القضاء تحت المجهر...

24 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

الجهات العليا مستاءة من بطء المجلس الأعلى في الرد على الاقتراحات

  • المرحلة تستوجب الحسم قبل يونيو والرقابة الشديدة لن تسمح بأي خلل
  • الكويت عانت من حالة مرضية لسنوات عدة وهناك جرائم مسيئة دولياً لم يُبتّ فيها
  • قوانين حماية حقوق الإنسان لا تقبل الجدل ووُضعت على نار حامية
  • تباطؤ حركة الإصلاح التشريعي يمكن أن يسبب أضراراً بليغة للكويت
  • الكويت تحت مجهر مؤسسات دولية تتربص بها فيما يتعلق بجملة من القوانين
  • وزير العدل يقود ورشة ضخمة للإصلاح تتطلب في الحد الأدنى مد يد العون لمساعدته
  • الوزير ورث تركة ثقيلة عن أسلافه الذين آثروا ترك الأمور على طمام المرحوم
  • الإصلاح مطلوب بأقصى سرعة ومهما كلف الثمن لأن الزمن لا ينتظر

في السادس عشر من مارس الماضي، زار سمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد المجلس الأعلى للقضاء، في زيارة اكتسبت "أهمية خاصة واستثنائية"، بدت واضحة وجلية لكل ذي بصر وبصيرة.

ففيما أكد سموه قناعته بأن القضاء ركيزة تحقيق العدل، وأعرب عن فخره بالقضاء الكويتي النزيه، وبما يتميز به من مهنية وكفاءة في حفظ الحقوق وإعلاء العدل، لم تخلُ الكلمة التي وجهها سموه خلال اللقاء مما وصفها بأنها "بعض الأمور والمسائل التي تمس العدالة، وتوقع الشك والحيرة في منظومة بعض الأحكام".

وأشار سموه بوضوح إلى "صدور أحكام متعارضة ومتناقضة فيما بينها، فقاضٍ يأتي بحكم، ويقوم قاض آخر بنقض هذا الحكم، مع تشابه القضايا في الوقائع والحيثيات كافة دون زيادة أو نقصان فيها، ما يثير الشك والريبة في الأحكام".

وأكد أن "الفزعة في إصدار أحكام القضاء لنصرة الباطل وتصفية الحسابات وتحقيق المصالح الشخصية على حساب نصرة المظلوم تعد أموراً تكرس العصبية والحمية الجاهلية، وتهدد مصالح البلاد والعباد".

ومن باب حرص سموه على نزاهة مرفق القضاء، "باعتباره الملجأ والملاذ الأخير للجميع لصون الحقوق والحريات"، وجّه سمو الأمير أعضاء السلطة القضائية إلى "أمر ورجاء واعتبار".

وأوضح أن الأمر هو "سرعة تكويت القضاء والوظائف المساندة، وأما الرجاء، فسرعة البت في الخصومة وفصل الخطاب، وعدم رفع الجلسات لأبسط الأسباب، وأما الاعتبار، فجعل مصلحة الكويت ونصرة المظلوم وتحقيق العدالة وتجنب تعارض الأحكام المتشابهة في الوقائع والحيثيات فوق كل اعتبار".

وأمر سموه ـ بوضوح ـ بإيجاد تشريعات تطور العمل القضائي، وأنظمة تسهل إجراءاته، لتسريع البت في القضايا، وعدم تكديسها وتأخيرها.

ورغم مرور شهر تقريباً على اللقاء والخطاب السامي، وحتى رغم مسارعة المجلس الأعلى للقضاء إلى عقد جلسة خاصة خلال أقل من 48 ساعة من اللقاء، أعلن بعدها "التزامه تنفيذ كل الأوامر والتوجيهات الواردة في الكلمة السامية"، إلا أن "شيئا لم يحدث"، فلا تزال الأمور تراوح مكانها، ولم تخرج عن إطار "الوعود والتعهدات".

وفقاً لمصادر عليمة، فإن أوساط وزير العدل منزعجة مما وصفته بـ"تأخر مجلس القضاء الأعلى في الرد على رسائل الوزارة بشأن تعديل القوانين، وتحديثها بما يخدم الكويت عالمياً".

وقالت: "إن مجلس القضاء الأعلى له مكانته، وأهميته، وهي بلا شك محل تقدير واحترام الجميع، لكن البطء في الرد على الاقتراحات يعطل حركة الإصلاح القانوني والتشريعي، على نحو يخشى معه أن يسبب أضرارا بليغة للكويت؛ إن طال التأخير أكثر من ذلك، فالكويت تحت مجهر العديد من المؤسسات الدولية فيما يتعلق بجملة من القوانين ذات الصلة بمكافحة الإرهاب وغسل الأموال، وحقوق الإنسان وبعض الإجراءات المدنية والجنائية، خصوصاً أن بعض هذه المؤسسات تسعى إلى تصفية حسابات مع الكويت على خلفية مواقفها العربية والإقليمية".

ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن إصلاح القضاء موضع رقابة حثيثة من أعلى الجهات في الدولة، وثمة الكثير من العمل والجهد الذي يبذله وزير العدل في هذا الشأن، لأن المرحلة المقبلة تستوجب إصدار حزمة من القوانين وإجراء مثلها من التعديلات التشريعية، قبل يونيو المقبل، الذي سيشهد مراجعات في أكثر من محفل دولي لسد الثغرات التي يمكن للمجرمين الهروب من خلالها، وإصلاح ما ينتقد دولياً في مسار تطبيق القوانين الكويتية.

