واشنطن، عواصم - وكالات: وسط توقعات بأن تقلب عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى سدة الحكم موازين السياسة الخارجية الأميركية رأساً على عقب من جديد، خصوصاً مع التغيرات التي شهدها العالم والمنطقة خلال سنوات حكم سلفه جو بايدن، اتفق خبراء ومحللون على أن عودة ترامب سيكون لها تأثير كبير على الشرق الأوسط، خصوصاً منطقة الخليج، التي ترتبط بعلاقات ستراتيجية وثيقة مع واشنطن منذ نحو قرن، وطُرحت سيناريوهات مختلفة يمكن أن يتبناها ترامب في دورته المقبلة قياساً على تلك المطبَّقة في فترته الأولى، ومنها اللجوء إلى الصفقات الدفاعية مع دول الخليج، منوهة إلى أنه سبق فوزه في الانتخابات الرئاسية بتصريحات إيجابية حول دول خليجية.
والتقى ترامب قبيل فوزه في نوفمبر الماضي، مع مسؤولين خليجيين رفيعي المستوى لاستشكشاف سياساته خلال ولايته الجديدة، حيث أجرى أمير قطر الشيخ تميم بن حمد ورئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن لقاءً مع ترامب الذي بدا سعيداً بذلك، وكتب على منصة "تروث" حينها: "كانت لدينا مع قطر علاقة رائعة خلال سنواتي في البيت الأبيض، وستكون أقوى هذه المرة"، مضيفا أنه وجد الشيخ تميم راغباً في تحقيق السلام بالشرق الأوسط ومختلف أرجاء العالم، وأنه أثبت قوته وقيادته العظيمة لقطر على كل المستويات وبسرعة قياسية".
وبعدها بأيام، التقى الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد ترامب الذي كانت فترة رئاسته السابقة حافلة بالاتفاقيات والتفاهمات مع أبوظبي، وأكد الشيخ محمد بن زايد أن العلاقات الإماراتية - الأميركية ترتكز على رؤية مشتركة للتقدم والازدهار منذ قيامها قبل نحو 50 عاماً، وتشكل الشراكة التنموية ركيزة أساسية لهذه العلاقة، معبراً عن تقديره لجهود ترامب في تعزيز الشراكة الستراتيجية بين الإمارات والولايات المتحدة.
وعلى مدار نحو ثماني سنوات مرت العلاقات الأميركية الخليجية بمنعطفات مختلفة وتحولات كان حجر زاويتها الرئيس القاطن في البيت الأبيض وسياساته تجاه دول الخليج؛ فبين وجود ترامب وبايدن في سدة الحكم تشكلت العلاقات بين البيت الأبيض والتكتل الخليجي وفقاً لمصالح اقتصادية وسياسية تدعم الجانبين، وعلى مدار سنوات حكم الرئيسين الأميركيين كان النفط والعلاقات التجارية والعسكرية محاور مهمة شكّلت الترابط بين ترامب وبايدن من جهة ودول الخليج من جهة أخرى.
وخلال ولايته الأولى، سعى ترامب لإنشاء تكتل خليجي في وجه إيران المارقة من وجهة نظره، والدفع باتجاه تطبيع دول المنطقة للعلاقات السياسية والاقتصادية مع إسرائيل بشكل غير مسبوق، والاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لها، كما يُتوقع أن يواصل الضغط تجاه إعطاء دفعة قوية لملف التطبيع في ولايته الجديدة، خصوصاً مع السعودية.
ورغم تطابق مواقف الإدارات الأميركية السابقة مع المبادرة العربية التي طرحتها السعودية عام 2002، والتي حظيت بإجماع عربي، فإن الانحياز الأميركي إلى الاحتلال الإسرائيلي خلال حرب غزة أدخل العلاقات بين الجانبين في اختبار صعب، وسبق أن أصيبت علاقة أميركا بالخليج بأزمات ثقة متتالية خلال الأعوام الماضية، بدءاً من تخفيض قواتها في المنطقة والعلاقة مع إيران والانسحاب المرتبك والفوضوي من أفغانستان عام 2021، وفي الوقت نفسه، يزيد تصاعد التنافس بين الولايات المتحدة والصين طبقة أخرى من التعقيد إلى المشهد في الشرق الأوسط.
وبينما أكد وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي فيصل الإبراهيم أمس، أن المملكة تتطلع إلى العمل مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب كما تعاونت مع الإدارات السابقة، لمواجهة التحديات العالمية المشتركة، مشددا على أن العلاقات مع الولايات المتحدة لطالما كانت قوية، ضمن شراكة طويلة الأمد وظلت متينة بغض النظر عن الإدارة الحاكمة، يتوقع الخبراء أن تؤثر عودة ترامب على أسواق دول مجلس التعاون الخليجي بطرق عدة، فهو يركز على تعزيز إنتاج الطاقة المحلي وتنظيم صناعة النفط والغاز وترويج صادرات الغاز الطبيعي المسال عالمياً، ما قد يعزز سوق الطاقة الأميركي وينعكس ذلك على اقتصادات دول الخليج المعتمدة على النفط، ونقلت قناة "العربية بزنس" عن اقتصاديين، قولهم إن سياسات ترامب التجارية، خاصة مع الصين، قد تؤثر على ديناميكيات التجارة العالمية والطلب على النفط، فقد يؤدي التباطؤ في اقتصاد الصين، نتيجة التوترات التجارية، إلى خفض الطلب على صادرات النفط من دول مجلس التعاون؛ وهو ما يؤثر على أسعار النفط واقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي الست.
0 تعليق