قالت صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية، إن الهجوم الناجح الذي شنته "جبهة النصرة" والتي تطلق على نفسها "هيئة تحرير الشام" بقيادة أبو محمد الجولاني قد تشكل نقطة تحول في الحرب الأهلية التي تشهدها سوريا منذ 13 عامًا.
وأوضحت الصحيفة أن أبو محمد الجولاني ظهر منتصرًا من أمام قلعة حلب التاريخية، فيما لوح لسكان حلب قبل أن يستقل سيارته الجيب البيضاء، مشيرة إلى أن هذا الأمر بدا كخطوة سياسية ذكية نموذجية للجولاني البالغ من العمر 42 عامًا والذي قضى السنوات القليلة الماضية في خضم التحول السياسي حيث يعتبر الجولاني نفسه الزعيم المستقبلي لسوريا إذا نجحت قواته في الإطاحة بحكومة الرئيس بشار الأسد.
الجولاني يريد تقديم نفسه كزعيم سياسي لسوريا
وقال آرون زيلين، الخبير في شؤون الجماعات المسلحة، إن الجولاني يعرف بذكاء شديد كيف يختار لحظاته ويستفيد منها فقد اختار مكانًا رمزيًا، ولم تكن هناك أسلحة حوله فقد كان ذلك مصممًا لجعله يبدو وكأنه زعيم سياسي جاد.
وأوضحت "فايننشال تايمز" أن الظهور كان تتويجًا لهجوم دام أسبوعًا شنه المتمردون بقيادة هيئة تحرير الشام، وهي واحدة من أكثر اللحظات المروعة في الحرب الأهلية السورية الدموية التي استمرت 13 عامًا وتحولًا مذهلًا في صراع تجمد خطه الأمامي في طريق مسدود غير مستقر.
وبعد أيام من الاستيلاء على حلب، استولت الجماعات المسلحة على مدينة رئيسية أخرى، حماة، وسرعان ما اندفعوا جنوبًا نحو حمص، بينما أعلن الجولاني أن العاصمة دمشق قد تكون التالية.
وقالت الصحيفة إن نجاح الهجوم أظهر هشاشة الحكومة بقيادة بشار الأسد، وكان أيضًا نتاجًا لسنوات من التحضير الدقيق من قبل الجولاني، الذي ساعد مجموعته على التعافي من الانهيار الوشيك قبل خمس سنوات فقد بنى قدراتها العسكرية وأنشأ حكومة بقيادة مدنية.
وتابعت: "كان هذا التحول واضحًا أثناء الهجوم، فقد استفاد الجولاني من التواصل الأخير الذي أجراه مع القبائل والمعارضين السابقين والأقليات، والتوسط في الاستسلام وإصدار الأوامر بحماية الأقليات حتى أنه وجه بيانًا إلى روسيا، التي ساعدت الأسد لسنوات، مشيرًا إلى أن هيئة تحرير الشام وموسكو يمكن أن تجدا أرضية مشتركة في إعادة بناء سوريا".
فيما قال جيروم دريفون، الخبير في الجماعات المسلحة في مركز أبحاث مجموعة الأزمات الدولية إن الطريقة التي يدير بها الجولاني المرحلة التالية، إذا تمكنت هيئة تحرير الشام من البقاء شاملة، ستحدد ما سيكون إرثه.
رحلة الجولاني من التطرف والإرهاب إلى قيادة تنظيم القاعدة
ولد أحمد حسين الشرع المعروف باسم الجولاني عام 1982، وقضى أول سبع سنوات من حياته في السعودية، حيث كان والده يعمل مهندسًا للنفط ثم انتقل إلى بعد احتلال إسرائيل لمرتفعات الجولان السورية.
واتجه الجولاني إلى التطرف منذ عام 2000 حينما كان عمره 17 عاما، وقضى السنوات القليلة التالية في الصعود عبر صفوف الجماعات المسلحة قبل أن يتم القبض عليه وإلقائه في سجن معسكر بوكا بالعراق الذي تشرف عليه امريكا.
لكن تم إطلاق سراحه مع بدء الانتفاضة السورية في عام 2011، وعبر الجولاني الحدود ومعه أموال ضخمة ويحمل مهمة لتوسيع تنظيم القاعدة وفق الصحيفة.
وسبق وصنفت الولايات المتحدة هيئة تحرير الشام كمنظمة إرهابية ووضعت مكافأة قدرها 10 ملايين دولار على رأس الجولاني وهو ما قد يعقد تطلعاته لبناء علاقات مع الغرب وقيادة سوريا.
0 تعليق