قرار صدر، وأعتقد من وزارة العدل أو من إدارة المحاكم، يقضي بمنع خريجي الشريعة من ممارسة مهنة المحاماة
إن صح هذا القرار، يكون طلبة الشريعة، والدارسون في كلية الشريعة لم يعد لديهم مجال في العمل غير في المساجد، وكمأذون شرعي، او تدريس مادة التربية الاسلامية في مدارس وزارة التربية.
وهذه المجالات لو حصرت لكان العدد الذي تحتاجها تلك الجهات لا يتعدى بضع مئات من الخريجين، ليس في عام واحد، انما كل اربع سنوات او يزيد.
عندما تأسست كلية الحقوق في جامعة الكويت ألحقت بها الشريعة، لأن عدد الطلبة الدارسين في حينه بالكاد يغطي مقاعد الكلية الفتية، ورغم ان طلبة الشريعة يتلقون علومهم الى جوار طلبة الحقوق، في الكلية ذاتها، لكن لم يجز لهم ممارسة مهنة المحاماة، او الجلوس في مقعد القضاة، باعتبار ان دارس الشريعة لم يدرس مواداً علمية او حقوقية داخلة في القوانين.
لكن إزاء ضغوط سياسية ودينية من نواب مجلس الامة والاحزاب الدينية، رضخت وزارة العدل، وقبلت خريجي طلبة الشريعة ممارسة مهنتي المحاماة والقضاء.
اليوم وبعد سنوات من خراب مالطة عاد الوعي الى مكانه، فصدر قرار بمنع خريجي الشريعة من ممارسة مهنة المحاماة، واظن القضاء ايضاً، فما مستقبل الطلبة الدارسين حالياً، او مستقبلاً في المعاهد والمراكز الدينية، هل يعينون في وظائف ادارية في سلك الحكومة، ام يمتهنون الافتاء، ام يعتلون منابر الخطابة في المساجد؟
عدد الطلبة الحاليين الدارسين في المعاهد والمراكز الدينية يفوق حاجة الكويت لعشرين او ثلاثين سنة، فعددهم بالآلاف وفق ما تنشره وزارة التربية من احصاءات للطلبة الدارسين في مدارسها.
لهذا، ما المطلوب، هل الاصرار والخضوع للاحزاب الدينية لالحاق ابنائهم وبناتهم بمدارس دينية، او ايجاد مخرج منطقي آخر؟
هل هي حاجة المجتمع لتدريس الدين، ومن ثم تنوير المجتمع بدينه؟ الا ان توظيف هؤلاء في مراكز ليست من اختصاصهم لا يولد الا المزيد من الموظفين الكسالى، الذين يقبضون رواتبهم بقليل من الجهد وبكثير من المال.
توجهات العالم، والكويت ايضاً، تحويل العمل في الدولة من الورق الى "online" اي لا ورق، ولا قلم، بل ولا حضور فانت من منزلك، تحتسي قهوة الصباح او في ركن منفرد في مقهى بـ"مول" او بسوق المباركية تصل الى ما تريد من معاملات.
التعليم الديني يجب الا يكون سبباً في محنة خريجي الشريعة، فهناك حاليا الكثير من التخصصات التي كانت في زمن قريب بمثابة الدجاجة التي تبيض ذهباً، واليوم الدجاجة شاخت، وجاءت دجاجات اخرى تبيض الذهب والبلاتين، وكل انواع الجواهر الثمينة والنادرة.
إن التعليم يجب ان يكون تعليماً حديثاً يتطور من تطور الزمن، نحن لا نزال متخلفون في المسيرة التعليمية، وترتيبنا امام دول شقيقة مخجل.
ابناؤنا واحفادنا واحفاد احفادنا مسؤولية الدولة لاعدادهم للحياة وتقدم الدولة، ولا ينبغي ان نقف عند حدود معينة في حين يسبقنا الاخرون، انه سباق محتدم، وما يؤلمنا اننا نسير على عربة قديمة مستهلكة.
أملنا في مولانا سيد جلال ان يحقق ما عجز المرحوم أحمد الربعي عن تحقيقه، وهو تعديل الهرم المقلوب، فالتعليم ليس كتابة رسائل او كتابة قصائد من الغزل السخيف، فهو مستقبل الكويت وأمنها وأمانها.
صحافي كويتي
0 تعليق