في عام 1139هـ (1727م)، كانت الجزيرة العربية تعيش تشتتًا وفرقة، لكن في قلب الدرعية، كان هناك رجل يرى ما لا يراه الآخرون، الإمام محمد بن سعود، الذي آمن بأن الوحدة والقوة هما السبيل لبناء دولة عظيمة. ومن تلك اللحظة، انطلقت السعودية كفكرة، ثم كواقع، ثم كتاريخ ممتد، رغم كل العواصف التي حاولت أن تعصف بها.
لم يكن الطريق سهلا، فقد واجهت الدولة السعودية الأولى هجوم الدولة العثمانية، لكنها لم تسقط إلا بجسدها، أما روحها فكانت متقدة في قلب الإمام تركي بن عبدالله، الذي أعاد بناء الدولة السعودية الثانية، ليؤكد أن هذا الكيان ليس عابرا، بل قدرٌ لهذه الأرض. وعندما ظن البعض أن المحاولة الثانية كانت الأخيرة، جاء الملك عبدالعزيز، الشاب الذي حمل سيفه وعزيمته وأحلامه، واسترد الرياض في ليلة من ليالي التاريخ، ثم أعاد توحيد الجزيرة العربية تحت راية واحدة، لتولد الدولة السعودية الثالثة، الدولة التي لم تتوقف منذ ذلك الحين عن الصعود.
ولأن التاريخ لا يكتبه إلا الأقوياء، لم تكن السعودية يوما إلا صاحبة قرارها، كما قال ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - بكل فخر ووضوح "السعودية دولة عظيمة لم تُبنَ إلا بسواعد أبنائها، ولم تخضع للاستعمار، بل تأسست بإرادة شعبها وإصراره على الوحدة والاستقلال". هذه الحقيقة ليست مجرد كلمات، بل شهادة على أن هذا الوطن لم يكن يوما تابعا، بل كان دائما قائدا لمصيره، وحارسا على سيادته. وهذه الكلمات ليست مجرد تصريح سياسي، بل هي تأكيد على أصالة هذه الأرض، وقوة جذورها الممتدة في التاريخ، حيث تشكلت هويتها بفضل رجال صنعوا المجد ورفضوا الخضوع لأي قوة خارجية.
اليوم، ونحن نحتفي بيوم التأسيس، نعيش عهدا زاهرا تحت قيادة سيّدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله - وسمو سيدي ولي عهده الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - حيث أصبحت السعودية في مصاف الدول الكبرى، بحضورها السياسي والاقتصادي المؤثر، وبمشاريعها الطموحة التي تعيد صياغة مفهوم التنمية والتقدم. رؤية 2030 التي يقودها ولي العهد ليست مجرد خطة اقتصادية، بل هي استمرار للإرث العريق الذي بدأ قبل 300 عام، حيث يجري العمل على تعزيز الهوية الوطنية، وتمكين الإنسان السعودي ليكون محور النهضة، وتحقيق الاستدامة في مختلف المجالات. نقف على أرض لم تعد فقط موحدة، بل أصبحت مركزا عالميا، قوة اقتصادية وسياسية وثقافية تمتد من الخليج إلى العالم.
اليوم، ونحن نحتفي بيوم التأسيس، لم تعد السعودية مجرد دولة غنية بالنفط، بل أصبحت دولة غنية بالرؤية، تتصدر المشهد في الطاقة النظيفة، والذكاء الاصطناعي، والسياحة، والفضاء، والمشاريع العملاقة التي لم يكن يتخيلها أحد قبل عقود.
عندما ترى "نيوم"، تدرك أنك أمام مدينة من المستقبل تُبنى اليوم، وعندما تشاهد "ذا لاين"، تفهم أن التخطيط السعودي لم يعد مجرد توسع عمراني، بل إعادة تعريف للحياة بأكملها. وعندما تنظر إلى "البحر الأحمر"، و"أمالا"، و"القدية"، تعلم أن السياحة السعودية لم تعد فكرة، بل واقعا يبهر العالم.
وفي مكة والمدينة، حيث تخفق قلوب المسلمين، تستمر السعودية في خدمة ضيوف الرحمن بروح لا تتغير منذ أن حملت مسؤولية الحرمين. توسعات الحرم المكي، والمشاريع الذكية لخدمة الحجاج والمعتمرين، والقطارات التي تنقلهم براحة وسهولة، كلها شواهد على أن هذه البلاد لم تأخذ شرف خدمة الحرمين كمهمة فقط، بل كهوية ورسالة.
ما يحدث اليوم في السعودية ليس مجرد تطور اقتصادي أو مشاريع ضخمة، إنه تحول شامل في الفكر والهوية والطموح. رؤية 2030 ليست مجرد وثيقة حكومية، بل هي روح جديدة تسري في أوصال الوطن، تجعل الشاب السعودي يحلم بلا حدود، ورائد الأعمال يبتكر بلا قيود، والعالم ينظر بإعجاب إلى بلد قرر أن يكون في المقدمة.
لم يكن يوم التأسيس مجرد بداية لدولة، بل كان بداية لقصة لا تزال تُكتب، قصة بدأت بسيف وكلمة، واستمرت بعزيمة وإيمان، وتزدهر اليوم بعلم وإبداع. هذا الوطن لم يولد عابرا، ولن يكون عابرا، بل هو قدر التاريخ والجغرافيا، وهو المستقبل كما كان الماضي، عظيما، خالدا، شامخا.
يوم التأسيس ليس مجرد احتفاء بالماضي، بل هو تأكيد على أن هذه الأرض وُلدت قوية، واستمرت شامخة، وستظل كذلك بإذن الله. هو يوم نستذكر فيه التضحيات والبطولات التي جعلتنا نعيش اليوم في وطن آمن مزدهر، ونستشرف فيه المستقبل المشرق الذي تصنعه سواعد أبناء وبنات المملكة.
كل عام وبلادنا شامخة، وكل عام والسعودية أعظم.
ومضة "بسواعد أبنائها قامت هذه الدولة في ظروف بالغة الصعوبة، عندما وحدها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - وبسواعد أبنائه، سيفاجئ هذا الوطن العالم من جديد". ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان حفظه الله.
0 تعليق