رسالة من طهران في 28 مارس رجّحت خيار التفاوض
عرقل الرئيس الاميركي دونالد ترامب خطة اسرائيلية بشنّ ضربة عسكرية على منشآت نووية إيرانية خلال شهر مايو المقبل، حسب ما كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الاميركية أمس، كانت تستهدف تعطيل البرنامج النووي لطهران لفترة تصل الى عام أو أكثر، غير انها كانت تعتمد بشكل كبير على الدعم الاميركي لضمان نجاح الضربة واحتواء الرد الايراني المتوقع.
وقالت الصحيفة إن الرئيس دونالد ترامب فضل خيار الانخراط في مفاوضات مباشرة مع طهران بهدف التوصل إلى اتفاق يضع قيودًا على برنامجها النووي،حسب ما نقله مسؤولون أميركيون ومطلعون على المحادثات للصحيفة الاميركية واسعة الانتشار.
وأعدت اسرائيل خطة تتضمن تنفيذ عملية كوماندوز تستهدف منشآت نووية محصنة تحت الأرض، تتبعها موجة من الغارات الجوية الا أن الجيش الإسرائيلي أبلغ قيادته أن وحدة الكوماندوز الخاصة لن تكون جاهزة للتنفيذ قبل أكتوبر، في حين كان نتنياهو يضغط لتنفيذ العملية في مايو، وهذا ما دفع باتجاه تعديل الخطة لتصبح حملة قصف موسعة، غير أن تنفيذها كان يتطلب دعمًا لوجستيًا وعسكريًا أميركيًا واسعًا، لا سيما في مجال الدفاع الجوي ومواجهة الرد الإيراني المحتمل.
واضافت الصحيفة أن القرار بعدم المضي قدمًا في دعم الخطة الإسرائيلية جاء بعد أشهر من النقاشات الحادة داخل إدارة ترامب، حيث انقسم فريقه بين من يؤيدون الخيار العسكري باعتباره حلاً رادعًا، وآخرون حذروا من أن الهجوم قد لا يؤدي إلا إلى تصعيد واسع في المنطقة دون أن يحقق هدف تدمير القدرات النووية الإيرانية بشكل نهائي.
وأفادت الصحيفة أن ترامب استقر في نهاية المطاف على السعي نحو مسار تفاوضي، مستندًا إلى مؤشرات على استعداد طهران للانخراط في محادثات غير مباشرة.
وكان اللقاء الذي جمعه مؤخرًا برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن مناسبة لإبلاغ الأخير بقراره هذا، حيث أكّد له أن الولايات المتحدة بدأت بالفعل حوارًا أوليًا مع إيران في سلطنة عمان، واصفة الجولة الأولى من المحادثات بأنها ‹إيجابية› و›بناءة›.
تحولات ترامب
وأوضحت الصحيفة أن ترامب كان تبنّى نهجًا متشددًا حيال إيران خلال ولايته الأولى، أبرز تجلياته اغتيال الجنرال قاسم سليماني قائد فيلق القدس، إلا ان التقديرات الاستخباراتية الأخيرة التي قدمتها مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد أشارت إلى أن الدخول في صراع واسع مع إيران قد يكون مكلفًا وغير مضمون النتائج، ما عزز الموقف القائل بضرورة منح المسار الديبلوماسي فرصة جديدة.
وتزامن هذا التغيير مع تلقي إدارة ترامب إشارات من طهران، تفيد بانفتاحها على محادثات غير مباشرة، بلغت ذروتها برسالة من مسؤول إيراني رفيع في 28 مارس، أبدى فيها استعداد بلاده للحوار، قبل أن ينخرط البلدان بشكل فعلي في جولة حوار غير مباشرة في عمان.
لقاءات حاسمة ورسائل متبادلة
في ظل هذه الأجواء، أوفد ترامب مدير وكالة الاستخبارات المركزية جون راتكليف إلى القدس للقاء نتنياهو ورئيس الموساد دافيد برنياع، لبحث الخيارات المطروحة بين الضربة العسكرية والمفاوضات وفرض العقوبات والعمليات السرية.
ورغم أن ترامب أكد لنتنياهو أن ‹الخيار العسكري لا يزال مطروحًا›، إلا أنه أوضح بجلاء أن أي عملية إسرائيلية لن تحظى بالدعم الأميركي طالما استمرت المفاوضات مع إيران.
خيار صعب
رفض ترامب دعم الهجوم ترك إسرائيل أمام معضلة ستراتيجية، لا سيما أن نجاح أي ضربة يعتمد على استخدام قنابل خارقة للتحصينات لا تملكها سوى الولايات المتحدة.
وقد عبّر نتنياهو صراحة عن ضرورة أن يتضمن أي اتفاق مستقبلي الحق في ‹تفجير المنشآت النووية الإيرانية وتفكيكها تحت إشراف أميركي مباشر›.
ورغم التوتر، أكد المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، بريان هيوز، أن ‹الفريق الأمني بالكامل ملتزم بسياسة ترامب تجاه إيران›، وأن ‹كل الخيارات مطروحة›، في رسالة توحي بأن التلويح بالقوة لا يزال قائمًا، وإن كان الخيار الدبلوماسي هو المفضل حاليًا.
مآلات
ويُنظر إلى قرار ترامب على أنه محاولة لمنع انزلاق بلاده إلى حرب شاملة في منطقة مشتعلة أصلًا، إلا أن مراقبين يرون أن هذا القرار قد يُضعف ثقة إسرائيل بالضمانات الأميركية ويعزز الميل نحو العمل الأحادي.
وفي المقابل، فإن الانخراط في مفاوضات مع إيران يطرح تحديات جديدة، أبرزها قدرة طهران على المناورة والمماطلة في المفاوضات، في وقت تواصل فيه تطوير برنامجها النووي بشكل متسارع، بحسب تقارير استخباراتية غربية.
وأثار القرار تساؤلات حول مدى قدرة ترامب إقناع طهران باتفاق جديد يعيد ضبط العقارب النووية دون أن يُنظر إليه كتنازل، إضافة إلى مصير الضربة المؤجلة وإمكانية عودتها إلى الطاولة حال فشلت المفاوضات.
0 تعليق