«الخيمة الخضراء»: حلول لمواجهة تحديات الأمن المائي والغذائي العربي

العربية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نظمت الخيمة الخضراء، التابعة لبرنامج لكل ربيع زهرة، عضو مؤسسة قطر - ندوتها الرابعة التي ناقشت قضايا الأمن المائي والغذائي في الوطن العربي، بحضور نخبة من الخبراء والمتخصصين الذين قدموا رؤى متكاملة حول التحديات الراهنة والحلول المقترحة لتعزيز الأمن الغذائي والمائي في ظل التغيرات المناخية المتسارعة.
أدار الندوة الدكتور سيف بن علي الحجري، رئيس برنامج «الخيمة الخضراء»، حيث تم تسليط الضوء على عدة محاور رئيسية، من أبرزها تعزيز الدعم والتشريعات الحمائية في مجالي المياه والغذاء لضمان استدامة الموارد والتوسع في الصناعات الغذائية وضمان تسويق المنتجات الزراعية بشكل عادل ومستدام، فضلاً عن مدى قدرة الموارد المائية في الوطن العربي على تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي إلى جانب البنية التحتية الزراعية وأهمية تكنولوجيا الزراعة الحديثة في تعزيز الإنتاجية.
وشارك في الندوة المستشار عماد محمد سعد ود. عماد الحسينات والسيد عبد الرحمن الإرياني، واستاذ د. محمد داود، واستاذ د. وليد خليل والدكتور المهندس عبد الحكيم حسبو، ود. سليمان ناصر، ود. محمد الشياب، ود. اليزيد ستاتيو والمهندس لؤي خليل، والبروفيسور عادل شريف.
وفي بداية الندوة حذر المشاركون من تفاقم أزمة الأمن المائي والغذائي نتيجة التغيرات المناخية، مشيرين إلى أن المناطق الأقل حظًا من المياه تعاني من تصحر متزايد، بينما تتعرض مناطق أخرى لموجات من الفيضانات. كما ناقش الخبراء تأثير التغيرات المناخية على المحاصيل الزراعية، مؤكدين أن الأمن الغذائي لا يقتصر فقط على توافر الغذاء، بل يشمل أيضاً نوعيته وسلامته.
وأوضحوا أن لمواجهة التحديات المتزايدة التي يفرضها تغير المناخ على القطاع الزراعي، أصبح من الضروري تبني منهج الزراعة الذكية مناخياً، والذي يعتمد على تقنيات متطورة لتحسين إنتاجية المحاصيل مع تقليل التأثير البيئي، مثل استخدام أنظمة الري الذكي، واستنباط أصناف نباتية مقاومة للجفاف والحرارة.
وأشار المستشار عماد محمد سعد إلى أن الطلب العالمي على الغذاء سوف يرتفع بنسبة 60% بحلول عام 2050، في حين تنخفض إنتاجية المحاصيل بشكل ملحوظ بسبب ندرة المياه والتغيرات المناخية، ما لم تُتخذ إجراءات عاجلة للحد من هذه التأثيرات.
واستعرض المشاركون مجموعة من الحلول المبتكرة لمواجهة التحديات، من بينها: تقنيات تحلية المياه، حيث شدد الدكتور عماد الحسينات على ضرورة وضع عمليات التحلية ضمن الإستراتيجيات الوطنية، مع مراعاة البعد البيئي، مشيراً إلى وجود تكنولوجيا هجينة لفصل الأملاح باستخدام محولات شمسية بطرق حديثة، إلى جانب التحلية التقليدية.
وقدم السيد عبد الرحمن الإرياني الأساليب التقليدية لحفظ المياه، حيث استعرض نموذجًا من اليمن يعتمد على حفظ المياه باستخدام الحصى في مدرجات الزراعة، وهو أسلوب موروث أثبت فاعليته في تحسين استخدام المياه للري، فيما أوضح البروفيسور سليمان ناصر أن إعادة استخدام المياه الرمادية وتحلية مياه البحر أصبحا من الحلول الضرورية، مشيراً إلى أن العديد من الدول العربية أصبحت مهددة في أمنها الغذائي والمائي.

