بدأت بوضع ضوابط التوثيق مروراً بإعادة تفعيل أدوات التنفيذ القضائي وصولاً إلى تعديلات تملُّك غير الكويتيين
إيمان الحشاش:

إيمان الحشاش
حرص حكومي على تطوير بنية تشريعية تواكب متغيرات الاقتصاد وتحمي السوق
حساسية القطاع ترجع إلى تشابك مصالح الأفراد والشركات ودوره الاستثماري والاجتماعي
الغاية تحقيق بيئة قانونية متوازنة تجمع بين تشجيع الاستثمار وحماية الحقوق وترسيخ الشفافية
أكدت المستشار القانوني العقاري إيمان الحشاش أن القطاع العقاري أحد الأعمدة الحيوية للاقتصاد الوطني ليس مجالًا استثماريًا نشطًا فقط بل أيضًا لدوره المباشر في دعم الاستقرار الاجتماعي.
وقالت في لقاء مع "السياسة" إنه نظرًا لحساسية هذا القطاع وتشابكه مع مصالح الأفراد والشركات، فقد حرص المشرّع الكويتي على تطوير بنيته التشريعية ليواكب المتغيرات الاقتصادية ويحمي السوق من الممارسات غير المشروعة أو غير المنظّمة.
واضافت أن السنوات الأخيرة شهدت صدور تشريعات وقرارات تنظيمية عدة تعكس هذا التوجه بدءًا من تعزيز ضوابط التوثيق العقاري مرورًا بإعادة تفعيل أدوات التنفيذ القضائي ووصولًا إلى التعديلات الجوهرية في قانون تملك غير الكويتيين للعقارات.
واكدت أهمية هذه التحركات التشريعية لتحقيق بيئة قانونية متوازنة تجمع بين تشجيع الاستثمار وحماية الحقوق وترسيخ مبدأ الشفافية.
ما رأيك في الضوابط الجديدة للتوثيق والتسجيل العقاري؟
أصدرت وزارة العدل الكويتية القرار الوزاري رقم (94/ 2025) بشأن إجراءات التوثيق في التسجيل العقاري ويتضمن ضوابط جديدة قبل توثيق المحررات والعقود وقرارات الدين والرهون، ويعد هذا القرار مهماً ويعكس حرص وزارة العدل بتنظيم وتوثيق المعاملات العقارية والمالية بين الأطراف لضمان الشفافية وحماية الحقوق.
ما تأثير القرار على السوق العقاري؟
من المتوقع أن يساهم في زيادة الثقة في السوق العقارية المحلية، حيث يضمن للمستثمرون والمشترون أن جميع المعاملات تتم بشفافية ووفقًا للقوانين والأنظمة، ويؤدي إلى تقليل النزاعات القانونية المتعلقة بالمعاملات العقارية، حيث يُعتبر القرار خطوة مهمة نحو تعزيز الشفافية والمصداقية في المعاملات العقارية في الكويت، لذا اتوقع أن يسهم في بناء بيئة استثمارية أكثر أمانًا وجاذبية.
ما رأيك في التعديلات الأخيرة بشأن قانون تملّك العقارات ؟
لا شك أن التعديلات الحديثة لها نهج أكثر مرونة واستجابة للواقع الاقتصادي والاجتماعي، فقد أجرت الكويت تعديلات تشريعية بارزة على قواعد تملّك غير الكويتيين للعقارات، بموجب المرسوم بقانون رقم (7) لسنة 2025، الذي أعاد صياغة بعض أحكام المرسوم بقانون رقم (74/1979) وجاءت التعديلات في إطار المساعي لخلق بيئة استثمارية أكثر جذباً وتحقيق توازن بين الانفتاح الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي دون المساس بالضوابط التي تحصّن السوق العقارية من المضاربات.
وقبل التعديلات، كان الإطار القانوني لتملّك العقارات في الكويت يقوم على مبدأ المنع العام لغير الكويتيين، وذلك بموجب المرسوم بقانون رقم (74) لسنة 1979 الذي رسّخ سياسة الحظر باستثناء محدود شمل مواطني دول الخليج حيث اعتُبروا بمثابة المواطنين الكويتيين بموجب القانون رقم (1) لسنة 2004 والمعدل بالقانون رقم (18) لسنة 2009.
كما شدد القانون القيود على الشركات التي تضم شركاء غير كويتيين فمنعها من تملّك العقارات بشكل تام، وألزمها ببيع ما تملكه خلال سنة من بدء نفاذ القانون وإلا واجهت البيع الجبري، وامتد هذا التشدد ليشمل الحالات التي ينسحب فيها الشريك الكويتي من الشركة إذ يتعين على الكيان القانوني التصرف بالعقار خلال سنة، وإلا تعرض للعقوبة نفسها.
ولم يقتصر التشدد على المنع فقط، بل نصّ القانون صراحة على البطلان المطلق لأي تصرف عقاري مخالف مما يعني أن أي متضرر يمكنه الطعن في التصرف أمام القضاء بل ويحق للمحكمة أن تقضي بالبطلان من تلقاء نفسها دون حاجة لطلب.
أما أبناء المرأة الكويتية من الجنسيات العربية، فقد وجدوا أنفسهم في موقف قانوني هش إذ لم يُسمح لهم بالاحتفاظ بالعقارات الموروثة من والدتهم، وكان القانون يُلزمهم ببيعها خلال عام واحد من تاريخ انتقال الملكية ما لم يصدر مرسوم خاص يعفيهم وهو ما أثّر سلباً على استقرارهم الاجتماعي والمعيشي.
ما انعكاس هذه التعديلات على من سُحبت منهم الجنسية؟
في الوقت الذي شهدت فيه الكويت تعديلات جوهرية على قانون تملّك العقارات ما زال الغموض يكتنف مصير من سُحبت منهم الجنسية الكويتية خصوصًا فيما يتعلق بحقوقهم في التملك العقاري.
فحتى تاريخه لم يصدر أي قرار حكومي رسمي ينظم الوضع القانوني لملكية العقارات الخاصة بمن أُسقطت عنهم الجنسية .
وبالرجوع إلى التشريعات النافذة فإن حق التملك العقاري في الكويت محصور بالكويتيين ومواطني الخليج حيث يعاملون كالكويتي، وبالتالي فإن من سُحبت منه الجنسية يفقد الصفة القانونية التي كانت تُجيز له التملك، حتى وإن كان العقار قد تم شراؤه من ماله الخاص.
ماذا عن العقارات التابعة للمؤسسة العامة للرعاية السكنية؟
فيما يتعلق بعقارات "السكنية" فإن القانون يشترط أن يكون طالب الرعاية السكنية كويتي الجنسية، وهو ما يعني أن فاقد الجنسية لا يستوفي هذا الشرط الأساسي، وعلى الرغم من عدم صدور قرارات صريحة بسحب الوحدات السكنية، فإن الإجراءات الحكومية الحالية تتجه إلى تجميد التعامل في هذه العقارات حيث تم تعليق عمليات البيع والشراء بل وحتى إصدار شهادات الملكية لها.
وصدر مؤخراً التعميم الإداري رقم (9) لسنة 2025 عن وزارة العدل – إدارة التسجيل العقاري، والذي نصّ على معاملة من سُحبت جنسيتهم وفقاً للمادة الثامنة من قانون الجنسية معاملة المواطنات الكويتيات. إلا أن هذا التعميم، في مضمونه، لا يتضمن أي اعتراف بأحقية التملك العقاري، ولا يُفسر على أنه إعادة منح لحقوق التملك بل يقتصر أثره على بعض الإجراءات الإدارية دون أن يُنشئ مركزاً قانونياً جديداً في ما يتعلق بملكية العقارات.
4 مميزات لـ"توثيق التسجيل العقاري"
أكدت الحشاش أهمية قرار الوزاري رقم (94) لسنة 2025 بشأن توثيق التسجيل العقاري، مشيرة إلى أربع مميزات رئيسية للقرار هي:
1. مكافحة المعاملات الصورية: من خلال الحد من تسجيل عقود بأسعار غير حقيقية مما يسهم في تقليل التهرب من الرسوم والتلاعب في قيمة العقارات.
2. تعزيز الشفافية المالية: من خلال إلزام الأطراف بتقديم إثباتات دفع رسمية يتم تعزيز الشفافية في التعاملات المالية مما يقلل من مخاطر غسل الأموال والأنشطة المالية غير القانونية.
3. حماية حقوق المتعاقدين: حيث يضمن القرار توثيق جميع التفاصيل المالية مما يسهم في حماية حقوق جميع الأطراف وتوفير أدلة قانونية في حال حدوث نزاعات مستقبلية.
4. تحسين دقة السجلات العقارية: حيث يؤدي الالتزام بالإجراءات الجديدة إلى تحسين دقة وموثوقية السجلات العقارية مما يسهل عمليات التخطيط العمراني والتنمية المستدامة.
4 إيجابيات لعودة الضبط والإحضار
قالت الحشاش إن عودة الضبط والإحضار تمثل لحظة تصحيح تشريعي في الكويت تستعيد بها الدولة أدواتها القانونية لحماية الحقوق وتعيد التوازن المفقود في القطاع العقاري.
وحددت أربع ايجابيات لعودة الضبط والاحضار هي:
1. تحفيز السداد الطوعي: مجرد علم المدين بأن أمر الضبط والإحضار عاد كأداة تنفيذية سيدفعه إلى تسوية ديونه أو الدخول في اتفاقيات جدولة.
2. تسريع استرداد الحقوق العقارية: يستطيع المؤجر أو البائع الآن اللجوء لأوامر تنفيذ فعالة لاسترجاع حقوقه بسرعة وهو ما يقلل النزاعات الطويلة.
3. تعزيز ثقة المستثمرين العقاريين: بعودة أدوات الردع يعود التوازن بين الدائن والمدين ما يجعل السوق أكثر أمانًا وجدوى للمستثمرين المحليين والأجانب.
4. تثبيت قيمة العقار كضمان فعلي: فعالية التنفيذ تزيد من قدرة العقار على أداء دوره كضمان مالي في التعاملات البنكية والتمويلية.
0 تعليق