
المخرج محمد القفاص يتوسط نجمات العمل
يناقش تمرد الجيل الجديد وتبديل الأطفال برؤية درامية مختلفة
مفرح حجاب
الدراما الاجتماعية في الكثير من الأحيان اذا ابتعدت محاورها الرئيسية عن الواقع تعطي مساحة كبيرة للمؤلف وجميع طاقم العمل لتقديم لمسات إبداعية فيها مزيد من الحرية وحالة من الجراءة في تقديم شيء جديد للمشاهد بعيدا عن التكرار ولغة الدراما المعلّبة التي تعتمد على حوارات باهتة، لاسيما ان المشاهد الآن أصبحت لديه الكثير من الخيارات ويحتاج دائماً الى دراما فيها الكثير من الشغف والجاذبية والأحداث السريعة، هكذا كانت بداية مسلسل "أبو البنات" الذي كتبه محمد النشمي وأخرجه محمد القفاص، ويشارك فيها كوكبة من الفنانين في مقدمتهم إبراهيم الحربي وهبة الدري وشيماء علي وفتات سلطان وفهد باسم وشوق الهادي وفي الشرقاوي وصمود المؤمن ومشاري المجيبل وغيرهم.
من الوهلة الأولى تعطي أحداث المسلسل انطباعا للمشاهد بأن القضية الرئيسية التي يتناولها هي عملية تبديل الأطفال من خلال زوجة "جمعة" وهو إبراهيم الحربي والتي تنجب دائما بنات وفي إحدى مرات حملها كذبت على زوجها وأوهمته بأنها حامل في ولد بينما هي في الحقيقة كانت حاملا في بنت ولجأت الى "مرايم" شيماء علي شقيقة زوجها التي تتمتع بنفوذ قوي في العائلة وصاحبة الكلمة الأولى للبحث لها عن حل، مما جعلها تذهب الى اسرة فقيرة تعرف ظروفها تماما وهي "فيروزة" فتات سلطان و"ليلى" هبة الدري بعدما عرفت ان الأخيرة حامل في ولد، وبالفعل تم استبدال البنت بالولد الذي اطلق عليه اسم زيد، هذه الحكاية لم تكن هي بدايته المسلسل الحقيقية، بل ان الانطلاقة الحقيقية كانت في خضم الأحداث المتتالية والسريعة التي من الواضح ان المؤلف النشمي صاغها بعناية ورسمها محمد القفاص بشكل متميز، فقد شاهدنا احداثا مثيرة وكأنها تنفض الغبار عن دراما تواكب الجيل وما يحدث في الحياة بشكل متناغم، وكان ابرزها حين تزوج "يحيى" فهد باسم من "غادة" شوق الهادي تركها في ثاني ليلة العرس وذهب الى الشاليه مع أصدقائه من أجل رحلة حداق ولم يبال لأي اعتبارات اجتماعية بل ان تقمصه للشخصية المستهترة كان مفاجأة وكأنه حاول ان يغير جلده في هذا المسلسل، الأمر الأخر والمؤثر هو مشهد إصابة مشاري المجيبل بمرض نقص المناعة في اليوم الذي ابلغته فيه زوجته صمود المؤمن بانها حامل، وتطلب منه اختيار اسم للمولود، والحدث الأبرز في الحلقة الثالثة كان هو محاولة "ليلى" هبة الدري نصب الشباك حول "جمعة" للزواج منه لتكون قريبا من ابنها، لكن "مرايم" شيماء علي بدأت تقف لها بالمرصاد.
كل هذه الأحداث تدور بشكل متقن من خلال عملية انضباط من القفاص في توظيف قدرات الفنانين، فالفنانة شيماء علي تظهر كشخصية قوية تمتلك خيوطا كثيرة لتقديم مساحة كبيرة من التلوين في أدائها، ولذلك دائما هي محور الأحداث وتحاول الحفاظ على ترابط أبنائها وأبناء اخيها مع بعضهم البعض وأيضا الحفاظ على ثروة اخيها لكنها تواجه "زيد" طلال باسم ابن أخيها الأصغر والذي لا يعطيها أي نوع من الاعتبار وهو الوحيد الذي يكسر هيبتها ولا يسمع كلامها.
الأهم أن محاور العمل ابتعدت عن الدراما التقليدية وراحت الى مكان جديد خلقت فيه حالة من المتعة البصرية والفرجة التي تحمل قيمة للمشاهد من خلال فكرة جديدة قد تتبلور خلال الحلقات القادمة لتعطينا مزيدا من الجماليات حول معالجة تمرد الكثير من ابناء الجيل الجديد داخل محيط الأسرة، والتي يحاول ابطال العمل تقديمها في لوحات ومشاهد درامية، بعدما وضع القفاص لمساته في اختصار توقيت المشاهد وابتعد في الكثير من الأحيان عن قضية المشهد المسطر الذي كان يصيب المشاهد بنوع من الملل، بل انه كان ذكيا في الانتقال من مشهد الى اخر ودائما يحاول ان يجعل المشاهد في بؤرة الأحداث من خلال عملية التقطيع والحفاظ على جماليات الصورة، تبقى حيوية مجموعة الممثلين الذين يشاركون في هذا العمل من اجل تقديم انفسهم بشكل جيد وهذا كان سببا رئيسيا في وجود متعة لمتابعة أحداث المسلسل.

مشهد يجمع إبراهيم الحربي وهبة الدري

من كواليس "أبو البنات"
0 تعليق