اتجــــاه
الجمعة 24/يناير/2025 - 08:30 م 1/24/2025 8:30:18 PM
أُذكِر الفلسطينيين، وهم فى غمرة احتفالاتهم، بوقف الحرب مع إسرائيل، بأن يفسحوا فى نواياهم وأفكارهم، جانباّ كبيراّ ومهماّ، لطرح عملية الإعمار السياسى، بالتوازى مع إعمار ما دمرته آلة هذه الحرب فى قطاع غزة، وأقصد هنا، استدعاء كل مقومات وضرورات مصالحة عاجلة، تجمع الفصائل الفلسطينية فى إصطفاف وطنى، يتجاوز مطامع السلطة والزعامة، وينتهز واحدة من أفضل فرص القضية الفلسطينية، التى تتيح استغلال هدنة»غزة- تل أبيب» الطويلة، فى العمل على صياغة ميثاق فلسطينى، يفتح مسارات نحو نبذ الخلافات السياسية والإ يديولوجية، تنتهى إلى شعب واحد، يتجه نحو تحقيق حلم الدولة المستقلة، التى من أولى متطلباتها «الوحدة الوطنية».
<< وأظن أن التحولات التى تشهدها المنطقة، تكفى لأن تدفع الفلسطينيين للاتفاق على رؤية وطنية موحدة، من شأنها تقوية ودعم مطالبهم المشروعة، بقيام دولتهم الفلسطينية بحدود 1967، وعاصمتها القدس الشرقية، ورغم أنه استحقاق قانونى، منذ قرار التقسم فى العام 1947، غير أن الأوضاع الراهنة فى المنطقة، تهيئ الظروف والدعوات، لآن يتحمل الجانب الفلسطينى، عبء ومسئولية هذا الاستحقاق، وشرطه أن تجرى المصالحة بين جميع المكونات الفلسطينىة، من دون استثناء أو تمايز لفصيل هنا أو هناك، والشعوب العربية- قبل الأنظمة- لم تعد تحتمل الإنقسامات والصراعات، التى أضاع الفلسطينيون بسببها، عشرات الفرص لقضايا بلدهم.
<< وطالما كانت المصالحة، من بين القضايا المركزية، التى تشغل الساحة السياسية الفلسطينية، نظراً لانعكاساتها على وحدة وقدرة الشعب الفلسطينى، على مواجهة التحديات الإسرائيلية. لذلك يتعين العمل على تضييق مساحة الانقسام الفلسطينى، الذى بدأ فى العام2007، بين حركتى «فتح وحماس»، عندما سيطرت الثانية على قطاع غزة، وأدى إلى تقسيم الأرض الفلسطينية بين سلطتين منفصلتين. هذا الانقسام أدى إلى حالة من التوتر والصراع الداخلى،فضلاً عن تأثيره السلبى على القضية الفلسطينية على الساحة الدولية، حتى كانت المبادرة المصرية للصلح، فى العام2011، وانتهت بـ«اتفاق القاهرة»، على حكومة وحدة وطنية، فشل تشكيلها بسبب تَعنُت الحركتين.
<< وبنفس النتيجة، تمادى الطرفان- «فتح» و«حماس»- فى إهدار جهود «القاهرة» لمرات عدة، مثلما كان الاتفاق الثانى، فى العام2017، على حل مشكلة حكومة«حماس» فى قطاع غزة، بالتوافق على نقل مسئوليات القطاع من «حماس»، إلى حكومة الوفاق الوطنى فى رام الله، ومع كل ماوفرته الرعاية المصرية، من ظروف لإنجاح الإتفاق، غير أن الطرفين لم يتمكنا، من التغلب على القضايا الخلافية العميقة، ما تتعلق بالسيطرة على الأجهزة الأمنية، أو موضوع الإنتخابات الرئاسية والتشريعية، ما إستحال معها تنفيذ الإتفاق أيضاّ، حتى لاحقه الذى فشل كذلك، فى آخر محاولة لتوحيد الصف الفلسطينى، فى العام2020، بسبب خلافات سياسية وإيديولوجية.
<< هى الحال نفسها الآن، فى أدبيات ومواقف الحركات الفلسطينية، التى تتوحد دون تنسيق فى ساحات المقاومة، بينما تتعمق فى مسارات الإنقسام، وحتى اللحظة لامؤشرات على إصطفاف وطنى، بقدر ما مغريات السلطة والنفوذ، تظل قابضة على مقدرات الشعب الفلسطينى، الذى يدفع- وحده- فاتورة الإنقسامات، وأفضل مايمكن إقتراحه لإصلاح الشأن فى فلسطين، أن يغادر كل من يضعون أنفسهم زعماء أو قادة فصائل، وقبلهم أولئك الذين يتمسكون بالسلطة، سواء فى الرئاسة أو الحكومة، بإعتبار انهم أساس الإنقسامات، والإتيان بكوادر كفؤة، تعيد اللُحمة الوطنية للشعب الفلسطينى، تتحمل المسئولية، وتحد من سياسة «الاتكالية»..التى يجب ألا تدوم إلى الأبد.
[email protected]
0 تعليق