توصلت دراسة حديثة إلى أن العديد من الأوعية الطينية الغريبة التي تم العثور عليها في موقع أثري يعود إلى الألفية الرابعة قبل الميلاد في كردستان قدّمت أدلة جديدة حول نشوء وانهيار أقدم الحكومات في العالم.
وتجري الحفريات في موقع "شاخي كورا" في كردستان العراق منذ عام 2019، حيث تم اكتشاف مجموعة من الهياكل المعمارية التي تعود لعدة قرون. تشير الآثار المكتشفة في الموقع إلى ارتباطه بمدينة "أوروك"، التي تعد واحدة من أقدم المدن في العالم، والتي تقع الآن في جنوب العراق.
وكان علماء الآثار قد اكتشفوا في مواقع أوروك سابقًا مجمعات معمارية ضخمة تعود إلى الألفية الرابعة قبل الميلاد، بالإضافة إلى آلاف الألواح الطينية التي تحتوي على بعض من أقدم النصوص المكتوبة. أما في موقع "شاخي كورا"، فقد عثر الباحثون على أكثر من دزينة من الأوعية الطينية البسيطة والخشنة الصنع داخل الهياكل المؤسسية، وهي مشابهة لتلك التي تم العثور عليها في أوروك ومواقع معاصرة أخرى.
ووفقًا للدراسة التي نُشرت في مجلة "الأنتيكويتي" يوم الأربعاء، كانت هذه الأوعية تستخدم لتوفير وجبات جماعية على نطاق واسع، ربما للعمال الذين كانوا يعملون في هذه المباني المؤسسية. كما تشير بقايا العظام الحيوانية والمواد الأخرى التي تم جمعها وتحليلها من هذه الأوعية إلى أن الوجبات كانت عبارة عن يخنات لحم دسمة.
تظهر الأدلة التي تم العثور عليها في مناطق أخرى من الموقع أن بعض أجزاء المكان ربما كانت تؤدي وظائف طقسية، مما يشير إلى تعقيد في التنظيم الاجتماعي. ووفقًا للباحثين، فإن هذه الاكتشافات تبرز دور الأوعية الطينية في دعم أولى المؤسسات الحاكمة، التي كانت قادرة على توفير الوجبات الكبيرة الحجم كجزء من نظام الدفع مقابل العمل.
الدراسة كشفت أيضًا عن أدلة على أن هذه الهياكل الحاكمة تم التخلي عنها في وقت لاحق "دون وجود علامات على الإطاحة العنيفة أو الضغوط البيئية"، مما يشير إلى أن المجتمع قد رفض هذا الشكل من الحكم المركزي.
وقالت الدكتورة كلوديا غلاتز، المؤلفة المشاركة في الدراسة من جامعة غلاسكو، إن "حفرياتنا في شاخي كورا توفر نافذة إقليمية جديدة وفريدة لفهم تطور، وفي النهاية رفض، بعض من أوائل التجارب في التنظيم المركزي، وربما الحكومي، الذي يشبه الدولة". وأضافت أن هذا يعيد التأكيد على أن الحكومات الهرمية ذات السيطرة المركزية لم تكن حتمية في تطور المجتمعات المبكرة.
وتشير النتائج أيضًا إلى أن الحكومات المركزية القوية لم تكن دائمًا مقبولة في المجتمعات المعقدة المبكرة، إذ وجدت المجتمعات المحلية طرقًا لمقاومة هذه الأنماط من الحكم المركَزي.
0 تعليق