محليات
0
عبر سجل قطر للتوائم لفهم أسرار التماثل..
❖ الدوحة - الشرق
اكتشفت التوأمتان الدكتورة خلود الشافعي والدكتورة مشاعل الشافعي، المتخصصتان في علم الجينات الوراثية، أسرار التماثل والاختلاف بين التوائم من خلال رحلتهما العلمية التي بدأت بأسئلة طفولية عن الشبه بينهما. «كيف يمكن التمييز بينكما؟ هل تفكران وتشعران بالطريقة نفسها؟» كانت هذه الأسئلة الدافع وراء تخصصهما في علم الوراثة البشرية، حيث لم تكن فرص هذا المجال معروفة وقت بداياتهما الأكاديمية.
بدأت الشقيقتان مسيرتهما العلمية في جامعة ليدز بالمملكة المتحدة عام 2006، حيث كانت دراسة الجينات البشرية لا تزال في مراحلها الأولى في قطر. تذكر الدكتورة مشاعل الشافعي، الأستاذ المشارك في الجينات الوراثية بكلية العلوم الصحية في جامعة قطر، أن نهاية دراستهما الجامعية تزامنت مع تطبيق قطر للاختبارات الجينية الإلزامية قبل الزواج عام 2009، مما مثل نقطة تحول في الاهتمام بالصحة الوراثية في الدولة.
بعد التخرج، انضمت الشقيقتان إلى مؤسسة قطر، حيث تلقتا الدعم لمواصلة دراستهما العليا. حصلت الدكتورة مشاعل على درجة الدكتوراه من جامعة إمبريال كوليدج في لندن عام 2016 وباشرت بإجراء دراسات على جينات مرتبطة بأمراض مثل السمنة الأحادية الجين، اعتلال الشبكية، وفقدان السمع. هذه الدراسات أبرزت متغيرات جينية جديدة مؤثرة في هذه الأمراض بقطر.
- دراسات متعمقة
من جهتها، تعمقت الدكتورة خلود في البحث عن الأسباب الجينية لأمراض مختلفة، مع تركيز خاص على أمراض القلب. تعكف على دراسة القلب الخلقية وأنواع متعددة من الأمراض القلبية الوراثية، بما في ذلك اعتلال عضلة القلب وأمراض كهرباء القلب. تصريحات الدكتورة خلود تعكس شغفها بالكشف عن العوامل الجينية وراء هذه الأمراض.
وقد شهدت قطر تحولاً ملحوظاً نحو الطب الدقيق في السنوات الأخيرة، ما أدى إلى إطلاق مشروع سِجل قطر للتوائم في عام 2022، الذي يعد الأول من نوعه في المنطقة، كخطوة أولى نحو دراسة الأمراض الوراثية والصفات البشرية لدى التوائم.
- أول سجل للتوائم
بتمويل من جامعة قطر وبقيادة الدكتورة مشاعل، يتضمن المشروع التعاون مع مركز سدرة للطب ومعهد قطر للرعاية الصحية الدقيقة، التابع لمؤسسة قطر، ويهدف إلى إنشاء أول سجل للتوائم في البلاد، من خلال جمع وتحليل البيانات من التوائم (المتطابقة وغير المتطابقة) لدراسة العوامل الوراثية والبيئية التي تؤثر على الصحة والسلوك والأمراض.
وقالت الدكتورة خلود التي تتعاون في إطار المشروع مع الدكتورة مشاعل والدكتور حمدي مبارك، مدير الأبحاث والشراكات في معهد قطر للرعاية الصحية الدقيقة: «تم تسجيل أكثر من 100 زوج من التوائم حتى الآن».
يرحب السجل بجميع التوائم من مختلف الجنسيات والفئات العمرية، مع تركيز خاص على سكان منطقة الشرق الأوسط، بحيث يتم تسجيل المشاركين عبر عيادة قطر للتوائم في قطر بيوبنك، إضافة إلى زيارات منزلية تسهّل عملية المشاركة.
وتضيف الدكتورة خلود: «يهدف مشروع سِجل التوائم القطري إلى دراسة الأمراض الشائعة في قطر، مثل أمراض القلب والسكري والسمنة، على أن يجري توسيعه في المراحل اللاحقة ليشمل أمراضًا أخرى.»
وأضافت الدكتورة مشاعل، يعتبر المواليد التوائم أداة بحثية مثالية لفهم العلاقة بين الجينات والبيئة، فالتوائم المتطابقون يتشاركون بنسبة 100% من جيناتهم، بينما يتشارك التوائم غير المتطابقين بنسبة 50%. هذا التنوع يساعد الباحثين في التفريق بين العوامل الوراثية والعوامل البيئية وتأثير كل منهما على الأمراض والصفات. على سبيل المثال، تشير الدراسات إلى أن نسبة التوافق في الإصابة بالتوحد بين التوائم المتطابقين تصل إلى 90%، مقارنة بـ 5% بين التوائم غير المتطابقين.
- علم الوراثة السلوكية
وأضافت الدكتورة مشاعل: «مع تقدم التكنولوجيا، ستظل دراسات التوائم أداة مهمة في تسليط الضوء على علم الوراثة السلوكية».
يعتمد نجاح المشروع بشكل كبير على مشاركة التوائم، وتعلق الدكتورة خلود: «كلما زاد عدد التوائم المشاركين، أصبحت النتائج أكثر شمولية ودقة. ومن خلال هذا السِّجل، يمكن لقطر أن تساهم بشكل كبير في الأبحاث الدولية المتعلقة بالتوائم، خاصة أن المنطقة لا تمتلك حتى الآن إحصائيات دقيقة تتعلق بعدد التوائم أو السمات المرتبطة بهم. كما أن مشاركة التوائم يمكن أن تعتبر فرصة لهم لاكتشاف معلومات جديدة عن أنفسهم.»
لا تستغرق زيارات التسجيل أكثر من ساعتين، ويضمن الباحثون سرية البيانات من خلال تشفيرها أثناء التحليل، مع استخدام النتائج لأغراض البحث فقط. تؤكد الدكتورة مشاعل، وهي أم لتوأم بنت وولد، أن سجلات التوائم حول العالم تلقى اهتمامًا ملحوظًا، حيث شارك أكثر من مليون توأم في دراسات مماثلة عالميًا. وأوضحت بهذا الخصوص: «هناك فجوة كبيرة في الدراسات المتعلقة بالتوائم في منطقة الشرق الأوسط، مقارنة بأوروبا وأمريكا؛ لكننا متفائلون بتحقيق تقدم في هذا المجال في منطقتنا.. يسعى سِجل التوائم القطري ليكون منصة تمثل قطر والمنطقة العربية على الساحة الدولية، ويهدف إلى سد هذه الفجوة وتحقيق تمثيل إقليمي أفضل.»
أخبار ذات صلة
مساحة إعلانية
0 تعليق