انتخابات نقابة الصحفيين 2025: معركة الاستقلال قبل السباق الانتخابي

الدستور 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

اليوم ينطلق رسميا سباق انتخابات التجديد النصفي لنقابة الصحفيين، وقد يظن البعض أن انتخابات نقابة الصحفيين لعام 2025 مجرد استحقاق دوري يتنافس فيه المرشحون على مقاعد المجلس، ويتبارون في تقديم وعودهم الانتخابية حول تحسين أوضاع الصحفيين، وتطوير الخدمات، وتحقيق المكاسب النقابية، لكن الحقيقة الأعمق أن هذه الانتخابات تأتي في ظل لحظة فارقة، ليس في عمر المهنة فقط، ولكن في عمر الوطن، لحظة تضع مفهوم "الاستقلال النقابي" في قلب المشهد، ليس كشعار انتخابي، بل كمعركة يجب أن يخوضها الصحفيون دفاعًا عن مهنتهم، وعن حقهم في نقابة تمثلهم دون تبعية أو إملاءات، ودون أحتكار لفكرة ومفهوم الاستقلال النقابي لأشخاص بعينهم، فمفهوم الاستقلال النقابي يشمل كل من يدافع عن حقوق الصحفيين في العمل والأجر العادل والعلاج والتدريب وغيرها من الملفات وكل من يرفع تلك الأهداف فهو تحت مظلة الاستقلال النقابي دون إقصاء وتحت المظلة الأوسع (الجماعة الصحفية) التي تضم المؤيد والمعارض وأصحاب التوجهات المختلفة التي تجمعهم وحدة الهدف.

الاستقلال النقابي.. جوهر المعركة

الحديث عن استقلال نقابة الصحفيين ليس رفاهية، وليس مجرد مصطلح نظري يتردد في المؤتمرات، بل هو أساس وجود النقابة منذ نشأتها، وخاصة في هذا التوقيت الحرج من عمر الوطن والمنطقة العربية، فالنقابة ليست جهة إدارية، وليست مؤسسة تابعة، بل هي كيان مستقل دوره الأساسي الدفاع عن حقوق الصحفيين، وتوفير الحماية لهم، والتفاوض باسمهم من أجل تحسين أوضاعهم، ومع ذلك، يواجه هذا المفهوم محاولات متكررة للإضعاف، إما عبر التدخلات التي تسعى لفرض وصاية على القرار النقابي، أو من خلال اختزال دور النقابة في خدمات هامشية دون معالجة الأزمات الحقيقية التي تواجه الصحفيين.

إذا لم يكن الاستقلال النقابي حاضرًا بقوة في انتخابات 2025، فسيظل الصحفيون عالقين في نفس الدائرة المفرغة، حيث الوعود الانتخابية تذهب أدراج الرياح بعد انتهاء التصويت، وحيث تظل النقابة عاجزة عن أداء دورها الحقيقي في الدفاع عن المهنة وأعضائها وسط غياب قانون لحرية تداول المعلومات وقوانين المهنة التي تحتاج للتعديل وفي مقدمتها قانون النقابة، قبل أن يفرض علينا مشروع قانون قد يخرج من جهات أخرى بمعزل عن الجمعية العمومية.

مشكلات الصحفيين.. أزمات بلا حلول حقيقية

بعيدًا عن الأسماء والشعارات، فإن التحديات التي تواجه الصحفيين في مصر لم تعد خافية على أحد، ومع كل دورة انتخابية يتكرر طرح  نفس المشكلات ونسمع نفس الوعود دون حلول جذرية.

1- مشروع العلاج.. أزمة تتجدد كل عام

لا يزال مشروع العلاج في نقابة الصحفيين يعاني من مشكلات هيكلية تجعله عبئًا على الصحفيين بدلًا من أن يكون دعمًا لهم، فالشكاوى من ضعف التغطية الطبية، وارتفاع نسبة المساهمات المطلوبة من الصحفيين، والتعاقدات المحدودة مع المستشفيات الكبرى، كلها مشكلات لم تجد طريقها إلى الحل رغم الوعود المستمرة. ويظل السؤال: هل سيتم التعامل مع هذا الملف بجدية حقيقية أم سيبقى مجرد نقطة في البرامج الانتخابية تُنسى بعد إعلان النتائج؟

2- أزمة الإسكان.. وعود تتبخر مع الوقت

منذ سنوات طويلة، يعاني الصحفيون من غياب مشروعات إسكانية حقيقية تناسب دخولهم المحدودة. وبينما حصلت النقابة في فترات سابقة على وعود بتخصيص وحدات سكنية لأعضائها، إلا أن التنفيذ ظل بطيئًا ومعقدًا، ولم يستفد منه إلا قلة. فهل ستحمل انتخابات 2025 حلولًا واقعية لهذه الأزمة، أم ستظل مجرد بند آخر في قائمة المطالب المؤجلة؟

3- الأجور المتدنية.. أزمة مهنة بأكملها

لا يمكن الحديث عن واقع الصحفيين دون التطرق إلى واحدة من أخطر الأزمات التي تهدد مستقبل المهنة: الأجور المتدنية. فرغم أن الصحافة تعد من المهن التي تتطلب مهارات عالية، وعملًا متواصلًا، وتضحيات كبيرة، فإن المقابل المادي لا يزال لا يتناسب مع الجهد المبذول. والأسوأ من ذلك، أن بعض الصحفيين الشباب يعملون لسنوات دون رواتب ثابتة، ويُجبرون على قبول "بدل التدريب" كحل مؤقت يتحول مع الوقت إلى قاعدة غير رسمية لاستغلالهم.

إن تحسين أوضاع الصحفيين المالية يجب ألا يكون مجرد مطلب انتخابي، بل هو معركة حقيقية للحفاظ على المهنة نفسها، ومنع نزيف الكفاءات التي تهجر الصحافة بحثًا عن فرص أفضل في مجالات أخرى.

ما الذي يحتاجه الصحفيون من انتخابات 2025؟

مع الدخول في معركة انتخابية نقابية جديدة لا بد أن يدرك الصحفيون أن الاختيار هذه المرة ليس مجرد تصويت لأشخاص، بل هو تصويت على مستقبل المهنة نفسها. المطلوب ليس مجرد وعود انتخابية، بل خطة حقيقية لإعادة الاعتبار لنقابة الصحفيين ككيان مستقل قادر على الدفاع عن أعضائه، وتحسين ظروفهم المعيشية، واستعادة دورها كصوت مهني حر لا يخضع إلا لمبادئ الصحافة وأخلاقياتها.

إن استقلال النقابة هو الضمان الوحيد لحل مشكلات الصحفيين، وهو البوابة التي يمكن من خلالها تحسين الأوضاع المهنية والاقتصادية والخدمية لأعضاء النقابة. فبدون نقابة قوية ومستقلة، ستظل الأزمات تتكرر، وسيظل الصحفيون يدفعون ثمن التردد والتهاون في الدفاع عن حقوقهم.

معركة انتخابات نقابة الصحفيين في 2025 ليست مجرد سباق بين مرشحين، بل هي اختبار حقيقي لقدرة الصحفيين على استعادة نقابتهم، ووضعها في المكانة التي تستحقها، كحائط صد يحمي المهنة من التراجع، ويحمي أصحابها من التهميش والإقصاء.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق