قرارات سمو ولي العهد.. «التوازن العقاري» لمصلحة الجميع

جريدة عكاظ 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تحقيق التوازن العقاري بين العرض والطلب في مدينة بحجم الرياض ليس أمراً سهلاً؛ نتيجة تراكمات امتدت لعقود من الزمن ووصلت ذروتها خلال السنوات الخمس الماضية، وخصوصاً بعد تنامي حجم الطلب في أحياء شمال الرياض، ووصلت معه الأسعار إلى أرقام فلكية، وغير مقبولة، مثل أحياء حطين والملقا والياسمين وغيرها، إلى جانب تحالفات واحتكارات بعض المطورين التي ساهمت هي الأخرى في الوصول إلى حالة غير متوازنة في القطاع العقاري، كذلك حجم المشروعات الاقتصادية والتنموية التي شهدتها العاصمة، وتحولها إلى أحد أهم أماكن البحث عن فرص وظيفية في القطاعين الحكومي والخاص.

كل هذه العوامل جعلت من العقار في العاصمة متضخماً؛ لدرجة أن تكلفة الأرض أغلى من بناء المسكن في بعض الأحياء، ولم يعد كثير من المواطنين، وخصوصاً فئة الشباب، على استطاعة لتحمّل تلك التكاليف، أو حتى النزول إلى خيارات أخرى لشقق أو أدوار سكنية بقيمة تصل إلى مليون أو مليوني ريال ولا تفي باحتياجاتهم، والأسوأ التوجه إلى خيار الإيجار بأرقام هي الأخرى مضاعفة، وغير منضبطة.

توجيهات سمو ولي العهد في ليلة العيد لتحقيق التوازن العقاري في العاصمة؛ هي لحظة توقف من الجميع مُلاكاً ومطورين وحتى مستهلكين؛ لمعالجة الاختلال العقاري الذي وصلت إليه مدينة الرياض، ومراجعة الواقع بطرح عدد من التساؤلات، أهمها إلى أين ستصل الأسعار؟، ومن المستفيد والمتضرر؟، وما هو المستقبل الذي نريد أن نحقق فيه جاذبية العيش والاستثمار وجودة الحياة في العاصمة؟.

لذا؛ جاءت قرارات سمو ولي العهد لتحقيق المصلحة العامة للجميع، وبعقلانية فريدة ومتوازنة؛ فالقطاع الخاص من مُلاك ومطورين هم شركاء في الاقتصاد والتنمية، وجزء مهم في الحل، وليس من المصلحة الإضرار بهم، وخصوصاً ممن تحمّل تكاليف شراء مخططات بمبالغ كبيرة، ولكن المعادلة أن تبقى هذه المخططات كخيار مع خيارات أخرى بعد زيادة المخزون العقاري؛ وصولاً إلى حالة التوازن المنشودة، ولهذا قلنا إن هذه المعادلة ليست سهلة، ولكنها ضرورية، حيث شملت القرارات رفع الإيقاف عن التصرف بالبيع والشراء والتقسيم والتجزئة، وإصدار رخص البناء واعتماد المخططات للأرض الواقعة شمال مدينة الرياض، بمساحة 81.48 كيلو متر مربع، إلى جانب توفير أراضٍ سكنية مخططة ومطورة للمواطنين بعدد ما بين 10 إلى 40 ألف قطعة سنوياً خلال السنوات الخمس القادمة حسب العرض والطلب، وبأسعار لا تتجاوز 1500 ريال للمتر المربع، وذلك للمواطنين المتزوجين أو من تتجاوز أعمارهم 25 سنة، كذلك تعديل نظام رسوم الأراضي البيضاء، وضبط العلاقة بين المؤجرين والمستأجرين.

هذه القرارات أيضاً جاءت في توقيت مهم جداً، واستبشر الجميع بها، بل صنعت فرحة عيدهم؛ لأنها باختصار جعلت المواطن يستشعر بأن هناك قيادة واعية ومتفهمة لأهم متطلباته الضرورية وهي المسكن، وقريبة من احتياجاته وهمومه، وتخفيف معاناته، وهذا الشعور بحد ذاته كافٍ لمزيد من الثقة في السوق العقاري، وجاذبية العاصمة كوجهة للسكن والحياة، إلى جانب أن هذه القرارات ستعيد انتعاش القطاع العقاري في المدينة، خصوصاً أن هناك أكثر من 120 نشاطاً اقتصادياً مرتبطاً بهذا القطاع في البناء والتشييد والتأثيث، وغيرها.

تأثيرات هذه القرارات على المدى القصير نزول تدريجي متوقع للأسعار بنسبة لا تقل عن 20%؛ وفق تقديرات عدد من الخبراء، وتوسيع الخيارات أمام المواطن لتملك سكنه، وعدم الارتهان لخيارات المطورين، أو احتكار بعض المُلاك، كذلك ارتفاع نسبة القروض العقارية، وهي فرصة لتنافسية البنوك في خفض نسبة الفائدة، أما على المدى المتوسط والبعيد فليس نزول الأسعار فقط؛ وإنما التوازن في السوق بين العرض والطلب، وهو الأهم لتحقيق الاستدامة.

أخبار ذات صلة

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق