كشف تقرير بريطاني، عن سعي حكومات الاتحاد الأوروبي لإشراك المملكة المتحدة والنرويج فيما يعرف باسم "تحالف الراغبين" (coalition of the willing) المخصص لتوسيع دفاعات القارة الأوروبية، مع التحايل على العواصم المحايدة عسكريًا والصديقة لروسيا في ظل تصاعد التهديدات واستمرار حرب روسيا وأوكرانيا.
وقالت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية في تقرير، اليوم، إن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والأمين العام لحلف شمال الأطلسي “الناتو” مارك روته سينضما إلى زعماء الاتحاد الأوروبي في بروكسل اليوم لمناقشة كيفية تقاسم التكاليف الباهظة لإعادة التسليح وزيادة القدرات العسكرية فيما تدور المناقشات خلف الأبواب المغلقة في الوقت الذي تتعرض فيه أوروبا لضغوط متزايدة لتحمل المزيد من المسؤولية عن أمنها.
حرب أوكرانيا وضغوط ترمب تدفع أوروبا للتعاون الدفاعي
وأكدت الصحيفة أن حرب روسيا وأوكرانيا ومطالبات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب للدول الأوروبية بزيادة الإنفاق الدفاعي بشكل كبير قادت إلى مناقشات محمومة ومتباينة في كثير من الأحيان حول مستقبل القدرات العسكرية لأوروبا وكيفية تمويل فجوة التمويل التي تقدرها المفوضية الأوروبية بأكثر من 500 مليار يورو.
وبحسب الصحيفة سيتعرض الزعماء لضغوط أكبر لإيجاد أرضية مشتركة بعد أن هدد ترمب بفرض رسوم جمركية على سلع الاتحاد الأوروبي، في أعقاب التدابير التجارية الشاملة ضد الصين والمكسيك وكندا التي أُعلن عنها هذا الأسبوع.
واقترح بعض الزعماء زيادة المشتريات الكبيرة بالفعل من الأسلحة الأمريكية لاسترضاء البيت الأبيض على جبهتين مع تحسين دفاعاتهم في الوقت نفسه، فيما يخشى آخرون أن تؤدي حرب تجارية تستنزف الاقتصاد إلى تقليص قدرتهم على إنفاق المزيد على الأسلحة.
وقال أحد كبار الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي المشاركين في المناقشات التي سبقت القمة: “في الأمد القريب، يتعين علينا أن نظهر الوحدة بشأن قضية زيادة قدراتنا الدفاعية، لكن من الواضح أنه في الأفق المتوسط والطويل الأجل، ربما يكون هناك طريق آخر للمضي قدمًا بقيادة مجموعة أكثر تفانيًا”.
خلافات داخل الاتحاد الأوروبي بسبب تحالف الراغبين
وأوضحت “فايننشال تايمز”، ان النقاش كشف عن انقسامات بين أكبر اللاعبين الدفاعيين في الاتحاد الأوروبي، ألمانيا وفرنسا، والدول المحايدة مثل النمسا وأيرلندا، والموقف المؤيد لروسيا من المجر وسلوفاكيا وفي الوقت نفسه، تواجه الدول ذات الإنفاق الدفاعي المرتفع مثل بولندا ودول البلطيق الدول المتأخرة مثل إيطاليا وإسبانيا.
وقال المسؤولون إن التمويل هو سبب رئيسي للانحراف عن نهج الاتحاد الأوروبي البحت إلى "تحالف أوروبي أوسع نطاقًا للراغبين" مع أعضاء الناتو مثل المملكة المتحدة والنرويج وقد تم بالفعل اقتراح مثل هذا الهيكل لخطة جماعية تشمل بنك الاستثمار الأوروبي لجمع السندات لأغراض الدفاع.
وقال دبلوماسي آخر من الاتحاد الأوروبي "لا يمكننا الحديث عن الأمن في القارة الأوروبية بدون الناتو، وبدون البريطانيين"، وأضاف أن المناقشات لا تزال جارية بشأن أي القدرات الدفاعية يجب أن تكون مشتركة وأي القدرات هي مسؤولية فردية للدول الأعضاء".
وسبق والتقى ستارمر بالمستشار الألماني أولاف شولتز في مقر إقامته في تشيكرز أمس الأحد قبل القمة، حيث اتفقا على "أهمية توسيع وتنسيق الإنتاج الدفاعي في جميع أنحاء أوروبا"، وفقًا لبيان الاجتماع.
وقال مسؤول حكومي ألماني إن قمة اليوم ستشمل مناقشات حول تمويل صناعة الدفاع في أوروبا، بما في ذلك "تعزيز وتعميق الشراكات" مع الدول غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.
وأوضحت الصحيفة أن النرويج تدرك من ناحيتها حاجتها إلى علاقات جيدة مع الاتحاد الأوروبي في حالة بدء ترامب حربًا تجارية مع الكتلة نظرًا لأنها جزء فقط من المنطقة الاقتصادية الأوروبية، فإن النرويج تخاطر بالخضوع للرسوم من كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وقال مسؤول نرويجي "حصلنا على إعفاء من التعريفات الجمركية للاتحاد الأوروبي في المرة الأخيرة، لكن هذا ليس أمرا مسلما به".
وكشفت الصحيفة البريطانية أن ما يعرف باسم "تحالف الراغبين" من شأنه أن يسمح بالالتفاف على أربع دول محايدة في الاتحاد الأوروبي ليست أعضاء في حلف شمال الأطلسي - النمسا وقبرص وأيرلندا ومالطا - والزعماء الموالين لروسيا في المجر وسلوفاكيا.
وتم الإعداد لقمة اليوم من قبل رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا لتكون غير رسمية قدر الإمكان، مع عدم وجود بيان مشترك مخطط له لكن المناقشة ستوجه المفوضية في صياغة اقتراح من المقرر أن يصدر في الربيع حول طرق زيادة المشتريات المشتركة للأسلحة وتنسيق صناعة الدفاع في الكتلة بشكل أفضل.
قمة تدشين تحالف الراغبين تقسم أوروبا
وقال مسؤولون في الاتحاد الأوروبي إن نية القمة كانت إيجاد "وحدة" بشأن القضية الواسعة النطاق المتمثلة في ترقية القدرات الدفاعية للقارة لكنهم اعترفوا بأن إيجاد الإجماع سيكون صعبا بين جميع الأعضاء السبعة والعشرين.
ووقعت 19 دولة عضو في الاتحاد الأوروبي على مذكرة مشتركة في الأسبوع الماضي، طالبت مجموعة العشرين بنك الاستثمار الأوروبي، أكبر مؤسسة إقراض متعددة الأطراف في العالم بميزانية عمومية تبلغ نحو 550 مليار يورو، بتخفيف قواعده التي تحظر حاليًا التمويل المباشر لمشاريع الدفاع.
وتدفع بعض العواصم أيضًا الاتحاد الأوروبي إلى تخفيف قواعده بشأن مستويات الديون والعجز لاستبعاد الإنفاق الدفاعي، بينما يريد آخرون من الاتحاد الأوروبي تخفيف القيود المفروضة على استخدام ميزانيته المشتركة لأغراض عسكرية، في حين تعارض ألمانيا وهولندا أي اقتراض إضافي مشترك من جانب الاتحاد الأوروبي لأغراض الدفاع.
0 تعليق