منعت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأحد، آلاف المسيحيين الفلسطينيين من الضفة الغربية من الوصول إلى مدينة القدس المحتلة، للمشاركة في احتفالات "أحد الشعانين"، الذي يُحييه المسيحيون الشرقيون والغربيون كذكرى لدخول السيد المسيح إلى القدس قبل عيد الفصح.
وشددت سلطات الاحتلال من إجراءاتها العسكرية على الحواجز المحيطة بمدينة القدس، خاصة في محيط البلدة القديمة، في محاولة لعرقلة وصول المشاركين إلى كنيسة القيامة والأماكن المقدسة، وذلك ضمن سياسة ممنهجة تستهدف الحد من حرية العبادة والتنقل للفلسطينيين، سواء مسلمين أو مسيحيين.
قيود إسرائيلية مشددة على التصاريح والحركة
وأوضحت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، أن السلطات الإسرائيلية تشترط استصدار تصاريح خاصة للفلسطينيين من أجل دخول مدينة القدس المحتلة، سواء للصلاة في المسجد الأقصى أو كنيسة القيامة، وهو ما يتطلب اجتياز فحص أمني إسرائيلي صارم، إلى جانب تحميل تطبيق خاص على الهواتف الذكية لتقديم الطلب، وغالبًا ما يتم رفض منح التصاريح دون إبداء أسباب واضحة.
وفي هذا السياق، صرّح الأب إبراهيم فلتس، نائب الرئيس العام لحراسة الأرض المقدسة، بأن الاحتلال "أصدر فقط 6 آلاف تصريح للمسيحيين من محافظات الضفة الغربية، رغم أن عددهم يُقدر بنحو 50 ألفًا".
وأكد أن هذه السياسة تحرم الآلاف من ممارسة شعائرهم الدينية بحرية، للعام الثاني على التوالي.
الكنائس تواصل صلواتها رغم القيود
ورغم الإجراءات القمعية والقيود المشددة، أقيمت الصلوات الخاصة بأحد الشعانين في كنيسة القيامة، وانطلقت مسيرة الشعانين التقليدية للكنيسة الكاثوليكية من كنيسة بيت فاجي وصولًا إلى كنيسة القديسة حنة "الصلاحية" داخل أسوار البلدة القديمة.
وأكد الأب فلتس أن الكنائس في القدس وجميع الأراضي الفلسطينية تكتفي هذا العام بالصلوات والقداسات فقط، دون مظاهر احتفالية، بسبب العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر، مشيرًا إلى أن الكنائس سترفع صلواتها من أجل تحقيق السلام والعدل والحرية لكل أبناء الأرض المقدسة.
صلوات في مختلف المحافظات رغم التضييقات
وفي ظل المنع الإسرائيلي، أقيمت قداديس وصلوات أحد الشعانين في مختلف الكنائس المسيحية في محافظات بيت لحم، وأريحا، ورام الله، ونابلس، وجنين، حيث شهدت هذه المدن صلوات خاشعة وسط غياب الاحتفالات المعتادة.
أما في مدينة غزة، التي تعاني من قصف إسرائيلي متواصل وظروف إنسانية قاسية، فقد أقيمت الصلوات في كنيسة العائلة المقدسة للاتين وكنيسة القديس برفيريوس للروم الأرثوذكس، في مشهد مؤثر يعكس تمسك الفلسطينيين بإيمانهم وأرضهم في وجه العدوان والحرمان.
تضييق مستمر على حرية العبادة
وتؤكد هذه الإجراءات أن الاحتلال الإسرائيلي يواصل انتهاكاته لحرية العبادة وحقوق الإنسان، باستخدام التصاريح كأداة للسيطرة على الحياة الدينية والاجتماعية للفلسطينيين، مما يُمثل خرقًا واضحًا للقوانين الدولية التي تكفل حرية الدين والمعتقد والتنقل.
ويأتي هذا في ظل صمت دولي مستمر تجاه الانتهاكات الإسرائيلية، في وقت تستمر فيه معاناة الفلسطينيين، مسلمين ومسيحيين، تحت نير الاحتلال، وهم يواجهون سياسات التمييز، والحصار، والتنكيل الممنهج.
0 تعليق