"الباقى من عمرى".. أحمد فؤاد الدين: الكتابة للمسرح صعبة والقصة شغفى الأساسى

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قال الكاتب والقاص أحمد فؤاد الدين إن ولادة ابنه الأول «يحيى» كانت الدافع الأساسى الذى جعل منه كاتبًا، لأنها الطريقة ليكون «أبًا أفضل»، موضحًا أنه كان محظوظًا بنشر أعماله، ما فتح الباب أمامه للفوز بعدد من الجوائز، مؤكدًا أن الجوائز لا تعنى أن أعماله هى الأفضل، لذا فهى ليست هدفه.

وأوضح «فؤاد الدين»، الفائز بجائزة ساويرس الثقافية لهذا العام لأفضل نص مسرحى «مركز ثان»، عن مسرحيته «الباقى من عمرى»، خلال حديثه لـ«الدستور»، أنه لم يكن يفكر قط فى الكتابة المسرحية، لكنه لجأ إليها لأنها الوسيط الأفضل لحكايته، مشيرًا إلى أن الكتابة للمسرح صعبة، وأن القصة القصيرة ستظل هى شغفه الأساسى، لذا يعمل منذ عامين على تقديم مجموعة قصصية جديدة تدور أحداثها فى فترة الحضارة المصرية القديمة، وإن كان يتمنى كتابة عدد من المسرحيات التجريبية فى المستقبل. 

■ بداية.. كيف بدأ شغفك الخاص بالكتابة الروائية أو المسرحية؟

- تأخرت كثيرًا فى الكتابة، فقد بدأت فقط فى ٢٠١٨ تقريبًا، وكانت ولادة ابنى الأول «يحيى» هى السبب فى ذلك، فقد شعرت بأنى أحتاج لأن أكون شخصًا أفضل، لأكون أبًا له، وكانت الكتابة هى محاولتى للتعبير عما يدور بداخلى، ومناقشته بشكل أكبر وفهمه أيضًا.

وكانت القصة القصيرة هى وجهتى الأولى، لأنها فن مختلف، وتوفر كل قصة فرصة للتعرض لموضوع جديد، وقد كتبت فى هذه المرحلة عشرات القصص فى وقت قصير، لكنى لم أفكر فى النشر فى ذلك الوقت، ولكن بعد مرور عامين تقريبًا، خاصة بعد فترة وباء كورونا، وهى الفترة التى انقطعت فيها تمامًا عن الكتابة، عدت لأكتب وأضيف وأحذف، ووجدت أنه ربما حان الوقت لمحاولة النشر. 

وقد كنت محظوظًا فى هذه المرحلة لأن دار نشر «المحروسة» وافقت على ذلك، ثم فازت مجموعتى القصصية بجائزة ساويرس الثقافية، وهو ما أعطانى الانطباع بأنه ربما ما أكتب يبدو جيدًا بدرجة ما. 

■ ما الذى يمثله لك الفوز بالجائزة؟ 

- فزت بجائزة ساويرس الثقافية مرتين، الأولى عن مجموعتى القصصية «مساحة للمناورة»، والثانية عن النص المسرحى «الباقى من عمرى»، وفى المرتين شعرت بأن طريقة اختيار لجان التحكيم مميزة ومختلفة، وتقوم على دمج عناصر متنوعة، سواء كانت شخصيات عامة، أو من العاملين فى الحقل الثقافى أو الأكاديميين، ومنذ إنشاء الجائزة كانت نزاهة وتفرد لجان التحكيم عاملًا أساسيًا فى شهرة الجائزة، وقد مثّل لى هذا دافعًا للعمل بشكل أكبر.

ورغم أن الجوائز تعد أمرًا مشجعًا للعمل، فإنه يجب ألا يكون أبدًا الدافع وراء الكتابة، ويجب أيضًا ألا يكون سببًا فى التوقف عن الكتابة لو لم يفز الكاتب، لأنى لا أرى بأى حال من الأحوال أنى أفضل من كتب نصًا مسرحيًا هذا العام، ولا أفضل من كتب مجموعة قصصية فى العام الماضى، بل فقط الصدفة وعوامل مختلفة جعلتنى فائزًا، لذا يجب ألا ننظر للجوائز على أنها الهدف. 

■ كيف ترى الجائزة وأهميتها فى المجال الثقافى؟

- جائزة ساويرس فى رأيى أهم جائزة خاصة مصرية، من ناحية التاريخ والامتداد والتطوير، وفى كل عام تقريبًا يضاف شىء جديد للجائزة، التى قدمت خلال عشرين عامًا العديد من الكتاب المصريين فى مجالات مختلفة، وأعتقد أن التطوير الآتى للجائزة ربما يتمثل فى نشر أعمال أكثر، مثل المسرحيات أو المساهمة فى إنتاج سيناريوهات الأفلام الفائزة.

وهذه الجوائز تدفع العديد من الأفراد للعمل بشكل أكبر، لكن الأهم من ذلك هو أنها تثرى العمل الثقافى، وتسلط الضوء على كثير من الكتاب. 

■ بالحديث عن نص «الباقى من عمرى» الفائز بالجائزة.. ما الذى دفعك لكتابة النص فى هذا التوقيت؟ 

- النص عبارة عن مسرحية تحكى قصة زوجة عاشت لسنوات فى علاقة مؤذية مع زوج نرجسى، لكنها تقرر فى لحظة انفعال التخلص من هذه العلاقة، رغم ضعف شخصيتها، ونتيجة لذلك تبدأ رحلة تقييم لكل حياتها السابقة وليس فقط علاقتها بزوجها. 

