
متظاهرون يدعون إلى إطلاق محمود خليل
في مركز تابع لوزارة الأمن القومي في ولاية لويزيانا، على بعد أكثر من ألفي كيلومتر من منزله في نيويورك، يقبع الطالب الفلسطيني محمود خليل محتجزاً منذ السبت الفائت، ومهدداً بإلغاء إقامته الدائمة (غرين كارد) والترحيل.
وبينما مدد قاض فيدرالي الأربعاء منع ترحيل خليل، في جلسة استماع في نيويورك على وقع هتافات مئات المتظاهرين تضامناً معه أمام مبنى المحكمة، بدأ احتجازه يتحول إلى قضية رأي عام، بخاصة أنه لم توجه إليه أي تهمة رسمية حتى اللحظة.
ورقة إدارة الرئيس دونالد ترامب ضد خليل تتلخص باعتماد وزير الخارجية ماركو روبيو على قرار من خمسينات القرن الماضي، نادراً ما استخدم، يسمح بإلغاء تأشيرة الأجنبي، أو إلغاء إقامته الدائمة، إذا تعارض وجوده في أميركا مع مصالح البلاد القومية والخارجية.
وفي ظل عدم وجود دليل مادي لدى هذه الإدارة على أي ارتباط لخليل بحركة "حماس" المصنفة إرهابية، لجأ الجمهوريون إلى اتهامات تصوّره نموذجاً لطلاب أهانوا زملاءهم اليهود لفظياً، أو جعلوهم يشعرون بالخوف والإقصاء في الحرم الجامعي. وهي اتهامات رأى روبيو أنها كافية لمعاملة الطالب والمقيم الشرعي المتزوج من أميركية حامل في شهرها الثامن، بصفته مقيماً بسبب منّة الولايات المتحدة، لأن الإقامة الدائمة ليست حقاً مكتسباً.
وفي وجه موقف جمهوري موحد، وعالي السقف في التشهير بالشاب الثلاثيني العربي، يبدو الديموقراطيون غير مهتمين البتة بالفلسطيني الذي كان ناشطاً بقوة خلال العام الفائت في تظاهرات جامعته كولومبيا ضد الحرب الإسرائيلية على غزة، والتي أدت إلى انقسام في الجسم الديموقراطي انسحب على الموقف من التظاهرات نفسها.
السيناتور الديموقراطي الاشتراكي بيرني ساندرز، مثلاً، لم يذكر خليل بالإسم، وفضل مخاطبة الرئيس الأميركي في منشور على "إكس" قائلاً له: "لا أيها السيد الرئيس، لا يمكنك اعتقال حاملي إقامة دائمة أميركية واحتجازهم بسبب وجهة نظرهم السياسية أو آرائهم. رمي المتظاهرين في السجون هو خطوة إضافية في الطريق إلى الاستبداد".
في المقابل، فإن رفيقه تشاك شومر زعيم الأقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ بدأ منشوره الذي يفترض به أن يكون تضامنياً مع خليل، بالقول: "أمقت العديد من الآراء والسياسات التي يتبناها خليل ويدعمها وقد انتقدت النشاطات المعادية للسامية في جامعة كولومبيا"، متابعاً إن "احتجازه، مع ذلك، هو خرق للتعديل الأول في الدستور".
هذا التخوف الديموقراطي من تبني قضية خليل السياسية، كسرته النائبة رشيدة طليب، في طلب وقعته مع 13آخرين من زملائها في مجلس النواب. طليب قالت إن "اعتقال خليل هو فعل عنصري معاد للفلسطينيين يهدف إلى قمع حركة التضامن مع فلسطين في هذا البلد".
ووصفت خليل بأنه سجين سياسي. هذا الوصف سرعان ما وجد طريقه إلى ناشطين وإعلاميين مستقلين على وسائل التواصل، أضافوا إليه أنه أول سجين سياسي لدونالد ترامب.
هؤلاء اعتبروا أن السلطات اتخذت في حقه إجراءات انتقامية كنقله إلى لويزيانا، ومنع محاميه من التواصل معه على انفراد واتهامه بجريمة معاداة السامية، مع أن لا تهمة في أميركا بهذا الاسم، فأنت يحق لك أن تفكر أو تقول ما شئت، وليس لديهم إثبات أنه كذلك. هو اعتقل لأنه انتقد إسرائيل.
زوجة خليل الحامل التي بقيت مجهولة حتى الأربعاء، تحدثت إلى وكالة "رويترز" وظهرت تحمل صورة بالموجات فوق الصوتية لجنينها الذكر الذي ينتظرانه بعد شهر.
نور عبدالله، طبيبة الأسنان التي تبلغ 28 عاماً، قالت إنها كانت ساذجة حين لم تقتنع بتخوف محمود من إمكان القبض عليه قبل يومين فقط من احتجازه.
ما يرعبها الآن هو احتمال أن يلتقي محمود ابنه من خلف زجاج عازل.
نور استطاعت التواصل مع زوجها هاتفياً، ويبدو أنه تابع نشاطه في مركز الاحتجاز، مساعداً رفاقه الجدد الذين لا يجيدون الإنكليزية، ومقتسماً معهم الطعام الذي يشتريه من ماله الخاص.
النشاط العام الذي يدمن عليه خليل هو الذي وضعه في مرمى نظر ترامب، فعلى العكس من كثير من الطلاب الذين كانوا يخبئون وجوههم ولا يدلون بأسمائهم، كان خلال التظاهرات في كولومبيا مكشوف الوجه دائماً، يدلي بتصريحات إلى وسائل الإعلام، كما يلعب دور الوسيط بين الإدارة والمتظاهرين.
لم يكن لديه ما يخفيه أو يخاف منه. الآن يدفع ثمن جرأته.
0 تعليق