بائعة الجميز.. قصة كفاح أم أحمد تضرب أروع الأمثلة في التضحية والعطاء

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تبدأ يومها قبل بزوغ الفجر، تصعد الأشجار بيديها الخشنتين لجمع ثمار الجميز وتحملها على كتفيها لتبيعها وتكفل أسرتها بالكامل، إنها أم أحمد التي أثبتت أن العمل الشريف والكفاح المستمر هما طريق النجاح وحفظ الكرامة وأن السيدات المصريات هم أساس المجتمع في كافة الطبقات وأنهن إذا قررنا العمل ضربن المثل في الإخلاص والتضحية والإيثار.

مسؤولية كاملة منذ مرض الزوج

تروي أم أحمد، السيدة البسيطة التي تعيش في إحدى قرى مركز طنطا بالغربية: "كيف بدأت رحلتها مع بيع الجميز، تقول:"لجأت إلى بيع الجميز بعدما تعرض زوجي لحادث كبير أفقده القدرة على الحركة تمامًا، أصبح غير قادر على العمل، وتحملت مسؤولية البيت بالكامل، من مصاريف العلاج إلى تربية أولادي الستة".

3 بنات تزوجن، وهن الآن في بيوتهن، بينما ما زال لديها ثلاثة أطفال في مراحل التعليم المختلفة يحتاجون إلى مصاريف يومية، فقررت تحملت هذا العبء الثقيل بكل شجاعة وإصرار.

الجميز.. "فاكهة الغلابة" ومصدر الرزق

تؤكد بائعة الجميز أن بيع الجميز هو مصدر دخلها الأساسي تضيف:"الجميز فاكهة الغلابة، ورغم ثمنه الزهيد، إلا أنه له فوائد صحية كبيرة، وأنا أستيقظ بعد الفجر مباشرة، وأتوجه إلى إحدى القرى القريبة من قريتي بمركز السنطة بمحافظة الغربية، حيث أقوم بتسلق الأشجار بنفسي وجمع الثمار، أعبئ ما أستطيع حمله، وأذهب بعدها إلى السوق أو أي منطقة مكتظة بالسكان لبيعه".

الشرف والكفاح بدلًا من سؤال الناس

تشير أم أحمد، إلى أن العمل بشرف، مهما كان بسيطًا، هو أعظم وسيلة للحفاظ على الكرامة فتقول بفخر: "الجميز الذي أجمعه كل صباح ليس مجرد مصدر رزق لي ولأسرتي، بل هو دليل على أن الكفاح والعمل أفضل من سؤال الناس، فرحتي بإحترام الناس لي لا تضاهيها فرحة".

وتتابع حديثها مؤكدة أن دخلها من بيع الجميز لا يغطي فقط مصاريف أولادها وتعليمهم، بل أيضًا تكاليف علاج زوجها المريض، تضيف: "الجميز يصرف على بيتي، أولادي، وزوجي المريض، وأيضًا أوفر منه لشراء علاجه".

التحديات اليومية وأمل المستقبل

رغم الظروف الصعبة، تواصل أم أحمد كفاحها اليومي، وتقول: "الصعود إلى الشجرة وجمع الجميز ليس أمرًا سهلًا، خاصة مع التقدم في العمر، لكنه واجب أتحمله من أجل أولادي، وعزة نفسي أريد أن أراهم يكبرون ويحققون أحلامهم، وهذا ما يجعلني أستمر".

تضيف: "أحيانًا، لا أبيع كل الكمية التي جمعتها، لكني لا أيأس، أعود في اليوم التالي وأحاول من جديد، وهناك نصيب لله تعالي من تجارتي فطوال يومي لا ارد سائلًا يطلب من ثمر الجميز ابدًا وأري أن زكاة هذا الزرع وإخراج منه لله مع العمل والكفاح هما سر النجاح".

أوضحت أنها تعمل يوميًا ما يزيد عن 16 ساعة، لتتمكن بالكاد من توفير الحد الأدنى من احتياجات أسرتها اليومية، لكنها رغم ذلك موقنة بأن عوض الله كبير، ومؤمنة بأن الله لن يتركها هي وأسرتها حتى النهاية.

رسالة أم أحمد إلى المجتمع

تختم أم أحمد حديثها لـ“الدستور” برسالة توجهها إلى الجميع: "العمل بكرامة هو الطريق الوحيد لحفظ النفس والعيش بسلام، الحياة مليئة بالتحديات، لكن بالإصرار والصبر يمكننا تجاوزها".

تتمنى أم أحمد أن يقدر المجتمع دور المرأة الكادحة التي تعمل بلا كلل أو ملل، وتدعو كل امرأة إلى التمسك بالعمل كوسيلة لتحقيق الكرامة والاستقلالية.

وناشدت أم أحمد اللواء أشرف الجندي، محافظ الغربية، مد يد العون لها من خلال توفير عمل يخفف عنها بعض الأعباء، إلى جانب علاج زوجها على نفقة الدولة، حيث إن تكاليف العلاج تلتهم أكثر من ثلثي دخلها اليومي، خاصة أن زوجها يعاني من عدة أمراض مزمنة.

قصة أم أحمد ليست مجرد حكاية شخصية، بل هي درس في التضحية والكفاح، وشهادة على قوة الإنسان في مواجهة الشدائد، إنها نموذج مشرف للمرأة المصرية التي تواجه التحديات بحب واعتزاز، وتثبت أن العمل الشريف هو أعظم وسيلة لتحقيق الأحلام وحفظ الكرامة.

أخبار ذات صلة

0 تعليق