"إنسانيتنا هى المشكلة".. حرب يناقش أزمات الفكر العربي والعالمي بمعرض الكتاب

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

شهدت القاعة الرئيسية بمعرض القاهرة للكتاب ندوة بعنوان "إنسانيتنا هي المشكلة"، تحدث فيها المفكر والفيلسوف اللبناني علي حرب، وأدار الحوار الكاتب محمد شعير.

وطرحت الندوة سؤال هل إنسانيتنا هي المشكلة؟ وسط تحولات عالمية متسارعة وأزمات فكرية ممتدة، استعرض حرب رؤيته حول أزمة العقل العربي، وسلط الضوء على تراجع إنتاج الأفكار الكبرى في العالم.

افتتح حرب حديثه بالتعبير عن سعادته بالعودة إلى القاهرة بعد غياب سنوات، مؤكدًا أن العاصمة المصرية ما زالت تحتفظ بغناها الثقافي وفضائها التنويري. كما أشار إلى أهمية معرض الكتاب باعتباره تظاهرة ثقافية كبرى تتيح فرصة تأمل الواقع العربي والعالمي.

عالم متغير ومتفجر بالأزمات
أوضح حرب أن العالم لم يعد كما كان، سواء على مستوى الأفكار أو المؤسسات أو حتى الزمن ذاته. فنحن نعيش في عالم متسارع، متقلص، فائق في أدواته، مفخخ في حركاته، ومع ذلك، يزداد سوءًا يومًا بعد يوم. استشهد بحروب مشتعلة في ثلاث قارات، وانفجار مشكلات المناخ، وصعود موجات التشبيح القومي والإمبريالي.

شدد حرب على أن الأدوات التقنية أصبحت تتحدى العقل البشري في صميمه، ما يطرح أسئلة جديدة حول معنى الإنسانية في ظل تقدم الذكاء الاصطناعي وهيمنة التكنولوجيا.

العالم العربي: سيرالية التراجع
وصف حرب العالم العربي بأنه "عالم سريالي في غرابته وتقلباته"، لافتًا إلى المفارقة المتمثلة في أن شعارات الحداثة والتنوير التي رفعت منذ قرنين لم تمنع عودة الدولة الدينية بقبضة أمنية وثقافية. انتقد دعم بعض المثقفين العرب لهذه التحولات، مؤكدًا أن الأزمة تجاوزت صراع الإيديولوجيات التقليدية، وأصبحت أزمة إنسانية بالأساس.

تساءل حرب: كيف يمكن بعد قرنين من التعليم والتنوير أن نجد أنفسنا نطرح مجددًا سؤال: أين هي حقوق الإنسان؟ يرى أن المشكلة لا تكمن فقط في الأنظمة أو الأيديولوجيات، بل في الإنسان نفسه، الذي يجهل إنسانيته.
المثقف ودوره في إعادة التفكير

أكد حرب أن أولى مشكلات المثقف تكمن في أفكاره هو، إذ يجب عليه أن يعيد النظر في أدواته الفكرية باستمرار، ولا يكتفي بتشخيص الواقع، بل عليه إنتاج أفكار جديدة تسهم في التغيير، وانتقد تعامل الإنسان مع الحقيقة بوصفها ملكًا خالصًا له، معتبرًا أن الحقيقة ليست سوى قراءات وروايات متغيرة.

الحرية بين الفكرة والسلطة
تطرق حرب إلى مفهوم الحرية، معتبرًا أن المثقف وقع ضحية فكرته عن الحرية، لأنه تعامل معها باستبداد بدلًا من أن يجعلها قوة منتجة وأكد أن الحرية الحقيقية تتحقق عندما يتمكن الفرد من إنتاج أفكار جديدة تخدم مجتمعه، لا عندما ينغلق داخل تصوراته المسبقة.

الصين والغرب: معركة الاختراع لا الخطاب
أشار إلى التجربة الصينية، معتبرًا أن الصين لم تنشغل بمقارعة الحضارة الغربية خطابيًا، بل واجهت الولايات المتحدة بإنجازاتها التقنية والعلمية. في المقابل، يعاني العرب من استهلاك الطرق والمناهج التقليدية بدلًا من التركيز على الإبداع والإنتاج المعرفي الحقيقي.

واختتم حرب حديثه بالتأكيد على أن العالم أصبح أكثر تعقيدًا، مما يتطلب فكرًا أكثر تركيبًا ومرونة لم يعد هناك نخبة وجمهور فقط، بل بات المجتمع مؤلفًا من حقول وقطاعات متداخلة. رفض استخدام الدين متراسًا أيديولوجيا، بل اعتبره جزءًا من التراث الذي يمكن الاستفادة منه دون تحويله إلى أداة صراع.

"نحن نصنع أزماتنا، إما بتعصبنا، أو باستهلاك المناهج القديمة، أو بالتعامل مع الأفكار باعتبارها مرآة للواقع بدلًا من أن تكون أداةً لتغييره" – بهذه العبارة لخص حرب رؤيته النقدية، داعيًا إلى إعادة النظر في المفاهيم السائدة والانفتاح على أفق معرفي جديد.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق