الحياء باب للصوص..!

جريدة عكاظ 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
في مناسبة، كان صاحبها شديد الخجل، وظهرت مطالب متعددة من قبل الضيوف، فلم يمانع من إعطائهم ما طلبوا، لينهض صوت من بين الأصوات المتداخلة:

- ما أُخذ بسيف الحياء فهو حرام!

استمهلت صديقي (حسن أبو نورة) حينما نطق بالمثل السابق؛ كي يعيد ترديده، فهي المرة الأولى التي أسمع فيها ذلك المثل، عدت باحثاً عن القائل، فلم أصل إلى نتيجة سوى أنه قول مأثور.. وأراد البعض مقاربة القول المأثور على ما جاء في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ»، وهي مقاربة ركزت على الجانب المادي، بينما هناك مواقع كثيرة يتم فيها استخدام سيف الحياء...

ولو أردت البدء لتأسيس ما يؤخذ بالحياء، فسوف أبدأ من الخليفة عثمان بن عفان، فكتب السيرة تصفه أنه رجل حيائي، وهذه النوعية يتم استغلال حيائها استغلالاً به (حرمة)، وأستغرب أن جميع الدراسات عن عثمان أو فتنة مقتله لم تشر إلى هذه النقطة، ولو تم التنبه لها لربما أخرجتنا من لوم الخليفة الثالث في تقريبه لأهله وأقاربه، فمن المؤكد أن من تقلّد (من أهل عثمان) مراكز سيادية وتم تأميره إمارة، أو أسند إليه قيادة جيش لم يحدث إلا بسبب الحياء، فلو طلب من ذلك الخليفة العظيم حاجة لما استطاع مجافاة طالبها.

وعبر التأريخ ظلت هذه السمة ملازمة لبعض الناس، ولو تم رصد أي شخصية اتسمت بهذه الصفة فسنجد أن الأخطاء التي يتحملها صاحبها لم تُفعل إلا نتيجة سلب الباطل من الحياء.

وفي حياتنا اليومية كم من (حيائي) يتم سلبه مالاً أو غرضاً أو رأياً، و لا يجد منصفاً يحميه من لصوص (سرقة الحياء)، وإذا أردنا توسيع هذه السرقة، فسنجد كل القرارات التي نجابهها في الوزارات والشركات والمؤسسات هي تذبحنا بسيف الحياء... عندما يقال هذا نظام بينما نحن نعلم أن الموظف متقاعس أو غير مهتم أو يدلس فلا يمنعنا من تصعيد المواقف إلا الحياء.

وعلى مستوى حياتي الخاصة تعرضت لسرقات كثيرة؛ ولأنني حيائي سُرقت من أناس يدعون الثقافة، ويرتدون أردية مثقفين، وهم محترفو سرقة كل من يستحي، وإن كتبت سيرتي الذاتية فلن أجد أفضل من كشف هؤلاء اللصوص.

أخبار ذات صلة

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق