في ظل الأعباء الملقاة على عاتق المدرّسين.. هل التعليم ضمن «المهن الشاقة»؟

العربية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أكد عدد من المعلمين والتربويين، زيادة الأعباء الملقاة على عاتق المعلمين في مختلف المراحل التعليمية وطوال العام الدراسي، مشيرين إلى أن كثرة الأعمال الورقية تصرف المعلم عن التركيز في العملية التدريسية، كما أشاروا إلى تقليل الإجازة السنوية وافتقار المعلم للامتيازات الوظيفية مقارنة بنظيره في القطاعات الأخرى، ونوهوا بأن المعلم في المدارس الحكومية لا يقتصر دوره على شرح المقررات، مؤكدين أن كثرة المهام التي يكلف بها المعلمون تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على أداء مهمتهم الرئيسية وهي التدريس، فضلاً عن طول العام الدراسي من بداية شهر سبتمبر الذي يمتد إلى آخر يونيو من السنة التالية. وأجمعوا لـ «العرب» على أن الأعباء غير التدريسية والالتزامات المصاحبة لمهنة التدريس، بما فيها ورش العمل، وإعداد التقارير، وتحضير الدروس، والتقييم، والمهام الإدارية، وتنفيذ العديد من المشروعات والأنشطة، تركت انطباعاً أن التعليم مهنة شاقة، وأن المعلم منهك دائماً، خاصة مع محدودية الترقي الوظيفي في قطاع التعليم، الذي يتطلع إليه الشباب، مقارنة بالعديد من الوظائف الأخرى، منوهين بضرورة تخفيف العبء عن المعلم بما لا يشغله عن أداء وظيفته الأساسية، ألا وهي التعليم، ووضع جل وقته وجهده لرفع الحصيلة العلمية للطلبة.

20250220_1740080000-591.jpg?1740080001

يوسف سلطان: كثرة التكليفات تؤثر على مهمة «التدريس» الأساسية

أكد السيد يوسف سلطان، خبير تربوي، وجود ضغوط وأعباء وظيفية في سلك التعليم الحكومي، مشيرا الى أن كثرة المهام التي يكلف بها المعلمون تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على أداء مهمتهم الرئيسية وهي التدريس، مع طول العام الدراسي، الذي يبدأ من بداية شهر سبتمبر ويمتد إلى آخر شهر يونيو من السنة التالية وأثره السلبي على دافعية الطلاب والمعلمين، بالاضافة إلى قصر الإجازة السنوية للمعلمين وعدم مساواتهم بغيرهم من موظفي الدولة، دون مراعاة لطبيعة عملهم والتزامهم بالاجازات في وقت محدد مسبقاً من الوزارة.
وأكد سلطان أن تلك التحديات تؤثر على حياة المعلمين العائلية وتربية الأبناء والاهتمام بالأسرة، وقد تسبب كل ذلك في عزوف الكثير من أبناء الوطن عن مهنة التدريس، وذلك على الرغم من مستوى رواتب المعلمين وكذلك في زيادة استقالات المعلمين بسبب ضغوط العمل. ونوه بضرورة إبراز أهمية دور المعلم في المجتمع من خلال وسائل الإعلام المختلفة وتكريمه بشكل مستمر في نهاية كل عام، وذلك بالتوازي مع ضرورة تخفيف المهام الوظيفية المرهقة والأعباء الإدارية من على كاهل المعلم والاكتفاء بالمهام التدريسية الموكلة له، وخلق بيئة مدرسية متعاونة وفعالة مع هيئة التدريس.
ودعا سلطان إلى النظر في تقليل أوقات الدوام المدرسي، بما يحقق للمعلمين مرونة أكبر بما فيها السماح بخروج المعلم في نفس وقت خروج الطلبة وعدم الانتظار أكثر من غير جدوى، إلى جانب تقديم الدعم والتوجيه للمعلمين الجدد ومعالجة التحديات التي يواجهونها في بداية عملهم.
وأشار إلى ضرورة تدريب وتأهيل المعلمين بما ينعكس أثره على العملية التعليمية وعلى الطلبة، وأهمية تعزيز الهوية الوطنية وغرس القيم الإسلامية في نفوسهم، وعدم السماح للمناهج الخارجية بالتأثير على النشء، مطالباً بضرورة توسيع الدور الرقابي للوزارة في هذا الجانب وعدم الاكتفاء بالإشراف.
وأكد أن استقطاب العناصر الوطنية في التعليم يساهم في غرس الهوية الوطنية في نفوس الأطفال وتربيتهم على القيم التي تتصل بالعادات والتقاليد والتي ترتبط بالبنية التربوية، مؤكداً أن هذه المهمة ربما يكون العنصر المواطن هو الأقدر على القيام بها، وأكد أن اهتمام وزارة التربية والتعليم بهذه التحديات التي تواجه المعلم القطري من شأنه أن يرفع نسبة المواطنين في هذه القطاع ويساهم في نجاح استراتيجية الدولة في تعزيز التقطير في مختلف القطاعات، خاصة في ظل العدد الكبير من الخريجين سنوياً من الجامعات الباحثين عن فرص عمل وفي ظل العديد من الوظائف التي توفرها المدارس الحكومية.
وثمن سلطان دور مركز التدريب والتطوير التربوي -التابع لوزارة التربية والتعليم- على تنفيذ خطة التدريب التي تركز على إكساب المعلمين والإداريين الجدد مجموعة من المعلومات والمهارات اللازمة لهم، وتوعيتهم بالمواضيع التي تخص عملهم قبل الانضمام رسميا والبدء في ممارسة مهامهم لتسهيل عملية اندماجهم في البيئة المدرسية بالدولة.

20250220_1740080025-25.jpg?1740080025

خميس المهندي: الواجبات الوظيفية تضعف دافعية الالتحاق بالتعليم

أكد الأستاذ خميس المهندي، أن كثرة الأعباء الإدارية والوظيفية في التعليم قياسا بالقطاعات الاخرى تمثل سببا في ضعف دافعية البعض للالتحاق بالمهنة نتيجة هذه الأعباء وكذلك تقليل الإجازة السنوية للمعلمين بما فيها أيام الإجازات بين الفصول.
وأوضح المهندي أنّ التحفيز والتشجيع للمعلمين القطريين يساعدان على الاستمرارية في مهنة التعليم، مضيفاً أنّ نسبة القطريات في مهنة التعليم، تراجعت بشكل واضح في السنوات الأخيرة إلى ما يقرب من 40% قياسا لما كان عليه الأمر في السابق، مشيرا الى ان عدد المعلمات القطريات يبقى أكثر بما لا يقارن مع عدد المعلمين القطريين، مرجعا السبب في ذلك إلى طبعية النساء وحب بعضهن لهذه المهنة رغم التحديات التي تنطوي عليها مهنة التعليم.
وشدد على أهمية المرحلة التعليمية التي تسبق الجامعة لأنّ الطلاب يتعرفون فيها على مختلف العلوم والمعارف، بحيث تتيح أمامهم اختيار التخصص الدراسي، واتخاذ قرارهم بشكل إيجابي، مؤكداً أنّ الدولة بكل أجهزتها المعنية تحرص على إتاحة الفرص أمام الطلاب لاختيار الأنسب، وتوفر لهم العديد من فرص التعليم الجامعي للارتقاء بأدائهم.
وأشار الى ان توطين مهنة التدريس في المدارس يبقى هدفا استراتيجيا لوزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، وهو ما تسعى الدولة الى ترجمته فعلياً، سواء من خلال الحوافز لاستقطاب الشباب الراغبين في العمل بالتدريس، او من خلال برنامج «طموح» الذي أطلقته الوزارة بالتعاون مع كلية التربية في جامعة قطر وبالتنسيق مع وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية، بهدف تلبية احتياجات المدارس للمعلمين.

سعيد الكواري: تعدد المهام الإدارية غير الصفية

أكد الأستاذ سعيد الكواري، أخصائي أنشطة، أن الأعباء غير الصفية الملقاة على عاتق المعلمين في المدارس الحكومية عديدة بما فيها المهام الإدارية، وتجهيز التقارير، وتنفيذ المشروعات، والأنشطة، مشيرا الى ان التدرج الوظيفي في المنظومة يأخذ وقتاً طويلاً؛ مما يؤثّر سلبياً على الراغبين في التدريس، في حين يبقى بسيطاً في الوزارات الأخرى.  ودعا الكواري إلى تنظيم حملات توعوية مكثّفة في الوسائل كافة، بما فيها وسائل الإعلام، تركز على ابراز دور المعلم وأهميته في المجتمع، وكذلك أهمية التدريس، فضلاً عن توفير المزايا المعنوية لهذه الفئة؛ أسوة بالوزارات والجهات الحكومية الاخرى.
ونوه بتوجه الوزارة وجهودها المقدرة توطين مهنة التدريس في مختلف التخصصات التربوية، وخاصة التخصصات العلمية في مختلف المراحل، في ظل قلة أعداد الكوادر الوطنية في المدارس، خاصة المعلمين الرجال.

وقف إغراق المعلم بالأعباء المصاحبة خطوة ضرورية

أشار محمد إبراهيم، معلم رياضيات، إلى تعدد المهام الإدارية المنوطة بالمعلمين في جميع التخصصات والمراحل.. مؤكدا انها أعباء يومية متجددة، من شأنها أن تشتت طاقات المعلمين وتثقل كواهلهم، وتعوق وفاءهم بمسؤولياتهم التدريسية، مما يؤثر سلباً في الطلبة وجودة المخرجات.. مؤكدا ان عددا من المعلمين في مختلف مدارس الدولة، أجمعوا على أن هذه النوعية من المهام، باتت تمثل ضغوطاً وأعباءً تؤثر في أدائهم الوظيفي، وتعاطيهم مع أسرهم وممارسة حياتهم الطبيعية. من جانبها قالت نورة أحمد، معلمة لغة انجليزية، إن المعلم مطالب بعدة مهام وظيفية من قبل وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، وادارة التوجيه، وهيئة التقييم، وادارات المدارس بمن فيهم النائب الأكاديمي، ومنسق القسم، ومنسق التعليم الالكتروني ومسؤول المصادر والتحضير والتصحيح واعداد وسائل موقع التعليم الالكتروني، إلى جانب دروس المشاهدة ودروس المعايشة، والى درجة ان الوقت لا يسعفنا في بعض الأيام للتحضير في المدرسة، بسبب التحضير للأنشطة وإعداد الملفات، والتقارير، والأدلة، وتحليل البيانات، مما يضطرنا الى اصطحاب التحضير والكتب والكراسات والتصحيح في المنزل.
ودعت الأستاذة هبة ناظم، معلمة لغة إنجليزية، إلى تخفيف الأعباء الوظيفية والإدارية والتكليفات اليومية المبالغ فيها الملقاة على عاتق المعلمين، التي تؤدي إلى تشتيتهم، وهو ما يستوجب تصنيف التعليم كمهمة شاقة في ظل الأعباء الإدارية والوظيفية التي توكل للمعلمين في قطاع التعليم الحكومي، بمن فيهم المسؤولون عن شؤون التعليم في الوزارة، ولفتت إلى كثرة الأعباء والالتزامات المرتبطة بالتعليم التي تستلزم إتمامها خارج وقت الدوام المدرسي، مثل التحضير والتصحيح والتقارير إلى جانب طول اليوم الدراسي والسنة الدراسية.

مقترح بإلغاء الأعباء الإدارية والإشرافية.. والاكتفاء بـ «التدريسية»

كانت الأعباء الملقاة على كاهل المعلمين محور مناقشة عامة في مجلس الشورى، خلال دور الإنعقاد السابق، تناولت أهمية تخفيف هذه الأعباء، وتضمنت تقديم اقتراح برغبة للحكومة الموقرة حول هذا الموضوع تضمن عددًا من المرئيات والمقترحات ومنها، إبراز أهمية دور المعلم في المجتمع من خلال وسائل الإعلام المختلفة وتكريمه بشكل مستمر في الاحتفالات والمناسبات التربوية.
كما تضمن الاقتراح برغبة إلى إلغاء الأعباء الإدارية والإشرافية من على كاهل المعلم والاكتفاء بالمهام التدريسية الموكلة له، والعمل على تطوير القيادات المدرسية من مدراء ونواب ومنسقين في مهارات الإشراف والتوجيه، وخلق بيئة مدرسية متعاونة وفعالة مع هيئة التدريس.
كذلك تضمن الاقتراح برغبة، النظر في تقليل أوقات الدوام المدرسي، والسماح بخروج المعلم في نفس وقت خروج الطلبة، إلى جانب تقديم الدعم والتوجيه للمعلمين الجدد ومعالجة التحديات التي يواجهونها في بداية عملهم.
وأشار الاقتراح كذلك، إلى تعديل الوصف الوظيفي للمعلم، عبر تحديد مسار وتدرج مهني، وإشراك إدارة التوجيه التربوي مع إدارة المدرسة في عملية التقييم بنسبة معينة لكل منهما، وعدم ربط تقييم الأداء للمعلم بالرخصة المهنية.

ونظرا لاختلاف العمل في القطاعات العامة الأخرى عن العمل في المدارس، حيث يمكن للموظف الحكومي استخدام رصيد إجازته في أي وقت، فقد تضمن الاقتراح برغبة ضرورة تعديل إجازات المعلم بما يحقق له مرونة أكبر.
وكانت لجنة الشؤون الثقافية والإعلام، قد استضافت آنذاك خلال سلسلة اجتماعاتها، سعادة الدكتور إبراهيم بن صالح النعيمي وكيل وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي، بجانب عدد من كبار مسؤولي الوزارة، للاستماع إلى وجهة نظرهم حول ظاهرة العزوف عن مهنة التعليم، كما استضافت اللجنة عددًا من المُعلمين والمُعلمات المُتقاعدين، بغية استيضاح وجهة نظرهم حول ذات الموضوع، بجانب دعوة المجلس لسعادة وزيرة التربية والتعليم والتعليم العالي، حيث استمع إلى ردود سعادتها على أسئلة أصحاب السعادة الأعضاء، والتدابير التي تتخذها الوزارةُ لمُعالجة ظاهرة عزوف المُعلمين القطريين عن مهنة التعليم.
وفي مداخلاتهم خلال الجلسة التي عقدها المجلس، قال السادة الأعضاء إن لجنة الشؤون الثقافية والإعلام، أمضت نحو مدة عام من أجل دراسة ظاهرة عزوف المُعلمين القطريين عن مهنة التعليم التقوا خلالها بالعديد من المُدرسين والمُدرسات من بينهم عدد من المُدرسين المُتقاعدين تعرفوا خلالها منهم على المشاكل التي يواجهها المُدرس القطري، كما التقوا كذلك بالمعنيين في وزارة التربية والتعليم والتعليم العالي وتناقشوا معهم بشأنها أيضًا، لافتين إلى أن اللجنة خلصت من خلال تلك اللقاءات إلى مجموعة من التوصيات المُمتازة إلا أن الشيء المُهم هو تطبيق تلك التوصيات.
وأضافوا: إن المُدرسات على سبيل المثال يواجهن مُشكلة كبيرة للغاية، لأن المُعلمة لديها أسرتها وعملها، ووفقًا للوضع الحالي، فهي أما أن تُضحّي بأسرتها من أجل عملها وإما أن تُضحّي بعملها من أجل أسرتها، مُشيرين إلى أن التوصيات التي خرجت بها اللجنة نجحت في التوفيق بين الأمرين.
وأكدَ الأعضاء أن هناك جهودًا كبيرة بذلتها الدولة فيما يتعلق بالاهتمام بالمُعلم سواء من خلال الكادر الوظيفي أو الامتيازات المالية التي تم منحها له، لافتين إلى أن تلك الامتيازات مُغايرة للكادر الوظيفي الموجود في بقية الموارد البشرية، وعلاوة على ذلك فإن هناك جائزتين تمنحهما الدولة للمُعلم، إحداهما جائزة في يوم المُعلم، والأخرى هي جائزة التميز العلمي، كما أن قيمة المُكافآت التي يتم منحها للمُدرسين تعتبر مجزية.
وأشارَ الأعضاءُ إلى أنه على الرغم من ذلك فإنه لا تزال هناك العديد من التحديات والصعوبات التي يواجهها المُدرس القطري، مُشيرين إلى أن التوصيات التي قدمتها اللجنة لامست الجرح وتضمنت ما من شأنه أن يُعطي المعلم قيمته ويبين له مساره الوظيفي، مُشددين على ضرورة إعطائه أكبر قدر من التحفيز من أجل الاستمرار في هذه المهنة حتى لا يعزف أبناؤنا وبناتنا عنها في المُستقبل.
ولفتَ الأعضاء إلى أنه إذا كانت سياسة التقطير، واحدة من ضمن أولويات الدولة، فإن التعليم ضرورة، وضرورة عاجلة من أجل ضمان مُستقبل الأجيال القادمة، لافتين إلى أن المُعلم القطري هو الأنسب والأقدر على تنشئة الجيل الجديد لأنه يفهم طبيعة الشعب القطري ولديه القدرة على التواصل والتأثير في الطلاب، كما أنه الأحرص على مصالحهم ومُستقبلهم.
ولفت الأعضاء إلى أن الإحصاءات الموجودة تبعث على القلق الشديد، حيث إن نسبة عدد المُدرسين القطريين الذكور هي أقل من 1.5 % من عدد المُدرسين، كما أن نسبة المُدرسين القطريين، ذكورًا وإناثًا أقل من 30 % من المُدرسين، وأن في هذا الأمر خطرا عظيما ينبغي الانتباه له. في تلك الأثناء قال أحد الأعضاء إن المُشكلة هي أنهم لاحظوا من خلال اللقاءات التي تمت مع المعنيين بوزارة التربية والتعليم والتعليم العالي أن هناك عدم اعتراف منهم بمُشكلة عزوف المُعلمين عن التدريس وكذلك تسربهم من العمل بالمهنة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق