في صبيحة الاثنين 19 يونيو 1961 انتهت اتفاقية الحماية بين الكويت وبريطانيا، وكان يوماً سعيداً وتاريخياً للكويت، غير ان رئيس وزراء العراق عبدالكريم قاسم افسد عليها فرحتها بالاستقلال، وتولي زمام امورها الداخلية والخارجية بحرية. الكويت في حينه تقدمت بطلب الانضمام الى هيئة الامم المتحدة، غير ان اعتراض الاتحاد السوفياتي في حينه (روسيا الاتحادية حالياً) حال دون دخولها الهيئة الدولية، وبقيت خارج بوابة المبنى الضخم تنتظر الى اكتوبر 1963 حين خلع البعثيون نظام عبدالكريم قاسم، واعترفوا باستقلال الكويت، وتراجع الاتحاد السوفياتي عن الـ"فيتو"، و دخلت الكويت الامم المتحدة كدولة مستقلة تتمتع بكل الحقوق الدولية، فاحتلت مقعدها في اروقة الهيئة الدولية، وتم تعيين عبدالرحمن العتيقي مندوب الكويت الدائم لدى الهيئة. الشيخ عبدالله السالم لم ينتظر، ولم يسأل الجيران: ماذا تريدون او ما هي اتجاهاتكم السياسية مع الدول الشرقية؟ اذ سارع الى تبادل الاعتراف بالمجموعة السوفياتية وتبادل السفارات، وكانت سفارة الاتحاد السوفياتي اولى السفارات في المنظومة الشيوعية التي رفعت رايتها في سماء الكويت، ثم تتالت بقية الدول في المجموعة. السؤال هنا: ماذا لو انتظر الشيخ عبدالله السالم حتى يحصل على موافقات من الجيران؟
قطعا لم ينتظر ولا يحتاج ولا كان هناك منطق عقلاني او سياسي حتى يحصل على" green card" من الدولة الفلانية، او الحكومة الشقيقة او الصديقة.
هذه الكويت التي فتحت في عهد الشيخ عبدالله السالم ابواب الحرية داخلياً بالنظام الديمقراطي، وخارجياً بتبادل الاعتراف ووجود سفارات في المعسكرين، الغربي والشرقي، هل اخطأ عبدالله السالم، ام كان رجل عصره، وحاكماً منفتحاً على كل الافاق؟
في عصره لم تكن هناك تعصبات دينية، انما كان هناك معسكران غربي وشرقي، اميركا والمجموعة الاوروبية في الغرب، والشرقي الاتحاد السوفييتي والمجموعة الشرقية.
لماذا لم ينحز عبدالله السالم الى الغربيين فقط، انما جعل علاقات الكويت بين المعسكرين الشرقي الشيوعي والغربي المسيحي؟
عبدالله السالم نجح في جمع المعادلة فلا شرقية ولا غربية، انما دولة حرة عربية.
اتذكر عصر عبدالله السالم وما يحدث في العصر الحالي، اذ نرى بلدان خليجية تتبادل الاعتراف وتفتح سفارات مع اسرائيل، في ظرف شديد التعصب الديني، فالبلدان الخليجية، على سبيل المثال، لم تترك الاسلام، ولا تصهينت، وفق زعم المعارضين، ولا اغلقت المساجد امام المصلين، ولا باعت القضية، فلا تزال اول المطالبين بالحق الفلسطيني في وطنهم، وقيام الدولتين، وهو القرار الذي تعترف به كل الحكومات العربية، فأين الخيانة او بيع القضية؟
انا لا يهمني ماذا يريد الاخرون، انما ماذا نريد نحن هنا في الكويت، لنعترف، وعلى الحكومة ان تعترف، انها تخلفت عن القافلة الخليجية فيما كنا في المقدمة، فقط عليكم المقارنة بيننا وبينهم، هذا يكفي، ليس هناك دول تبقى على كراهة مع الاخرين، وليس هناك معاداة الى اخر الزمان.
الاخوة الخليجيون اختاروا طريقهم نجحوا، ونحن توقفنا في محطة الانتظار بعد عبدالله السالم، ولا نزال ننتظر.
كاتب صحافي
0 تعليق