القائمة الأوليَّة للمواصفات الإلزاميَّة لفتى الأحلام:
أولًا: المُتطلَّبات الشكلية:
- الطُّول لا يقلُّ عن ١٨٠ سم.
- بشرة سمراء حنطية.
- عيون بُنِّيَّة شبيهة بعيون السمك.
- صدر واسع وعريض.
- أكتاف عريضة أيضًا.
- أنف رومانى.
- شفاه مكتنزة، والعلويَّة من الأفضل أن تكون أكثر انتفاخًا من السفلية.
- شعر مُجعَّد يختلط فيه لونا الفحم والشيكولا.
ثانيًا: المُتطلَّبات النموذجية أثناء العلاقة:
- لا يستخدم الكذب ضِدِّى.
- لا يقسو.
- يتفَقَّدنى كلَّ ساعة.
- لا يسمح للخصام أو الهجر بالحضور أبدًا.
- يُدلِّلنى.
- لا يتحمَّل حزنى ولا يُغضبنى.
- لا يطيق الحياة لحظةً من دونى.
- عقله يلمس عقلى.
- يثير حماستى.
- لا يقسو، لا يخاصم، لا يهجر.
- إلى ما لا نهاية: لا يخون، لا يخون، ولا تلفتُ انتباهَهُ امرأةٌ غيرى.
اعتادت هند كبقيَّة الفتيات فى سِنِّ الطفولة أن تتعلَّق بحكايات الأمراء، الذين ينقذون حبيباتهنَّ ويهبونهنَّ الحياة الجديدة، عاشت خيالات سندريلا، والأميرة النائمة، والجميلة والوحش، كبرت وما زالت فى انتظار الأمير، الرَّجُل المثالى، الشهم، المنقذ، حُلمٌ مشروعٌ لها، أليسَ كذلكَ؟
حقًّا كبرت كثيرًا حتى قارَبَت الخامسة والثلاثين، وأخفَقَت فى خِطبتين وعِدَّة علاقات. كُلُّ رجلٍ مرَّ بحياتها رأت فيه العديد من المواصفات المنتظرة، لكنَّ جميعَهم كان ينقصه شيءٌ ما، شيءٌ مُهمٌّ ومؤثِّــرٌ كالصِّدق أو الإخلاص مثلًا.
والد هند كان ماهرًا فى الكذب، وخبيرًا فى الإيقاع بالنِّساء، تألَّمت والدتُها حتَّى أكسبها الألم مناعةً ضِدَّ الموت حزنًا، لكنَّها لم تكف عن تحذير ابنتها من ألاعيب الذكور وسوء عشرتهم، هند فتاة ذكيَّة وجميلة بالقدر الكافى لأن تُحسنَ الاختيار، لكنَّ طعم الفشل فى كلِّ مرَّةٍ كاد يصلُ بها إلى مناعة والدتها ضِدَّ الموتِ حُزنًا.
هل تستسلم؟
لا، النساء لا يعرفن الاستسلام، خاصة الحاذقات كهند.
ربَّما كانت الحياة وهمًا، وكذلك باقى الأشياء، الآن تريد شريك حياة لكن لن تقبل فيه إلا ما يرضيها ويسير حسب خطتها، لقد قرأَت بالأمس خبرًا طريفًا وموجعًا بنفس القدر عن المرأة التى استبدلت بزوجها كلبًا، فى رأى هند إنَّ السيدة فعلت الصواب، تزوَّجَت مَن يريح قلبها ويمنحها دفئًا ووفاءً. صحيحٌ، مَن قال إنَّ حلمَ المرأة لابدَّ وأن يكونَ رجلًا؟ وهند لا تُحبُّ الكلاب؛ إنَّها تُشبِهُ الذُّكورَ فى الجرى وراءَ الكثيراتِ من الإناث، كما أنَّ هند لا تُطيق الحيوانات الأليفة، ومن المفترض أنَّ زواجها بمفترس يقضى عليها.