وتؤكد تلك المصادر أن إجراءات الوزير وثورته القانونية تحت مجهر الجهات العليا التي ترى الإسراع في متطلبات هذه المرحلة بعهدها الجديد.

وشددت على الحاجة إلى "نفضة حقيقية على التشريعات التي بني بعضها على مصالح خاصة لمتنفذين، أو نواب في مجالس سابقة، أو سُلقت سلقاً، وتسببت في إساءة إلى صورة الكويت في العالم، مؤكدة أن التوجيهات العليا بالمسارعة في الإصلاح التشريعي هي الشغل الشاغل لوزير العدل حاليا".

نعم، عانت الكويت في السنوات الأخيرة الماضية، بل العقود الماضية، من حالة مرضية، وقد تفاقمت حين زحفت بعض المؤسسات الدستورية، المعطلة حالياً على صلاحيات الحكومة، وهو ما جعلها، في نظر العالم، غير قادرة على الحركة باتجاه التطور، لذا أمرت الجهات العليا بسرعة الإصلاح، ومهما كلف الثمن، لأن الزمن لا ينتظر، بينما البلاد تراوح مكانها.

وفي هذا، وضعت قوانين غسل الأموال، وحقوق الإنسان، وكل ما يمكن أن يسيء إلى صورة الدولة على نار حامية، كي تكون "منسجمة مع متطلبات العصر، من جهة، ومن جهة أخرى ترمم صورة الدولة عالمياً، خصوصاً مع هروب بعض سارقي المال إلى الخارج، وعدم وجود تطبيق أمين للاتفاقات الدولية".

لهذا، كشفت المصادر عن أن "الرقابة الشديدة في هذا المجال لن تسمح بأي خلل"، في المقابل رأت أن "بعض الاستشارات كانت في غير محلها، أو ناقصة، ورغم أنها غير ملزمة لكن عُمل بها، ما تسبب في عوائق جديدة أمام تحديث القوانين، خصوصاً أن هناك من لا يفهم تركيبة المجتمع الكويتي، وثقافته الاجتماعية، كان له دور كبير في ذلك".

في هذا السياق، قالت المصادر: "إن تكويت القضاء كان خطوة موفقة، لأن القيادة السياسية، تسعى إلى توطين المرافق المهمة في البلاد، والقضاء هو العمود الفقري، بل هو العقل البارد لأي تطوير".

وأضافت: "إن عدم توطين مؤسسات القضاء، كان محل استياء كبير في مطبخ القرار، فالآراء كانت غير ملتزمة المعايير الأساسية الدولية، من جهة، ومن أخرى، كانت فيها ثغرات يمكن من خلالها نسف أي أحكام تصدر عن المحاكم، وهو ما أشار إليه صاحب السمو في كلمته أمام مجلس القضاء الأعلى، خصوصاً عن تعارض الأحكام وتشابه الحيثيات".

فيما ألمحت في هذا الشأن "إلى ما قاله صاحب السمو الأمير خلال زياراته مؤسسات الدولة، وقطاعاتها، في شهر رمضان الماضي، كي تنطلق الورشة بكل جدية، من دون أي مبررات، أو تلكؤ".

وأشارت إلى أن وزير العدل المستشار ناصر السميط أراد "الخروج عن المألوف، وعدم مجاراة الوزراء السابقين السبعة الذين مروا على الوزارة في السنوات الماضية وتركوا الأمور على ما هي عليه، فلم يبادروا إلى الإصلاح كما ينبغي، ولم يبذلوا أي جهد إما لخوفهم من المساءلة البرلمانية، أو لحاجة في نفس يعقوب، ما أبقى الوضع على طمام المرحوم"، مؤكدة أن الوزير يقود ورشة ضخمة للإصلاح التشريعي، تتطلب في الحد الأدنى مد يد العون لمساعدته في تنفيذ التوجيهات السامية.

القضاء تحت المجهر...
play icon

وزير العدل ناصر السميط

وقالت المصادر: "إن من يتعامل مع وزير العدل يلاحظ قنوطه من التركة التي وجدها أمامه، ومن الفترة الزمنية المتبقية حتى شهر يونيو المقبل، لا سيما أن هناك أسئلة كثيرة وجهت إلى الكويت من أوساط دولية".

وأضافت: "صحيح أن ورشة تعديل القوانين كبيرة، ومعقدة في الوقت نفسه، وأن بعضها يحتاج إلى السرعة، لكن عدم التسرع، إلا أن هذا لا يمنع من السير في تعديل قوانين جرائم كثيرة، لمكافحة الفساد والنهب من المال العام، وكذلك الجرائم الكبرى، لا سيما تبادل المجرمين".

كذلك أشارت المصادر إلى "انسجام القوانين المحلية مع الدولية بخصوص الشيكات من دون رصيد، والقضايا المدنية المالية"، وفي هذا الأمر قالت: "من المعروف أن المسألة ليست كما يتصور البعض، أو تلك التي سادت بين العامة في شأن الضبط والإحضار، لأنه بالفعل الغرم على المفرط، فهذا ما تعمل به معظم الدول، فالمؤسسات، القضائية والأمنية، وغيرها ليست محصلاً للدائن من غير ضمانات كافية".

في هذا الجو، رغبت الجهات العليا في تطوير مرفق القضاء كهدف أسمى، وقالت الأوساط المطلعة: "إن تكويت القضاء ركن أساسي بل حجر الزاوية في عملية الإصلاح، وهناك حلول وضعت في هذا الشأن، وأشار إليها وزير العدل، وهي تحت مجهر القيادة".

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق