شهدت أسعار البن في الأسواق العالمية في الفترة الأخيرة ارتفاعًا غير مسبوق، حيث وصل سعر البن في بورصة نيويورك إلى 3.77 دولار للرطل، وهو ما يمثل مستوى قياسيًا لم يصل إليه من قبل.
كما ارتفعت أسعار البن في السوق المحلية، لأعلى مستويات سعرية في تاريخها، ليصل سعر البن السادة إلى 600 جنيه للكيلو.
هذا الارتفاع الكبير أثار الكثير من التساؤلات حول الأسباب التي تقف وراءه، ويُعزى ذلك إلى مجموعة من العوامل التي تتداخل مع بعضها البعض، ما يساهم في تحديد أسعار البن في الأسواق الدولية، وذلك على حسب رأي العديد من الخبراء في صناعة البن.
التغيرات المناخية: بداية المشكلة
حسب الخبراء من أبرز الأسباب التي أدت إلى ارتفاع أسعار البن هو التغير المناخي، إذ شهدت بعض الدول المنتجة للبن، مثل البرازيل، أسوأ موجة جفاف منذ عقود، ما أثر بشكل كبير على المحاصيل.
ولتضاف إلى هذه المشكلة، هناك تقلبات مناخية حادة في دول أخرى مثل فيتنام وكولومبيا، التي تعاني من موجات حر شديدة وأمطار غزيرة وعواصف رعدية، هذه الظروف التي أدت إلى تراجع الإنتاج، مما قلص المعروض من البن في الأسواق، وبالتالي رفع الأسعار.
التوترات التجارية: تأثيرات غير مباشرة
لكن التغيرات المناخية ليست العامل الوحيد، إذ أن التوترات التجارية بين بعض الدول الكبرى قد أثرت أيضًا على سوق البن، على سبيل المثال، كان تهديد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية على صادرات كولومبيا من البن نتيجة لخلافات سياسية قد جعل الأسواق تعيش حالة من عدم اليقين، وهو ما دفع الأسعار للارتفاع.
ورغم أن هذه التهديدات تم التراجع عنها، فإنها تركت بصماتها على السوق وأدت إلى استمرار ارتفاع الأسعار.
نقص المعروض والزيادة في الطلب
كما أكد الخبؤراء أيضًا أن الزيادة في أسعار البن ترتبط أيضًا بنقص المعروض، فإنه وفقًا لتقرير وزارة الزراعة الأمريكية، يتوقع أن تنخفض المخزونات العالمية من البن في موسم 2024-2025 إلى أدنى مستوياتها في 25 عامًا، وهو ما يساهم بشكل مباشر في رفع الأسعار، وفي الوقت ذاته، تشهد بعض الأسواق الناشئة مثل الصين والهند زيادة كبيرة في استهلاك القهوة، ما يزيد من الضغط على الإمدادات ويجعل الأسعار ترتفع بشكل مستمر.
تكاليف النقل: عامل إضافي في الزيادة
وإلى جانب العوامل السابقة، تساهم الزيادة الكبيرة في تكاليف النقل في رفع أسعار البن، وشهدت الفترة الأخيرة ارتفاعًا في أسعار الوقود وارتفاع تكاليف الشحن، سواء على المستوى البحري أو الجوي، هذه الزيادة جعلت من الضروري أن ترفع الشركات المنتجة للبن أسعارها لتعويض تلك المصاريف الزائدة، وهو ما انعكس بدوره على أسعار البن في الأسواق العالمية.
تأثيرات جائحة كورونا: خلل في سلاسل الإمداد
ولم تكن جائحة كورونا بعيدة عن التأثير على أسعار البن، على الرغم من أنها قد تكون تأثيرات غير مباشرة، فقد أدت الإجراءات الاحترازية والإغلاقات إلى تعطيل سلاسل الإمداد في العديد من الدول المنتجة للبن، كما أسهم نقص العمالة في مزارع البن بسبب الجائحة في تراجع الإنتاج، وهو ما تسبب في تدهور الإمدادات وبالتالي زيادة الأسعار.
محدودية الإنتاج في بعض الدول: ضغوط إضافية
زيادة الأسعار لم تقتصر فقط على التغيرات المناخية أو التوترات التجارية، بل تضمنت أيضًا نقص الإنتاج في بعض الدول، ففي المكسيك، على سبيل المثال، أدى ارتفاع درجات الحرارة في بداية عام 2024 إلى تضرر حوالي 80% من إنتاج البن المحلي، وقد أضاف ذلك مزيدًا من الضغوط على السوق، مما ساعد في دفع الأسعار إلى مستويات مرتفعة.
العوامل الجيوسياسية: التأثيرات التي لا يمكن تجاهلها
كما لا يمكن تجاهل التأثيرات الجيوسياسية التي لها دور في رفع أسعار البن، والتي أكدها خبراء الصناعة ففي كولومبيا، على سبيل المثال، تسببت الاضطرابات السياسية والصراعات الداخلية في تقليص الإنتاج المحلي للبن، مما أثر بشكل كبير على الإمدادات العالمية، وقد أدى ذلك إلى زيادة الأسعار في الأسواق الدولية، حيث يلاحظ أن أي نوع من التقلبات الجيوسياسية في البلدان المنتجة للبن يمكن أن يترك أثرًا مباشرًا على الأسعار.
0 تعليق