الذكاء الاصطناعي
ومن جهته أكد البروفيسور وليد خليل على ضرورة إعادة تعريف المخاطر التي تهدد الأمن الغذائي، مشيرًا إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات الزراعية وتحسين العمليات الإنتاجية يمكن أن يحدث نقلة نوعية في مواجهة تحديات الأمن الغذائي، فيما استعرض البروفيسور عبد الحكيم حسبو دور أنظمة الطاقة الشمسية في دعم قطاع المياه والزراعة، موضحاً أن هذه التقنيات يمكن أن تقلل من استهلاك الموارد التقليدية وتعزز الاستدامة.
وشدد الدكتور محمد الشياب على أن الأمن الغذائي لا يقتصر على توفير الغذاء فحسب، بل يشمل جودة الطعام وسلامته، محذرًا من “الجوع الخفي”، حيث قد تتوافر الأغذية، ولكن تفتقر إلى العناصر الغذائية الأساسية، مما يشكل خطراً على صحة الأفراد والمجتمعات.
وتحدث البروفيسور محمد داود عن أهمية الاستثمار في البحث العلمي لتعزيز إدارة الطلب على المياه ومواجهة تحديات التغير المناخي، مشيرًا إلى ضرورة ربط الأمن الغذائي بالمياه والطاقة والتغيرات المناخية، فيما أكد البروفيسور عادل شريف على ضرورة تقليل تكاليف تقنيات تحلية المياه، مع اقتراح استخلاص المعادن الثمينة من المياه الراجعة كجزء من مفهوم «الاقتصاد الدائري»، مما يحقق فوائد بيئية واقتصادية.
وأشار المهندس لؤي خليل إلى أهمية تعزيز الوعي الديني فيما يتعلق بترشيد استهلاك المياه والغذاء، مؤكداً أن الشريعة الإسلامية تدعو إلى الحفاظ على الموارد وعدم الإسراف فيها.
واختتم الجلسة الدكتور خالد صلاح، ممثل منظمة اليونسكو، حيث أكد أن قضايا الأمن الغذائي والمائي تعد من أولويات المنظمة، مشيرًا إلى أهمية اتخاذ القرارات المستندة إلى المعرفة والمعلومات الدقيقة.
توصيات
خرجت الندوة بعدد من التوصيات المهمة التي تهدف إلى تضييق الفجوة الغذائية والمائية في العالم العربي، من أبرزها: تعزيز الإرادة السياسية لسد الثغرات في البنية المائية والغذائية، والإشراف الجيد على استيراد السلع الغذائية، فضلا عن التوسع في الإنتاج الزراعي، خصوصًا الحبوب، والخضراوات، والفواكه، إلى جانب تحسين نظم الإنتاج الحيواني وصناعات الألبان إلى جانب تنمية الثروة السمكية وتعزيز المزارع السمكية لزيادة الإنتاج الغذائي البحري.
ولفتوا إلى أهمية الاستثمار في التكنولوجيا الزراعية، واعتماد أنظمة الزراعة الذكية، والحد من الفاقد والمُهدر من الطعام مع ضرورة توظيف تقنيات تحسين التربة والزراعات الحديثة، مثل الري بالتنقيط، فضلا عن أهمية الاعتماد على تحلية المياه وتقنيات الترشيد لضمان تحقيق الأمن المائي وإعداد كوادر بشرية متخصصة في قطاعي المياه والزراعة إلى جانب سن تشريعات تدعم التكامل الإقليمي في مجال الأمن الغذائي والمائي.
وأكدوا أهمية الحد من هدر الطعام من خلال تعزيز الوعي، حيث يُهدر حوالي 30% من الأغذية عالمياً، وهي كمية تكفي لإطعام 800 مليون جائع.
وفي ختام الندوة، شدد المشاركون على ضرورة التعاون الإقليمي والدولي لضمان تحقيق الأمن الغذائي والمائي في العالم العربي، مشيرين إلى أهمية الاستثمار في البحث العلمي، وتوظيف الحلول الرقمية والتكنولوجية لمواجهة تحديات المستقبل، وتحقيق التنمية المستدامة للأجيال القادمة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق