حوارات
ذَكَرَ أبو سليمان الخطابي (العصر العباسي) في كتابه "العزلة" في سياق حديثه عن إصلاح الأخلاق "بِذُنُوبِنَا دَامَتْ بَلِيَّتُنَا، وَاللَّهُ يَكْشِفُهَا إِذَا تُبْنَا"، وتشير البليّة الى المصيبة، أو الكارثة، التي يرتكبها الانسان بسبب سلوكه السيّئ، فتتحوّل ذنباً يملأ حياته ببَلايا لا تكاد تتوقّف، والعياذ بالله.
ومما أعتقد أنها ذنوب شخصية تديم البلايا في حياة الفرد، نذكر ما يلي:
-عقوق الوالدين الصالحين: يعقّ الشخص والديه الصالحين، ويرتكب ذنوباً في حقّ نفسه، ومن يجب عليه البرُّ بهم، فيتحوّل العقوق بلاءً مستطيراً في حياته، فتطغى عليه نفسه الأمّارة بالسوء والشرور، وتقلّ بركة ماله، ويعقّه أبناؤه، ويفتضح بعقوقه بين الناس، و يستمر يتكبّد ما لا قِبَل له به، فيقع في بلايا صنعها في الأساس عقوقه بوالديه الصالحين.
-أكل المال الحرام: المرابي، والسارق، والمزوّر، والذي يتنعّم بخير وطنه، ويوالي بلداً آخر، يرتكبون ذنوباً تتسبّب ببلاءات لا تعدّ ولا تُحصى، وهم يعلمون بمصائبهم وأسبابها الحقيقية، وذنبهم الأكبر أنهم لا يتوبون.
- الوقوع في أعراض الناس: يقع الفرد في أعراض الآخرين عندما يغتابهم، أو يشوّه سمعاتهم، وعندما ينمّ بهم بهدف تأليب القلوب عليهم، فكيف بهذا النفر ألاّ يعانون بشكل يومي من العذابات، النفسيّة والروحيّة، وكيف بهم ألاّ يقعوا في بليّة تلو الأخرى.
-فساد النِّيَّة: تفسد نيّة المرء عندما يفسد باطنه، وعندما تغلب على شخصيته نفسه الأمّارة بالسوء، وعندما يمتطي هواه، وعندما يحسد ذوي الفضل، وعندما يملأ قلبه هوس بسط سيطرته على الآخرين بهدف إذلالهم، وعندما يتمكّن الكِبَر من نفسه حتى يغشى بصره، ويعمي بصيرته.
-العصبيّات القبلية والطائفية: يرتكب المتعصّب، القبلي والطائفي، ذنوباً تشمئزّ منها عقول وقلوب العقلاء لأنهم ينشرون الكراهية في المجتمع، لأسباب نرجسيّة بحتة، فيصنّفون الناس وفقاً لمقاييس معوجّة ما أنزل الله بها من سلطان، ويحكمون عليهم وفقاً لأهوائهم، ويعارضون باختيارهم ما أتى به القرآن الكريم: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير"(الحجرات 13).
كاتب كويتي
DrAljenfawi@
0 تعليق