محليات
0
يعكس الطراز المعماري التقليدي للمنطقة
مسجد ابن عبد الوهاب.. معلم يجسد هوية الخور
محمد العقيدي
في قلب مدينة الخور، حيث يلتقي التراث الأصيل بجمال العمارة الإسلامية، يقف مسجد ابن عبد الوهاب كواحدٍ من المعالم الدينية التي تجسد هوية المكان وروح التاريخ. يتميز هذا المسجد بتصميمه الفريد الذي يعكس الطراز المعماري التقليدي للمنطقة، ويعد شاهدًا على أصالة الماضي وحرص الأجيال على الحفاظ على موروثها الديني والثقافي.
رغم مكانته الروحانية، فإن مسجد ابن عبد الوهاب مخصصٌ فقط لأداء الصلوات الخمس اليومية، إذ لا تُقام فيه صلاة الجمعة نظرًا لمساحته التي لا تستوعب الأعداد الكبيرة من المصلين. تبلغ مساحة المسجد 797 مترًا مربعًا، ما يجعله ملاذًا هادئًا للعبادة والتأمل، ويمكن الوصول إلى فنائه عبر مدخل رئيسي مزود بدرج يتجه نحو الشرق، بينما يؤدي سلم آخر في الجهة الشرقية إلى الميضأة، حيث تتهيأ النفوس للصلاة عبر طقوس الوضوء.
تحولات عبر الزمن
لم يكن المسجد مجرد مكان للصلاة، بل احتضن عبر تاريخه مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم في جهته الجنوبية الشرقية، قبل أن يتم تحويلها إلى منزل للإمام، فيما أُعيد تخصيص منزل الإمام ليكون مستودعًا، في إعادة ترتيب وظيفي تهدف إلى تلبية احتياجات المسجد والمجتمع المحيط به.
ويبرز المسجد بمئذنته الشامخة التي يبلغ ارتفاعها 12 مترًا، قائمة على قاعدة مثمنة الشكل، تعلوها قبة مدببة صغيرة، تتماسك برشاقة على ستة أعمدة، في مظهرٍ يعكس روعة البناء التقليدي ودقة الحرفية في العمارة الإسلامية. أما قاعة الصلاة الخارجية، فتتصل بالفناء عبر تسعة أقواس متناظرة، وتشكل هذه الأقواس أيضًا الجسر الرابط بين القاعة الداخلية للصلاة، مما يضفي على المكان انسيابية معمارية جميلة تتناغم مع عناصره الأخرى. ويحتوي المحراب على فتحتين مقوستين تتجهان نحو قاعة الصلاة، مما يزيد من روحانية المكان وجمال تفاصيله.
عمارة تراثية واهتمام متجدد
يمتاز مسجد ابن عبد الوهاب بسمات معمارية تقليدية، حيث تتوزع الشبابيك التراثية في مختلف الاتجاهات، ما يتيح للهواء أن ينساب إلى قاعة الصلاة الداخلية، مانحًا المكان إحساسًا بالانتعاش الطبيعي. هذه التفاصيل الدقيقة في التصميم، بدءًا من الأقواس وصولًا إلى النوافذ، تعكس لمسات الحرفيين القدامى الذين أبدعوا في المزج بين الجمال والوظيفة.
وفي إطار جهود المحافظة على الموروث الثقافي والديني، حظي المسجد بعمليات ترميم حديثة، هدفت إلى تعزيز بنيته والحفاظ على أصالته، لتظل مئذنته وقبابه وأقواسه شاهدًا على تاريخ طويل من العطاء الروحي والاجتماعي. وباعتباره من المساجد الأثرية البارزة في قطر، تولي الجهات المختصة عناية خاصة به، إدراكًا لقيمته الرمزية ودوره في تعزيز الهوية الإسلامية والتراثية للبلاد.
في كل زاوية من زوايا هذا المسجد، تحكي الجدران قصة زمنٍ مضى، ويتردد صدى الأذان عبر مآذنه، كأنه همسٌ قادمٌ من التاريخ، يذكرنا بأهمية الحفاظ على هذه المعالم التي تشكل جزءًا من ذاكرة الأمة ووجدانها.
أخبار ذات صلة
مساحة إعلانية
0 تعليق