ما الحل إذن؟
إنَّها تَودُّ تصنيع نموذجٍ على هواها، نموذجٍ مُصَنَّعٍ ومُبَرمَجٍ، لقد لمعت الإجابة أخيرًا وتكشَّفَت؛ إنَّها بحاجة إلى الزَّواج من إنسان آلىٍّ تملك وحدها برمجته وتعبئة عقله وعواطفه، لكن كيف تفكُّ رموز المعضلة؟
إنَّها تسمع دائمًا عن تطوير الذكاء الاصطناعى الوشيك للروبوت، الأمر الذى لا يزال قيد التجربة، فلماذا لا تخوضها وتستخدم واحدًا ضمن الاختبار؟ الأجانب يدعمون مثل هذه الأشياء بالطبع.
راسلَت عِدَّة وكالات بحثية، حتى حصلت على موافقة لوضعها ضمن التجارب العلمية لِمَا يُسمَّى «Love & Sex With Reboot» وأرسَلَت لهم المواصفات التى تريدها فى الزوجِ المطلوب، وتمَّ استدعاؤها إلى مقرِّ الوكالة فى الشرق الأوسط؛ للحصولِ على التأهيل الكافى للتَّعامل مع زوجها المُبَرمَجِ بعد أن صارَ كامل الأوصاف.
تزوَّجَت منه دونَ الحصولِ على إجازة شرعية، وأقامَت حفلًا كبيرًا، وتَعاملَ الرَّجل المُبَرمَجُ بحرفية أعلى من الرِّجالِ الحقيقيين فى الحفل للدَّرجةِ التى لم يَشُك أحدٌ فى كونه غير اصطناعىٍّ، أبقَت الأمر سِرًّا؛ لتُفجِّر القنبلة لاحقًا.
كان ودودًا، وديعًا، لطيفًا، مُحِبًّا، يُجيد أعمال المنزل، والغناء، والرَّقص، والمساج النَّاعم، لا يكذب، ولا يقسو، ولا يخون.
بعد عامين، شعرَت بالملل والحنين إلى الطفل، سافرَت إلى لبنان وتَبنَّت طفلًا حقيقيًّا، ولم يعرف أحدٌ إلا أنَّها أنجبَت، ولمعالجة الملل أدخلَت بعض الجمل الجديدة، على شاكلةِ «لن أتخلَّص من كيس القمامة»، «أنت زوجة متطلبة»، «النساء خفيفات العقل»، «لقد زاد وزنك»، ورُبَّما أدخَلَت تعديلًا بسيطًا على برنامج التشغيل الخاص به كافتعالِ مشاجرة صغيرة ومن ثَمَّ ترضية ضخمة، وهكذا دأبَت على إعادةِ برمجته كل فترةٍ، وإعادتِهِ لضبطِ المصنع ثانيةً.
إنَّها تشتاق إلى رجلٍ حقيقىٍّ، لكنَّها تُدعِّم موقفها بأنَّ الأمرَ ما زال جديدًا، وهذا فقط ما يُربكها رغم مرور عامين، وكانَ ما يُهوِّن الأمر عليها أنَّه لا يكذب، والأهم من ذلك أنَّهُ لن يخون.
وفى أحد الأيَّام عادت إلى منزلها مرهقة ولم تجده، أمر صاعق ومريب بلا شكٍّ؛ ليس من ضمنِ برمجتِهِ أن يغادرَ المنزل دون علمِها، لكنَّها تمكَّنَت من تحديد مكانه.. إنَّهُ فى الشقة المقابلة، شقة صديقتها نرجس.. «اللِّصَّة سرقته».
أسرعَت إليها ودقَّت الجرس.. ولم يمض وقتٌ حتى فتح الروبوت بابَ شقة نرجس بنفسِهِ، وقذف فى وجهها جُملًا بنبرتِهِ المعدنيَّةِ التى بَدَت لأذنِها حادَّةً للمرَّةِ الأولى:
«أنت طالق»
«أنت سمينة وقبيحة»
«أحبُّ نرجس»
«ارحلى عنى»
«لقد خنتك؛ لأنَّك تستحقين»
«نرجس جميلة وفاتنة»
«ارحلى بعيدًا يا سمينة».
من مجموعة: ثلاث نساء فى غرفة ضيقة
0 تعليق