إضاءة في كتاب.. الزعيم الثالث للحركة السنوسية أحمد الشريف السنوسي

العربية 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

د. علي محمد الصّلابي

هذا الكتاب عن سيرة الزعيم الثالث للحركة السنوسية السيد أحمد الشريف السنوسي، فيجد القارئ شيئاً من سيرته في هذا الكتاب الذي يحاول أن يعرِّف أبناء الأمة عموماً، وليبيا خصوصاً؛ بهذا السيد الصنديد، والعالم الجليل، والعابد الخاشع، والمجاهد الشجاع، والمهاجر الحزين بقصته الدعوية، وسيرته الجهادية، وأعماله البطولية؛ سواء ضد فرنسا في تشاد والنيجر ومالي وجنوب الجزائر، عبر الصحراء الكبرى، أو ضد إيطاليا في ليبيا، أو بريطانيا في مصر.

قال الشيخ الطاهر الزاوي في حق الرجل: «فالسيد أحمد رجل صقله العلم، وهذبته العبادة، فعفت نفسه، وكبرت همته، وانكمشت يده عما للناس فيه حق أو شبه حق، وأخلص عمله لله؛ فتولى الله توفيقه، وأطلق ألسنة الناس بمدحه والثناء عليه». وقال فيه شكيب أرسلان: «... فالسيد أحمد الشريف السنوسي هو خاتمة مجاهدي الإسلام إلى هذا الوقت؛ قد سبقه الشيخ شامل الداغستاني الذي قاوم الدولة الروسية أربعين سنة، والأمير عبد القادر الجزائري الذي ناهض فرنسا 17 سنة، وتبعه في الجهاد واقتدى بسيرته محمد عبد الكريم الخطابي الريفي الذي كانت مقاومته قصيرة، ولكنها عريضة توافق فيها دولتا فرنسا وإسبانيا معاً وجهاً لوجه، وزلزلتا في حربه زلزالاً شديداً، ولولا السيد أحمد الشريف رحمه الله لكانت إيطاليا استصفت قطري طرابلس وبرقة من الشهر الأول...».وقال أيضاً: «.. ولم يكن في قلبه شيء من الدنيا بجانب الاخرة، وكان جميع حطام هذا العالم الفاني لا يوازي عنده جناح بعوضة في جانب الواجب الإسلامي، وهذا الرجل هو السيد السنوسي الكبير؛ الذي لولاه لم يكن أنور قدر أن يعمل شيئاً، ولا كانت الدولة العثمانية قدرت أن تدافع عن طرابلس شهراً واحداً، وما كان المرحوم الشهيد البطل الفريد عمر المختار إلا حسنة من حسنات السيد أحمد الشريف، وقائداً من قواده...».
وقال أيضاً: «... إن السيد أحمد الشريف هو بنفسه أمة، وإن سيرة أحمد الشريف هي بذاتها تاريخ، وإن كل من عرف عن كثب ذلك السيد الغطريف علم من أخلاقه وورعه وحلمه وعلمه وزهده في الدنيا، وحبه لمعالي الأمور وعزوفه عن سفاسفها، ومواساته للفقراء وحنانه على الضعفاء، وشدته مع ذلك في الدين، وانحصار كل همومه في استتباب أمر المسلمين، ومحافظته على الفرائض والسنن، وغير ذلك من الأخلاق العالية، والهمم الشماء، والمنازل القعساء، ما يذكر بأخلاق الصحابة الكرام، بل يشبه من أخلاق الخلفاء الراشدين العظام..».
وقال في حقه أيضاً: «... ولم يكن للسيد غرام في الدنيا إلا بأمر هذه الأمة، ولما سألته عند اجتماعنا في مكة عن أولاده الذين تركهم أطفالاً؟ أجابني: قد صاروا الآن رجالاً، وما أنا بمفكر في أمرهم؛ إنما يهمني أمر هذه الأمة المعذبة في طرابلس، وكان في قلبه من أمر طرابلس ما لا يعلمه إلا الله، ولكنه كان في إيمانه في ثبات الجبال، وكان يرى في هذه المصائب مقدمات يقظة الإسلام...».
وقال عنه أنور باشا القائد التركي المشهور في جهاده ببرقة: «... رسائله تشكل بصورة واضحة أهمية كبيرة بالنسبة لي كرمز للصداقة؛ لأنه الشخص الوحيد الذي يتمتع بتأثير سلبي أو إيجابي في هذه الحرب...».
في هذا الكتاب سيجد القارئ ما قاله المؤرخون في حق أحمد الشريف، وهل هو صواب أم خطأ؟ ويجد إجابات لكثير من الأسئلة المتعلقة بسيرته: كيف تولى أحمد الشريف زعامة الحركة السنوسية؟ وهل خاض بنفسه الحروب ضد فرنسا؟ ومن هم القادة الذين كانوا معه؟ وما موقفه من الغزو الإيطالي؟ وهل وقف مع الأتراك ضد الغزو؟ وهل وافق على الصلح الذي تم بين تركيا وإيطالية؟ وما موقف الزوايا السنوسية من الاحتلال الإيطالي؟ وهل تفاعل العالم الإسلامي مع جهاد ليبيا؟ وهل دخول أحمد الشريف في حرب بريطانيا في الأراضي المصرية كان صحيحاً من الناحية العسكرية والسياسية؟ وما أسباب هزيمة أحمد الشريف أمام بريطانيا في الجبهة الشرقية؟ وما حقيقة الخلاف بين إدريس السنوسي، وأحمد الشريف؟ وما آثار حملته ضد بريطانيا على حركة الجهاد؟ وما الأسباب الرئيسية في سفره إلى تركيا؟ كيف ومتى وصل إلى تركيا؟ وما موقفه من مصطفى كمال؟ وهل عرض عليه مصطفى كمال منصب نيابة الخليفة؟ وهل شارك في جهاد الأتراك ضد اليونان؟ ولماذا طرده مصطفى كمال من تركيا؟ وإلى أين هاجر؟ وكيف كان استقبال الملك عبد العزيز آل سعود له؟ ومتى توفي؟

أسئلة كثيرة
لقد وفقني الله تعالى للجمع والترتيب والتحليل، فإن كان خيراً، فمن الله وحده، وإن أخطأت السبيل فإني عنه راجع إن تبين لي ذلك، والمجال مفتوح للنقد، والرد والتعليق، والتوجيه، كما أقرر بأنني قد استفدت كثيراً من الجهود التي سبقتني، ككتاب (الحركة الوطنية في شرق ليبيا خلال الحرب العالمية الأولى) لمصطفى علي هويدي، و(جهاد الأبطال)، للشيخ طاهر الزاوي، و(حركة الجامعة الإسلامية)، لأحمد فهد الشوابكة، و(الغزو الإيطالي لليبيا) لعبد المنصف البوري، و(تاريخ ليبيا المعاصر) لمحمود عامر، و(حروب البلقان) لعايض الروقي، و(برقة العربية) لمحمد الطيب الأشهب، و(المهدي السنوسي) لمحمد الطيب الأشهب، و(الحركة السنوسية) للدجاني، و(الفوائد الجلية في تاريخ العائلة السنوسية) لعبد القادر بن علي، وغيرها من الكتب.
وقد دونت ما اختصرته من مباحث، وأشرت إليه في هامش الكتاب للأمانة العلمية، واعترافاً بجهود الذين سبقوا، كما أنني انتهجت منهجاً دعويّاً تاريخيّاً يعتمد على توسيع النقاط البيضاء المشرقة، وتضييق النقاط السوداء المظلمة، مساهمة مني في علاج الهزيمة النفسية التي يمر بها شعبنا المظلوم، ومتضرعاً لله تعالى الحي القيوم أن يحيي شعبنا وأمتنا بالإيمان والقرآن، وسنة سيد الخلق أجمعين.

أبطال الذود عن الإسلام
إن هاتين السيرتين العطرتين تبينان لمسلمي ليبيا، أن من أصلاب أجدادهم خرج مثل هؤلاء الأبطال، وعاشوا للذود عن الإسلام ونشره بين الأنام، وبذلوا الأنفس والأموال، والغالي والثمين من أجل دينهم وعقيدتهم وإسلامهم، كما تعطيان الأمل في نفوس دعاة شعبنا بأن شجرة الإسلام الزكية الضاربة بجذورها في شعبنا من زمن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه لكفيلة بأن تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.
هذا وقد قمت بتقسيم الجزء الثاني من الكتاب السابع في السلسلة التاريخية إلى مقدمة، وفصلين، وخلاصة، وهي كالاتي:
الفصل الأول: محمد المهدي، ويشتمل على ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: اسمه، وولادته، وشيوخه، ومبايعته، ومواقفه.
المبحث الثاني: موقف محمد المهدي السنوسي والليبيين من الدولة العثمانية وفكرة الجامعة الإسلامية.
المبحث الثالث: رحلة المهدي السنوسي إلى الكَفْرَة وقرو.
الفصل الثاني: الزعيم الثالث للحركة السنوسية: أحمد الشريف، ويشتمل على ستة مباحث:
المبحث الأول: ولادته وتربيته وشيوخه.
المبحث الثاني: تولي قيادة الحركة.
المبحث الثالث: الغزو الإيطالي.
المبحث الرابع: الجهاد في برقة.
المبحث الخامس: الحرب العالمية الأولى.
المبحث السادس: وصول أحمد الشريف إلى تركيا.
ثم الخلاصة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق