إلى سمو رئيس مجلس الوزراء الموقر... مقترح التمويل العقاري يصنع تضخماً لن يستثني أحداً

24 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
إلى سمو رئيس مجلس الوزراء الموقر... مقترح التمويل العقاري يصنع تضخماً لن يستثني أحداً
play icon

م. حمود عقلة العنزي

"التضخم هو ضرائب دون تشريع" كما يقول ميلتون فريدمان الاقتصادي الحائز على جائزة نوبل، وهي أيضا ضرائب لا تذهب لخزينة الدولة وتمثل عبئاً للاقتصاد، أبسط تعريف للتضخم هو الكثير من المال يلاحق القليل من المنتجات، وهو بالضبط جوهر مقترح التمويل العقاري المطروح حالياً لضخ سيولة للسوق العقاري دون توفير منازل يمكن شراؤها أو أراضي قسائم سكنية قابلة للتطوير.

أرجو من مجلس الوزراء الموقر أخذ ملاحظات الاقتصاديين والعقاريين بعين الاعتبار، خاصة أن إقرار مقترح التمويل العقاري لا يستغرق سوى جلسة أو جلستين للمجلس، في حين توفير أراض جاهزة للتطوير العقاري لتوفير منازل لأصحاب الطلبات يستغرق سنوات قد يمتد لعشر سنوات ناهيك عن عدم وجود سعة كهربائية كافية للمناطق الجديدة وتجهزيها يحتاج أيضا لسنوات.

هذه السيولة الإضافية لن تؤدي لشراء منتجات سكنية جديدة لعدم توافرها حالياً وسوف تتجه لتغذية التضخم في العقارات الحالية والتضخم في مواد البناء وتكاليف الإنشاء، تضخم يمتد أثره للجميع سواء كان من أصحاب الطلبات أو غيرهم، فغلاء مواد البناء وتكاليف المقاولين وارتفاع الإيجارات سيتضرر منه الجميع، لذلك من الخطأ الاعتقاد أن ضخ سيولة في السوق العقاري يستهدف فقط أصحاب الطلبات الإسكانية، فالتضخم لا يستثني أحدا وحركة الاقتصاد مترابطة يصعب فكها ويصعب عزل تأثير اجراء معين عن كل الاقتصاد.

لن يستفيد من قانون المقترح للتمويل العقاري سوى موردي مواد البناء والبنوك لتمكينها من توفير منتجات تمويلية جديدة وتصريف السيولة لديها، وكذلك الدخول لفرص رهن مساكن المواطنين، والأهم ما يؤدي لارتفاع أسعار العقار وارتفاع الإيجارات باعتبار البنوك المحلية هي اكبر تجار للعقار بغض النظر عن الأضرار السلبية على المواطنين، حيث ليست من مسؤولية البنوك ضمان الجوانب المعيشية للمواطنين أو توفير حق الرعاية السكنية، فتلك مسؤولية الحكومة لا البنوك، حيث ستظل البنوك، وهذا حقها، في تقديم الحلول التي تحقق أفضل عائد لها والدفع بقانون يحقق مصالحها بالدرجة الأولى. وإن كانت الفكرة أن المقترح يقدم بشكل اختياري وليس إلزاميا إلا أن عجز بنك الائتمان عن توفير قرض الـ70 ألف دينار وعدم قيام الحكومة بحل مشكلة تمويله بشكل مستدام يعني الدفع بأصحاب الطلبات الإسكانية مُكرهين للبنوك للحصول على تمويل لبناء قسائمهم مقابل رهن منازلهم، لذلك فإن إقرار مقترح قانون التمويل العقاري الآن دون حل مشكلة تمويل بنك الائتمان وقبل توفير أراض جاهزة البنية التحية قابلة لتسليمها للمطورين العقاريين يعتبر بمثابة وضع العربة أمام الحصان حيث إن عدم توفير ذلك يعني لاجدوى لقانون التمويل العقاري المقترح الآن سوى فتح المجال لتضخم يحقق مصالح البنوك ولكن يضع ضغوطا إضافية على حياة الناس.

أدعو مجلس الوزراء الموقر لوضع الحلول والمقترحات ضمن أولويات سليمة، فحل مشكلة تمويل بنك الائتمان عبر إصدار سندات تمولها البنوك المحلية يمثل حلا واقعيا لا يكلف الدولة، ثم العمل على تطوير البنية التحتية لأراض لتقديمها للمطورين العقاريين، الذي سيأخذ سنوات طبعا ثم بعد ذلك يتم إقرار قانون للرهن العقاري ضمن تسلسل منطقي وخطة معقولة تؤدي لتوفير منتجات سكنية وقتها تستوعب السيولة الإضافية بدلاً من إقرار قانون الآن يضخ سيولة مالية ضخمة للسوق العقاري ولا تجد لها منفذ سوى صنع تضخم على تكاليف البناء والعقار والايجارات يؤثر على الجميع.

اقتصادي وعضو مجلس بلدي سابق

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق