عربي ودولي
0

رام الله - محمـد الرنتيسي
في خضم العدوان على غزة، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطته "لما بعد الحرب".. كان ذلك خلال حملته الانتخابية في طريق عودته إلى البيت الأبيض، وما أن انقشع غبار المعارك وعادت السيوف إلى أغمادها، حتى أباح ترامب عن خطته، وقوامها سيطرة بلاده على قطاع غزة، بعد تهجير سكانها، فإذا هي بمثابة "إعلان حرب".
وبعد أن وضعت الحرب أوزارها، عاش الفلسطينيون مشاهد غير مسبوقة، أكان بالحشود الهادرة العائدة إلى غزة، أو فرحة الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين ذوي الأحكام العالية والمؤبدة، لكن سرعان ما تكشفت الصورة، ومالت إلى القتامة، إذ لم يكن لمفاعيل اتفاق وقف إطلاق النار أن تتم دون ضغط أمريكي، تبين لاحقاً أنه جاء "لحاجة في نفس ترامب" ترحيل سكان غزة، ونقل القطاع إلى السيطرة الأمريكية.
ساعات قليلة، حتى ثارت زوبعة رفض وردود أفعال وإدانات دولية واسعة، ضد المقترح الذي لم يرحب به أحد غير كيان الاحتلال، التي بدا منتشياً بـ"وعد ترامب".
كان من الطبيعي أن يحجب مقترح ترامب كل الأخبار العاجلة، التي تزدحم بها الفضائيات، فالمقترح "الترانسفيري" أحدث عاصفة انتقادات غير مسبوقة، واهتزازات عربية ودولية، بل إن ثمة مراقبين اعتبروه "إعلان حرب" ضد الشعب الفلسطيني، أكثر قساوة من تلك الحرب الطاحنة، التي استمرت لـ15 شهراً.
استناداً إلى أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الوطنية رائد الدبعي، فمقترح ترامب المثير للجدل، من شأنه أن يقود إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة، ولهذا قوبل بجبهة رفض عربية دولية، ليس فقط من قبيل الدعم للقضية الفلسطينية، وإنما أيضاً لرفض نهج ترامب ذات العلاقة بالسياسات الدولية، المناقضة للقرارات الأممية والدولية.
وحسب الدبعي، فسيل الإدانات لمقترح ترامب، يأتي في سياق التأكيد على حل الدولتين، ورفض أي سياسات أو قرارات من شأنها تقويضه، مشدداً: "العالم يرفض خطة ترامب لما لها من مآلات على الأمن والاستقرار الدوليين، وهي خطة مستنسخة من تجارب هتلر وموسوليني، اللذين قادا العالم إلى حروب مدمرة".
في حين يرى الكاتب والمحلل السياسي محمود فروخ أن ثمة إجماع دولي على رفض سياسة ترامب التي لا ترى من العالم سوى مصالحها وحليفتها إسرائيل، وليس أدل على ذلك من مقترح ترامب تهجير سكان غزة، الذي يتبناه اليمين الإسرائيلي.
الفروخ اعتبر موجة الإدانات العربية والدولية للمقترح التهجيري، بأنها صفعة قوية لترامب، ورسالة أكثر وضوحاً له، بأن العالم لم يعد يقبل بهذه السياسية العنصرية، التي تحاول فرض واقع استعماري جديد في المنطقة، مشدداً على أن الفلسطينيين، وأهل غزة على وجه الخصوص، سيواجهون مشروع التهجير القسري بكل صلابة.
وأعاد الفروخ التذكير بـ"صفقة القرن" التي حاول من خلالها ترامب، تصفية القضية الفلسطينية في ولايته الأولى، من خلال مشاريع توطين الفلسطينيين في دول أخرى، ما يعكس نهجه وسياساته، مرجحاً أن يتراجع عن خطته، إذ ثمة "تفسيرات مخففة" ظهرت بعد عاصفة المواقف الرافضة.
وفي الشارع الفلسطيني، ثمة إجماع على أن عزف ترامب على الوتر الإنساني في قطاع غزة، لن ينطلي على أحد، وأن الموقف الفلسطيني سيظل على حاله من محاولات التهجير القسري والتطهير العرقي، استناداً إلى القانون الدولي الذي يحظر ترحيل أي شعب من أرضه، ومن شأن المواقف العربية والدولية تعزيزه.
أخبار ذات صلة
مساحة إعلانية
0 تعليق