عربي ودولي
0

مشهد من التصدي لقوات الاحتلال في مخيم بلاطة
❖ رام الله - محمـد الرنتيسي
يقرأ سكان مخيمات الضفة الغربية، في إعلانها مناطق عسكرية، ومسرحاً لعمليات جيش الكيان، والدفع بتعزيزات عسكرية نحوها، ما يوحي إلى استنساخ بديهي لما جرى في مخيمات جباليا والشاطئ والمغازي في قطاع غزة، خلال الحرب الهستيرية التي استمرت لـ15 شهراً.
وتواصل «حرب المخيمات» تسجيل آثارها اليومية على واجهات المنازل والمحال التجارية والشوارع في مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس والفارعة وبلاطة، في شمال الضفة الغربية، فتلمس آثار القذائف المتفجرة والرصاص، وتبدو سحب الدخان تتصاعد، بينما بدت مشاهد الاعتقال واحتجاز المواطنين وإخضاعهم للتحقيق الميداني روتينية، إذ اقتحمت أعصابهم، وباتت فصلاً مرعباً من تفاصيل يومياتهم. في مخيمات الضفة الغربية، تتفتح عيون الأطفال على أبعد مدى لقذائف المقاتلات الحربية، يعيشون النزوح أطفالاً، في صورة يصعب على خيالهم استحضارها، لكنها تبدو مرشحة للاستمرار طويلاً، طالما بقي كيان الاحتلال استثناءً في قراءة القوانين الدولية، التي تضمن للأطفال سلامتهم أثناء الحروب.
ويواصل الفلسطينيون، تصديهم لممارسات كيان الاحتلال في الضفة الغربية، بعد أن انفجر فيهم كل هذا الغضب على القوة وفلسفتها، ليفرض على جنرالات الاحتلال حسابات مختلفة، تُدخل إرادة المقاومة على خط الدبابات والمدرعات الثقيلة، وسائر عائلة الفولاذ القاتل.
حاول جيش الاحتلال توسيع رقعة عملياته، باجتياح مخيم بلاطة القريب من نابلس، لكن الصدور العارية كانت جاهزة كي تلقنه الدرس بثقة عالية، «لا مكان لكم هنا.. وهنا لا مكان لنظريات الحرب وسيناريوهاتها المعدّة بدقة في معامل القتل، هنا لا يعمل الفولاذ، وهنا يمط الأطفال ألسنتهم للآليات المصفحة ويجعلونها مهزلة، فهل فهم الكيان الدرس»؟.
ورغم أن سقوط الشهداء والجرحى أصبح مشهداً يومياً، إلا أن هناك في حرب المخيمات وقفات شموخ.. غضب وغضب، الأطفال يتأملون القاتل وآلياته، يعيدون قذف القنابل الغازية على الجنود «منكم وإليكم» وحاملين الحجارة بأيديهم، فهنا معقل انتفاضة الحجارة، وهنا رفض متواصل للاحتلال.
أمام المتاريس الحجرية ثمة صدور عارية، والإطارات المشتعلة من أدوات الانتفاضة منذ زمن، والشبان المنتفضون جاهزون لرد العدوان، لا يستقبلون الدوريات العسكرية بالورود، بل هي «مقاومة مقاومة.. بالنار لا مساومة» و»ع الموت رايحين.. شهداء بالملايين» كما كانت تعلو هتافاتهم، كلما اشتد زخم المواجهة.
كان اللافت للانتباه، في المواجهة الأخيرة في مخيم بلاطة، الحضور النسوي، وعن ذلك تقول جميلة الكعبي: «مشاركتنا في التصدي لجيش الاحتلال، هو أقل شيء يمكن أن نقدمه، فنحن لا نستطيع قذف جنود الاحتلال بالحجارة، لكننا نقوم بإغلاق الطرق لإعاقة تحركات الجيش في ملاحقة الشبان».
وأضافت لـ «الشرق»: «نحن هنا لنقوم بواجبنا، ولنقول لا لهذا الكيان.. نحن صامدون، ومهما فعلوا لن يهزموا هذا الشعب الجبار، وأولادنا يقدمون أرواحهم فداء للوطن».
وبين ترديد الهتافات بحرارة، وقيادة عمليات «الدعم» بإحضار الحجارة، يبدو الإصرار على المشاركة وقد بلغ مداه، فتوضح الكعبي: «مهما كانت الظروف صعبة، إلا أن الإرادة القوية كفيلة بقهرها، أحضرت أطفالي معي، في حين أن زوجي بين الرجال، قد يرى البعض خروجي مع أطفالي بأنه ضرب من الجنون، لكنني أرى أن الجنون هو أن لا أخرج للتعبير عما في نفسي من مشاعر غضب وسخط، لا سيما أن ممارسات الاحتلال الحالية في المخيمات الفلسطينية، لم نعهدها من قبل».
أخبار ذات صلة
مساحة إعلانية
0 تعليق