وكنت قد رسمت ملامح شخصية المرأة، بطلة المسرحية من قبل، وعندما جاءتنى الفكرة قررت أن أجعلها تعيد تقييم حياتها. 

والدافع لكتابة هذا النص هو رؤيتى أن الإنسان فى حاجة دائمة لإعادة تقييم حياته، وربما يجب أن يحدث حدث ما حتى يقرر الإنسان ذلك.

■ لماذا قررت كتابة نص مسرحى رغم كونك روائيًا بالأساس؟

- لم أفكر قط فى الكتابة للمسرح، لكنى كنت دومًا مبهورًا بقدرة النص المسرحى على التعبير بشكل مختلف عن الحكايات، بعد أن قرأت العديد من الأعمال المسرحية العربية، بداية من توفيق الحكيم وحتى لينين الرملى، وأيضًا العديد من الأعمال العالمية، ليوجين يونسكو وإبسن وغيرهما، وكذلك تجارب أحدث وأكثر تجريبية.

وقد قررت كتابة نص مسرحى فقط عندما ألحت علىّ فكرة بدا أنه من الأفضل أن يكون الوسيط لتقديمها هو النص المسرحى، لأن الفكرة اعتمدت كثيرًا على الحوار، وهو ما دفعنى لكتابتها كمسرحية.

والحقيقة أن التجربة كانت صعبة للغاية، وكنت ممتلئًا بالشك حيال ما أكتب، خاصة أن نشر المسرحيات المصرية أمر يبدو شبه مستحيل، وكنت أخاف مما أكتب، وأن يتحول ليصبح محاكاة لشىء قديم فقط، لكنى تمسكت بحكى الحكاية كما أعرفها، وكانت هذه هى بوصلتى الأساسية فى الكتابة، سواء كانت مسرحًا أو قصة أو رواية، لأنى أحاول دائمًا أن أحكى حكاية. 

■ ما صعوبات وتحديات الكتابة المسرحية التى اكتشفتها عبر كتابة هذا النص؟ 

- التحديات تمثلت فى كتابة النص المسرحى بأقل قدر مما يسمى بـالـ«exposition» أو «التعريض»، وهو المباشرة فى الحوار لتمرير وقائع، فقد كنت أقرأ مسرحيات شكسبير فى نفس وقت كتابة المسرحية، ووجدت قدرة مذهلة على عرض معلومات عن الشخصية دون أن تضطر الشخصية لقولها بشكل مباشر، غالبًا من خلال الصراع مع شخصية أخرى، لذا حاولت قدر الإمكان التخلص من المباشرة. 

■ بعد تجربتك.. أيهما أكثر صعوبة: الكتابة للمسرح أم الرواية؟

- كل الكتابة صعبة، وأهم الصعوبات تتمثل فى فهم الشخصيات، وكلما تشبع الكاتب بالشخصية التى يكتب عنها يبدأ سحر الكتابة فى الحدوث، فعندها تبدأ الشخصيات فى التصرف من تلقاء نفسها، دون تدخل حقيقى من الكاتب، ويكون دور الكاتب فقط هو أن يكتب ما يملى عليه، وأن يضع الشخصيات فى مواقف مختلفة وينتظر ردود أفعالها.

ويحدث ذلك فى الكتابة عمومًا، سواء للمسرح أو الرواية أو القصة القصيرة، لكن تختلف طبيعتها فى كل مرة بسبب التقنية المستخدمة فى الكتابة.

والرواية بها تعقيد مختلف، مرتبط بحجمها، يستدعى وجوب التحضير للعمل بشكل جيد وتخطيطه، حتى لا تتحول الرواية إلى نص ممل، أما القصة القصيرة فهى دفقة أو هاجس واحد يسيطر على الكاتب فيتحول لقصة، أما فى حالة المسرحية فهى تجمع بشكل ما بين النوعين، فيجب أن تكون هناك مشاعر واضحة يحاول الكاتب التعرض لها، ويجب أيضًا التخطيط للفصول بشكل واضح، حتى لا يشعر القارئ أو المشاهد بالملل. 

■ أخيرًا.. ما خططك المقبلة فى الكتابة؟ وهل ستستمر فى المسرح، أم ستعود للقصة والرواية؟

- أتمنى أن أكتب مسرحيات جديدة، وأعتقد أنها ستكون تجريبية بشكل أكبر، ولن تتبع الشكل الكلاسيكى، لأنى أريد أن أكتب مسرحيات بأفكار مجنونة، لكنى فى الوقت ذاته لن أتوقف عن كتابة القصة القصيرة، لأنها شغفى الرئيسى، أما الرواية فهى تكتب فى حالة الضرورة فقط، وقد كتبت رواية، لأن الفكرة التى حاولت كتابتها كقصة قصيرة بدت أكبر من قصة، فكتبتها كرواية، لكنى لا أميل لكتابة الروايات.

وأعمل منذ عامين تقريبًا على مجموعة قصصية جديدة، تقع كل أحداثها فى مصر القديمة التاريخية، وعلى عكس المعتاد لا تتعرض للملوك والملكات والشخصيات التاريخية، بل هى عن الناس العاديين الذى عاشوا فى ظل هذه الحضارة المبهرة، وأتمنى أن أنتهى منها قريبًا.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق