في قرية جعار بقلب مديرية عتمة باليمن التابعة لمحافظة ذمار ولد الطفل «أزهر حفظ الله جعار» وترعرع في كنف أسرة بسيطة، تعيش على الكفاف، لكنّها تملك قلوبا عامرة بالإيمان والأمل. اختطف الموت والد أزهر في سنّ مبكرة، حينما كان أزهر في الثالثة من عمره ليصبح يتيما، ووحيدا لأمه من جهة الذكور، يواجه صعوبة الحياة إلى جانب والدته وأختيه في ظروف بالغة الصعوبة.
ولكن رغم هذه الظروف دفعت أم أزهر طفلها للمدرسة عندما بلغ من العمر 6 سنوات ليبدأ رحلته التعليمية في مدرسة بمنطقة «بيت المقدم» التي كانت بمثابة الحاضنة الأولى له.
ظهرت على الطفل اليتيم ملامح النبوغ، إذ كان شغوفا بالعلم، يقضي معظم وقته في مسجد القرية، يستمع إلى تلاوة القرآن الكريم، ويحضر الحلقات الدينية. كان قلبه معلقا بكلام الله، وروحه تتغذّى على آياته الكريمة.
لم يتسم مسار تعليم أزهر بالاطراد واليسر، فالصراع الذي عصف ببلاده منذ أكثر من 9 سنوات أثر سلبا على قطاع التعليم، وتسبب انقطاع رواتب المعلمين في عدم انتظام عمل المدارس وزيادة تسرب الطلبة. شعر أزهر بالإحباط، وهو يرى أحلامه تكاد تتلاشى أمام عينيه، خصوصا أنه لم تكن له القدرة على الدراسة في المدينة نظرا لظروفه المادية.
طوق نجاة
في ذلك الوقت الحرج امتدت يد العناية الإلهية له حينما قام كافل من أهل الخير الكرام في قطر بكفالته عبر قطر الخيرية، فكانت بمثابة طوق نجاة لأزهر وأسرته. على إثرها قررت والدته أن تلحقه بدار لتحفيظ القرآن الكريم، تلبية لرغبته في حفظ كتاب الله، في مدينة قريبة برفقة خاله.
كان خال أزهر يعيش في مدينة معبر، ويتلقى تعليمه هناك، فانتقل أزهر ليدرس فيها، وبدأ رحلته في حفظ القرآن الكريم وعلومه، وحفظ الأحاديث النبوية. كان خاله يتابع حفظه باستمرار، ويراجع معه السور بإتقان، بينما كانت والدته تشجّعه على مواصلة التعليم وحفظ القرآن.
استمر أزهر في حفظ القرآن الكريم في دار الحديث بمعبر، وخلال فترة خمسة أعوام، أتمّ حفظ كتاب الله كاملًا بالقراءات السبع. كان ذلك إنجازًا عظيمًا، يشهد على قوة إرادته وعزيمته.
لم يتوقف طموح أزهر عند هذا الحدّ، بل واصل تلقي العلوم الشرعية، وتعمق في فهم معاني كتاب الله.
نموذج مُلهِم
أزهر الذي يبلغ من العمر الآن 17 عاما بات معروفا بين أقرانه ومعلميه بقدرته الفائقة على الحفظ، والتلاوة بصوته العذب الجميل، الذي يبعث الارتياح والسكينة في النفوس، حتى يكاد يقول من يستمع لتلاوته ليتك لا تتوقف عن القراءة.
أصبح الشاب أزهر نموذجا ملهما لأبناء قريته، في شغفه بالقرآن والعلم، رغم ظروف الفقر واليتم، والكثيرون منهم يتمنّون أن يكرمهم الله بتحقيق أحلامهم في حفظ كتاب الله، والتفوق في الدراسة والتحصيل العلمي.
برنامج «فرقان»
الجدير بالذكر أن مبادرة «رفقاء» لرعاية الأيتام حول العالم التابعة لقطر الخيرية، تتبنى برنامج « فرقان» التربوي الثقافي الذي يركز على تعليم وتحفيظ القرآن الكريم وتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها من المكفولين لتعزيز تلاوتهم بشكل صحيح وفهمهم له، بهدف غرس القيم الإسلامية في نفوسهم.
0 تعليق