حوارات
يتغيّر طبع العاقل باختياره، وفقًا لما يرتضيه عقله، فليس من المنطق أن يبقى كما كان في السابق في نظرته الشخصية تجاه ما يحدث ويجري، وبينما يتغيّر من حوله.
فمن سمات صاحب العقل المرونة، الفكريّة والنفسيّة، والقدرة على التكيّف السريع والفعّال مع الظروف المحيطة.
ومن بعض ما يدفع العاقل الى تغيير طبعه في عالم اليوم المضطرب، نذكر ما يلي:
- التدهور الأخلاقي: تتدهور القيم والمبادئ الأخلاقية في البيئة المحيطة بالإنسان العاقل، وربما تتغيّر أطباع الأغلبية من حوله الى الأسوأ، ما يدفعه أحيانًا الى إعادة "فرمتة" طبعه، وإعادة تنظيم تفكيره، بهدف حماية نفسه ومن يهمّه أمرهم من التلوّث السلوكيّ المحيط به.
وما إن تتدهور القيم الأخلاقية في أي مجتمع، حتى تبدأ تتلاشى المسلّمات الأخلاقية المعتادة، ويضطرب العقل الجمعي.
- غلبة السفهاء: يكثر عدد السفهاء في البيئة المحيطة، فيتغيّر وضع العاقل الى الأسوأ، وربما لا يستطيع دفع ضرر السفهاء عنه، ولأنّهم يكثرون حوله، فيتحوّل المرء العاقل من نبراس الحكمة في البيئة التي يعيش فيها، الى شخص مُستهدف من جهلتها وحمقاها، ويتربّص به ضعفاء العقول، فإمّا أن يتكلّف الجهالة ليدفع الأذى عن نفسه (وهو ربما لا يستطيع ذلك)، أو يتغيّر ويعتزل ما يؤذيه عقلاً ونفساً.
- العاقل مُحارب: بالإضافة الى استهدافه من السفهاء، يُحارب صاحب العقل من شياطين الإنس، ويعاديه المتطرّفون والمتعصّبون بكل أشكالهم وأنواعهم، لأنهم ينظرون الى عقلانيته كتهديد مباشر لهم، وبسبب رفضه الانقياد وراء السفهاء والفاسدين والمتعصّبين، فلا مجال له سوى الحذر، وربما تغيير طبعه العقلاني الى طبع شديد الاحتراس، وكما قال أحد سادة العقلاء أكثم بن صيفي: "حسن الظن ورطة، وسوء الظن عصمة".
- العاقل وقلّة الحظّ والمال: يحدث أحياناً كثيرة أن يفتقر العاقل وتكاد تختفي حظوظه في الدنيا، إمّا لإفراط فطنته ورهبة الآخرين منه، أو لانغماسه في التفكير العميق في أمور ثانوية لا تستحقّ ذلك، ولتضييعه للفرص السانحة، لكنه ربّما يتغيّر أخيراً ويبدأ فعلاً في استعمال عقله لما وضع له "عيش حياة تستحقّها وَفَارة عقله".
كاتب كويتي
@DrAljenfawi
0 تعليق