أسلمة العلماء!

المصدر 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

حاجتنا اليوم أكبر إلى العلماء الربانيين والدعاة العاملين، لا إلى وعّاظ كاشخين أو دراويش خاملين، يقول رسول الله، صلى الله عليه وسلم،(ما من نبي بعثه الله في أُمة قبلي، إلا كان له من أُمته حواريون، وأصحاب يتبعون أمره ويهتدون بسنته، ثم يأتي بعد ذلك أمراء يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون...).

منذ دقيقة

منذ دقيقة

آلمني جداً أن أجد من العلماء من نزل من مِحراب العِلم ليتتبّع كل شاردة وفاذّة ليرد عليها من أجل سلامة المنهج وصفو الاستقامة! ولكنه أصبح كحال المنشغل بخشاش الطريق عن مقصود السفر فأبعد النجعة – كما يقال – حتى صدق عليه قول الرسول، صلى الله عليه وآله وسلم، (إن منكم منفّرِين).

لقد أتى على المسلمين حينٌ من الدهر لا يرون حاجة ما إلى أي أهلية لوظيفتين: هما الإمامة والدعوة إلى الله؟

ولقد مضى على المسلمين في فجر الإسلام الأنور... ولم يكن ليؤم الناس إلّا أميرهم أو من ينصّبه الإمامُ إماماً... ولكن اختلف الحال اليوم فأصبح المسلمون يطلبون لمنصب الإمامة في الصلاة من لا يتأهل لأي وظيفة من وظائف الحياة! مؤسف أن يذهب ذلك الشعور العام لدى عوام المسلمين أن الله تعالى لم يخرج هذه الأمة إلا لكي تقوم بتبليغ هذا الدين للعالم بنفس الشعور بالمسؤولية وبنفس الجِدّ والحماس والنشاط وبنفس التألم والإخلاص الذي بلَّغه بها رسولُنا الكريم، صلى الله عليه وآله وسلم،... حيث نهض الخلفاء الراشدون بعد موت نبيهم وهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، رضي الله عنهم، بجميع شُعب هذه المسؤولية النبوية حتى حَكموا العالم في 23 سنة فقط!

ولكن المجتمع الإسلامي اليوم أصبح مشغولاً بخدمة نظام جاهلي حزبي يُعرف (بمصلحة الجماعة) وضرورة دعمها مادياً ويُعيّنون موظفين وليسوا دعاةً فضلاً عن كونهم علماء يقومون بهذا الواجب وهو – تنمية الموارد المالية – وجُل ما يُطالب به هؤلاء الموظفون لنشر الدعوة أن يكونوا قد ألمّوا ببعض المعلومات البسيطة عن الجاليات والديانات الأخرى... وأن يستطيعوا الخطابة والمناظرة والنتيجة أن الراغبين بهذا العمل يتمرنون على الحوار ويحصلون على الغث والسمين من المعلومات عن الأديان وتطوير القدرات والتكيف مع ضغوط العمل من خلال ترجمة بعض المؤلفات الأجنبية وتدريسها بدورات بكلفة مالية لصندوق الجماعة! وأمثال هؤلاء لا يعرفون عن الإسلام شيئاً كما لا يعرفون عن غير الإسلام أيضاً، ولا يتصفون بخُلق القرآن... ولا حتى بفضائل السيرة النبوية الصحيحة ولا يتحلون بوصف سوى طلاقة اللسان والقدرة على إدارة الكلام وشقشقة اللسان! والبراعة في المناظرة وشد انتباه السامعين!

فأين وأين للإسلام أن يعمل عمله الصحيح مع هذه النماذج والأساليب المشوبة إسلامياً؟ فما إن يختلف الدعاة بمسألة إلا وتجِد طوفان الانهيار الأخلاقي في السب والشتم والتعيير! فلا بد أن يرى الناس ثمار الإسلام وفضائله متمثلة في واقع التطبيق في أقوال العلماء وأفعال الدعاة... أما القول المجرد من الطرفين – بأنهم إسلاميون – وليس له من قائله نصيب في التطبيق سوى تشذيب لحيته وتهذيب مشلحِهِ وغترتِهِ! وتحسين قَصَبَات صوته ونبرَتهِ لوازم (الأكشن والإثارة)... وهذا من مواطن النهي في الشرع الحنيف الذي نهى عن الترفّة وقال (إيّاي والتنعّم فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين)، قال تعالى «يأيها الذين آمنوا لِمَ تقولون ما لا تفعلون، كَبُر مقتاً عندَ اللهِ أن تقولوا ما لا تفعلون».

والمثل يقول: (إصلاح الدار قبل الجار)!

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق