى ترسّخت هذه العيوب المفبركة في شخصيات الأبناء، وسبّبت لهم لاحقاً مشكلات نفسيّة معقّدة، فأصبحوا مضطربين نفسياً وعاجزين اجتماعياً.
وتنتشر سلوكيّات الحطّ من قدر الآخرين، وتعييرهم، وتجريدهم من سماتهم الإنسانية في البيئات المتخلّفة حضارياً، وبخاصة تلك البيئات البشرية التي ترتفع فيها نسب الحسد والحقد المرضي ضدّ المختلفين، عرقيّا أو فئويا أو ثقافيا.
ويعيّر الانسان الآخرين بأشياء فيه مثلها بسبب سعيه الموهوم الى تقدير ذاته، وهو تقدير ذات مزيّف، يرتكز في أساسه على كره الآخر، والحطّ من قدره!
كاتب كويتي
0 تعليق