مخاوف وقلق "اليافوخ"

مكة 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
أكثر ما يقلق الزوجين اللذين يرزقان بمولودهما البكر صحته ومتابعة مراحل نموه بشكل جيد وصحيح، إذ تكون مشاعرهم مختلطة بين فرحة قدومه ومخاوف التقصير في عنايته كما ينبغي، وهذا الأمر طبيعي لكونه المولود الأول في حياتهما والتجربة الأولى في التعامل مع الفارس الجديد، وقد يخفف وجود الأمهات بجوار الزوجات الكثير عنهن ومن معاناتهن، ولا سيما أن السيدة بعد الولادة تحتاج إلى مساندة كبيرة من الجميع لمواجهة متاعبها والتعامل مع المرحلة الجديدة من حياتها.

ما دعاني إلى كتابة هذه المقدمة استفسار من أحد الآباء الذي رزق بمولود يقول فيه: هناك منطقة ليّنة في رأس مولودي أمامية وخلفية، وأفادني الطبيب بعدم الخوف فهذه المنطقة تُعرف بـ"اليافوخ" وستغلق تلقائيا مع نمو الطفل، ولكن سؤالي يا دكتور هل هناك أي مشاكل قد تترتب على الطفل بسبب منطقة "اليافوخ"، وهل لمسها قد يضره؟

بداية مبروك ما جاكم وجعله الله من مواليد السعادة وأقر به أعين والديه، وقبل أن أجيب عن سؤال الأب العزيز أود أن أطمئن كل من يرزق بمولوده البكر أو المواليد اللاحقين بعدم القلق والخوف من منطقة "اليافوخ" التي يولد بها جميع الأطفال، ففتحة اليافوخ هي منطقة رخوة أعلى الرأس، التي تتسم بها جمجمة الرضع الجدد، وتشير هذه المنطقة اللينة إلى عدم اندماج العظام في الجمجمة بشكل كامل بعد، وهي تلعب دورا حاسما في تطور ونمو دماغ وجمجمة الرضيع، ويمكن تعريفها بأنها الفجوات بين عظام جمجمة الرضيع، حيث تتقاطع المفاصل الليفية، وتسمح بالمرونة والانضغاط الطفيف في رأس الطفل في أثناء الولادة، وتُغطى المناطق هذه بطبقة واقية من الجلد وتوفر مساحة لنمو الدماغ وتوسع الجمجمة في السنوات الأولى من الحياة، وهناك منطقتان رئيسيتان لليافوخ في جمجمة الرضيع وهما: اليافوخ الأمامي، الموجود في أعلى الرأس، واليافوخ الخلفي، الموجود في الجزء الخلفي من الرأس، ولكن المنطقة الأمامية هي الأكبر والأهم للتقييم السريري، ومن الطبيعي أن ينغلق اليافوخ الخلفي أولا خلال الأشهر القليلة الأولى من الحياة، وعادة بحلول سن الشهرين، بينما قد يكون اليافوخ الأمامي أكبر حجما ويظل طريا حتى عمر 18 شهرا إلى عامين تقريبا.

وعادة يقوم الطبيب المختص بفحص "اليافوخ" لدى الطفل خلال المراجعات الدورية للتأكد من عدم وجود أي خلل، ولا يجب أن يشعر الآباء والأمهات بالقلق حول إمكانية لمس منطقة اليافوخ برفق، فعلى الرغم من أنها منطقة ليّنة إلا أنها مغطاة بغشاء صلب أو طبقات من الأنسجة، فلمس اليافوخ بلطف آمن ولا يؤذي الطفل. ومع ذلك من المهم التعامل مع المنطقة بعناية وتجنب تطبيق ضغط زائد وتجنب الصدمات، ويحدث انغلاق اليافوخ تدريجيا مع مرور الوقت، وعلى الرغم من أنه قد يكتشف من قبل الوالدين عند اللمس على مقدمة رأس الطفل، ولكن يكون التأكيد أكثر من الطبيب من خلال الفحص الجسدي.

وما يجدر هنا الانتباه له هو حدوث أي  تغيرات غير طبيعية قد تطرأ على فتحة اليافوخ وأهمها في حال زيادة محيط المخ على معدله الطبيعي، فقد يعد ذلك إشارة على وجود احتباس بالماء داخل الجمجمة، وأيضا في حال انغلاق اليافوخ مبكرا قد يشير إلى وجود مشكلة في معدل نمو المخ، وإضافة إلى ذلك بروز فتحة اليافوخ للخارج فقد يعد دلالة على تجمع الماء في الجمجمة، وانحسارها للداخل بصورة كبيرة قد يشير لإصابة الطفل بالجفاف، وبجانب كل ما سبق وجود نبض سريع وواضح في فتحة اليافوخ، لذا من المهم مراقبة ومتابعة اليافوخ بشكل دوري لدى الطبيب الذي يحرص على قياس محيط الرأس والتأكد من كونه في المعدل الطبيعي الذي يتناسب مع عمر الطفل.

والواقع هناك إيجابيات عديدة أوجدها الخالق سبحانه في ولادة الأطفال بنقاط لينة في رؤوسهم ومنها قيام هذه المناطق اللينة في اليافوخ بمساعدة الجنين على المرور في قناة الولادة أثناء عملية الولادة الطبيعية، وأيضًا هذه المناطق غير المتماسكة في جمجمة الرضيع تساعد على تغيير شكل رأسه قليلا حتى يتمكن من الخروج من قناة الولادة بسهولة، كما تساعد المناطق المتباعدة وغير المتلاحمة في يافوخ الرضيع في الفترة الأولى من حياته على منح دماغ الطفل فرصة للنمو والتمدد في الرأس.

خلاصة القول: "اليافوخ" عند المواليد من المناطق الحساسة جدا، وتحتاج للكثير من العناية الخاصة من جانب الوالدين والأهل،  واليافوخ فتحتان واحدة في مؤخرة الرأس من الخلف والتي غالبا ما تنغلق بعد الولادة مباشرة أو في الشهور الأولى من عمر الطفل، والثانية توجد في مقدمة الرأس من أعلى، وهي التي تحتاج لوقت أطول حتى تكتسي بعظام الجمجمة، وقد تمتد تلك الفترة إلى عام وثمانية أشهر أو عامين، ويمثل اليافوخ أهمية كبيرة لنمو مخ الطفل، والذي يستمر في نموه بعد الولادة، وبالتالي فعظام الجمجمة يجب أن تترك له مجالا للتمدد، ومن المهم جدا أن يكون المولود تحت المتابعة والفحوصات التي تجرى له بشكل دوري للاطمئنان على صحته من كل الجوانب، وحفظ الله جميع المواليد.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق