قال المساعد الخاص السابق للرئيس الأميركي الراحل جورج بوش، ريتشارد هاس، إن حرب تحرير الكويت كانت نقطة تحول في سياسية الولايات المتحدة الأميركية من خلال بناء أسس جديدة للعمل الدولي، خصوصاً وأن الشيوعية والمعسكر الاشتراكي كانا منهارين في ذلك الوقت ويعانيان من سكرات الموت، مؤكداً إيمانه الشديد بضرورة اللجوء إلى الدبلوماسية والعمل المتعدد الأطراف مع المجتمع الدولي وداخل مظلة الأمم المتحدة، مستدركاً أن هذه الحرب كانت ضرورية ولم تكن اختيارية بعد أن سعى صدام حسين إلى الاعتداء على الكويت وضمها إلى العراق.

جاء كلام هاس خلال الجلسة الحوارية التي نظمتها مؤسسة البترول الكويتية ووزارة الخارجية جلسة حوارية بعنوان «صناعة القرار: تحرير دولة الكويت» له، ونائب رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي لمؤسسة البترول الشيخ نواف سعود الناصر الصباح، في معهد سعود الناصر الصباح الدبلوماسي، تزامناً مع الذكرى 34 لتحرير الكويت من الغزو العراقي الغاشم.

منذ 4 دقائق

منذ 5 دقائق

وبرر هاس توقف حرب تحرير الكويت وعدم زحف القوات المتحالفة على بغداد والاطاحة بحكم صدام حسين عندئذ رغم قيامه بحرق آبار النفط قبل انسحابه من الكويت، موضحاً أنه لم يكن هناك تفكير في ذلك الوقت لتغيير النظام العراقي، فقد كانت قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة بهذه الحرب تصر على عودة الشرعية الكويتية وردع العراق من استخدام أسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها ضد جيرانه، وليس إقامة نظام ديمقراطي في العراق.

وحضر الجلسة سمو رئيس مجلس الوزراء السابق الشيخ الدكتور محمد صباح السالم الصباح، ووزير النفط ورئيس مجلس إدارة مؤسسة البترول طارق الرومي، إضافة إلى حضور كبير من القياديين والسفراء والشخصيات التي عاصرت محنة الغزو العراقي الغاشم والسلك الدبلوماسي الدولي.

وأدار السعود الجلسة الحوارية، حيث سلط هاس خلالها الضوء على كيفية صنع القرارات خلال الأزمات الخطيرة، مستشهداً بما اتخذه الرئيس جورج بوش الأب من قرارات تاريخية منذ وقوع العدوان الآثم على الكويت حتى تحريرها من براثن الاحتلال البغيض.

وكشف هاس (للمرة الأولى) عن كواليس زيارة أمير الكويت آنذاك، المغفور له الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح، إلى الولايات المتحدة الأميركية في سبتمبر 1990، والقرارات التاريخية لإدارة الرئيس جورج بوش الأب والتي أفضت إلى قيام تحالف دولي غير مسبوق لتحرير الكويت.

كما أشار إلى الجهود الجبارة التي قام بها سفير الكويت لدى الولايات المتحدة آنذاك، المغفور له الشيخ سعود ناصر السعود الصباح، إذ كان يدافع عن وطنه من خلال الدبلوماسية والتنسيق الإعلامي والتعاون مع جماعات الضغط ومتخذي القرار إلى أن تم تحرير البلاد في 26 فبراير 1991.

ولفت إلى مشروعية حرب تحرير الكويت ومبرراتها الأخلاقية والسياسية خصوصاً أن الحروب الحديثة تعتمد على الاقتناع الجماهيري والدولي بمدى الالتزام بالمعايير العالمية التي تضفي عليها هذا الطابع القانوني، وكذلك بأن تسفر نتائجها عن اشاعة العدالة وتعزيز الصالح العام وذلك بأقل الخسائر الممكنة مادياً وإنسانياً، مضيفاً أن حرب تحرير الكويت كانت قد حظيت بدعم عالمي واسع النطاق ولذلك فإن القرارات التي أصدرها مجلس الأمن الدولي كانت قد اعتبرت الأساس الشرعي الذي استندت عليه الحرب.

فرصة جديدة

من جانبه، قال السعود إن تنظيم هذه الجلسة الحوارية يتيح فرصة جديدة لتذكير الأجيال الحالية بما عاصره الأجيال السابقة من رجالات الكويت حول صراعات سياسية تغلبوا عليها من أجل تحرير الكويت، ولتسليط الضوء على كيفية صنع القرار خلال الأزمات العالمية.

وأضاف أن من أهم عوامل إيجاد الحلول في الأزمات القدرة على اتخاذ القرار وفق مبادئ واضحة والاستفادة من العلاقات الشخصية القوية مع كل الأطراف المعنية لبناء الثقة وتسهيل التواصل والتعاون سواء كان على المستوى التجاري أو السياسي.

و أكد الحضور أن التاريخ سجل بأحرف من نور جهود رجال ونساء الكويت ودورهم الحاسم في تحرير بلادهم، وليظل هذا الدور موضع عرفان وتقدير من قبل الأجيال الحالية والقادمة.

هاس مهندس

السياسة... الأميركية

يعتبر ريتشارد هاس من أبرز الخبراء الأميركيين في مجال السياسة الخارجية، وخدم مع عدد من الرؤساء الأميركيين السابقين من بينهم جورج بوش الأب وجورج بوش الابن. ويمتلك هااس خبرة طويلة وعملاً دؤوباً في أروقة وزارة الخارجية الأميركية وكذلك في منطقة الشرق الأوسط وكذلك في ايرلندا الشمالية.

وعمل كمساعد خاص لبوش الأب وكذلك كمدير لمكتب مجلس الأمن القومي الأميركي، حتى فترة حرب تحرير الكويت في 1991، ولعب هااس دوراً مهماً من وراء الكواليس خلال تلك الأزمة سواء داخل الأمم المتحدة أو في أروقة البيت الأبيض، حيث كان بمثابة مساعد مقرب من بوش الأب ويحظى بثقته الكبيرة.

زوجتي لم تنسَ تركي لها

في «شهر العسل»

مازح أحد الحضور هاس قائلاً إنه رغم انشغاله الشديد خلال العدوان الغاشم على الكويت، إلا أنه تزوج خلال تلك الفترة، فرد هاس قائلاً بالفعل تزوجت في نوفمبر 1990، لكني تركت زوجتي بعد أقل من شهر بسبب ذهابي مع الرئيس بوش لزيارة القوات في منطقة الشرق الأوسط، لافتاً إلى أن زوجته بعد 35 عاماً مازالت تذكّره بأنه تركها في «شهر العسل» وذهب إلى العمل.